مى سمير تكتب: فضيحة أمريكية جديدة.. أساليب تعذيب جوانتانامو والمخابرات المركزية تنتشر فى السجون الأمريكية

مقالات الرأي



كشف عنها هروب سجينين

■ 60 سجينًا يتقدمون بشكوى بتعرضهم للتعذيب على يد الضباط ■ تقييد السجناء وإيهاهم بالغرق وعزلهم على طريقة معاملة الإرهابيين انتشر فى أكثر من سجن

فتح هروب اثنين من المساجين الأمريكان ملف التعذيب داخل السجون الأمريكية، وبدت عملية الهروب لاثنين من القتلة وكأنها حلقة أولى من مسلسل طويل عن ممارسات التعذيب التى تتبناها الشرطة الأمريكية. بحسب تقرير لموقع «ذا انترسبيت» الأمريكى الشهير تقدم أكثر من 60 مسجونًا فى إصلاحية كلينتون بنيويورك بشكوى رسمية تفيد تعرضهم لسوء المعاملة والتعذيب من قبل حراس السجن، وذلك فى أعقاب هروب اثنين من القتلة الذى صدر ضدهما حكم بالسجن.

نقلا عن تقرير لجريدة نيويورك تايمز أشار الموقع إلى أن المساجين أكدوا أن ضباط السجن اعتادوا استجوابهم باستخدام أساليب عنيفة مثل الضرب، ووضعهم فى حبس انفرادى دون سبب، وقد أكد أحد المساجين تعرضه للضرب المبرح على الرأس مع التهديد باستخدام أسلوب الإيهام بالغرق الشهير كأحد أهم أساليب المخابرات المركزية الأمريكية فى استجواب وتعذيب المشتبه فى تورطهم فى أعمال إرهابية.

وكانت جريدة نيويورك تايمز قد نشرت تقريرًا مفصلا عن عمليات التعذيب داخل إصلاحية كلينتون تحت عنوان «بعد هرب اثنين من القتلة، المساجين يؤكدون الضرب قادم». التقت الجريدة عددًا من المساجين الذين قدموا إفادتهم حول عمليات التعذيب التى يتعرضون لها. أحد المساجين أشار أنه فى مساء أحد الليالى وبعد خلود أغلب المساجين للنوم اتجه عدد من ضباط السجن واصطحبوه لاستجوابه. أكد السجين الذى يدعى باتريك ألكسندر أن عملية الاستجواب كانت عبارة عن ضرب مستمر حيث قام ثلاثة من الحراس بضرب رأسه فى الحائط وأخذوا يطرحون عليه أسئلة بشأن السجناء الهاربين.

وأضافت النيويورك تايمز أن المساجين فى إصلاحية كلينتون يتعرضون لسوء المعاملة التى سوف تزداد معدلاتها فى أعقاب عملية الهروب بسبب رغبة القائمين على الإصلاحية فى معرفة كيف هرب السجناء وإلى أين اتجهوا. يضيف التقرير أن عمليات استجواب المساجين تتضمن الضرب والخنق والتقييد.

إلى جانب الشكوى التى تقدم بها 60 مسجونًا فى إصلاحية كلينتون إلى إدارة الخدمات القانونية للمساجين فى نيويورك والتى تفيد بتعرضهم للتعذيب، قام 10 سجناء بتوقيع خطاب فى الشهر الماضى إلى إدارة السجن طالبوا فيه بوقف عمليات التعذيب داخل السجن. تضمنت إحدى الشكاوى إشارة إلى أحد حراس السجن الذى يعرف باسم «كابتن أمريكا» بسبب التاتو الضخم لعلم الولايات المتحدة الذى يعتلى ذراعه، اعتاد هذا الحارس استخدام أساليب التعذيب المختلفة فى استجواب المساجين مثل تغطية وجه المساجين بكيس من البلاستيك والضغط عليه إلى أن يفقد المسجون وعيه أو وضع المسجون فى سجن انفرادى لمدة تزيد على الثلاثة أسابيع والتخلص من كل متعلقاته الشخصية بما فى ذلك صور عائلته وخاتم زواجه.

اعتبر المدافعون عن حقوق الإنسان فى الولايات المتحدة أن استخدام التعذيب ضد المساجين تخطى فكرة استخدامه ضد المشتبه فى تورطهم فى أعمال إرهابية أو استخدامه داخل سجون تقع خارج الحدود الأمريكية. بحسب رون ستيف المدير التنفيذى للحملة الوطنية الدينية ضد التعذيب، أصبح التعذيب، بمثابة أسلوب عمل معتاد داخل السجون الأمريكية ويستخدم ضد مواطنين أمريكان.

ودعى ستيف فى تصريح له لموقع «ذا انتر سبيت» فتح باب التحقيق حول انتهاكات حقوق الإنسان واستخدام أساليب التعذيب المختلفة داخل السجون الأمريكية على غرار التحقيق الذى أجراه الكونجرس الأمريكى بشأن الممارسات اللا إنسانية للمخابرات المركزية الأمريكية ضد المشتبه فى تورطهم فى أعمال إرهابية.

1- قضايا ضد السجون

وأشار الموقع الأمريكى «ذا انترسبيت» إلى القضايا التى رفعها الاتحاد الأمريكى للحريات المدنية ضد العديد من السجون الأمريكية بتهمة سوء معاملة المساجين بما فى ذلك الضرب المبرح وكذلك عدم توفير الرعاية الصحية اللازمة للعديد من المساجين. وتكشف هذه القضية عن الوجه القبيح والحقيقى للإدارة الأمريكية.

تحمل أوراق القضايا التى رفعها الاتحاد الأمريكى للحريات المدنية ضد السجون الكثير من التفاصيل حول الأوضاع داخل السجون الأمريكية. على سبيل المثال قام الاتحاد برفع قضية ولاية ألاباما بالنيابة عن جميع المساجين المصابين بمرض نقص المناعة المكتسب، حيث تم اتهام السجون فى ولاية ألاباما بممارسة التمييز العنصرى ضد هؤلاء المساجين وحرمانهم من جميع أنشطة إعادة التأهيل للمجتمع، وقد حكمت المحكمة لصالح المدعين ونص الحكم على قيام إدارة السجون بدفع 1.3 مليون دولار أتعاب محاماة.

ويشير نفس التقرير إلى أن اتحاد الحريات المدنية رفع قضية فى 2012 ضد ولاية أريزونا بالنيابة عن 34 ألف مسجون بسبب سوء الرعاية الصحية. وأشارت أوراق القضية إلى أن المساجين الذين يعانون من مشاكل نفسية تم عزلهم فى ظروف وأجواء أسفرت عن تدهور حالتهم النفسية والصحية. وكانت المحكمة قد رفضت الطلب الذى تقدمت به الحكومة من أجل إغلاق ملف القضية. فى عام 2008، رفع الاتحاد قضية ضد سجن مقاطعة ماريكوبا فى فينكس، والذى يعد واحدًا من أكبر السجون فى الولايات المتحدة الأمريكية. وقد وجدت المحكمة أن مسئول السجن والضباط العاملين معه قد عرضوا المعتقلين إلى الاكتظاظ غير الدستورى كما تم حرمانهم من حقوقهم فى التغذية الصحية المناسبة والصرف الصحى والرعاية الصحية الطبية الكافية، وحكمت المحكمة لصالح المدعين وقضت بتغريم المقاطعة وإدارة السجن 1.2 مليون دولار أتعاب المحاماة.

2- وجبة تعذيب

فى سبتمبر 2013، رفع الاتحاد قضية ضد سجن مقاطعة مونتيرى فى شمال كاليفورنيا، وتضمنت أوراق القضية اتهامات بشأن استخدام الضباط للعنف ضد المساجين، وكان السجن قد شهد فى العام الذى سبق رفع القضية ما يقرب من 150 حالة اعتداء على السجناء، كما أشارت أوراق القضية إلى أن السجن لا يوفر الرعاية الصحية الملائمة بالإضافة أن معدل الانتحار ما بين المساجين يعادل ثلاثة أضعاف معدل الانتحار فى الولايات المتحدة.

كما كشف التقرير عن سوء المعاملة التى يتعرض لها المهاجرون داخل السجون التابعة لإدارة الهجرة حيث يتم عزلهم ولا يسمح لهم بإجراء مكالمات تليفونية أو الحصول على المشورة القانونية اللازمة حيث يتم منعهم من توكيل محامى أو التشاور مع المحام أو الإعداد والتحضير لقضاياهم. كما عكست القضية التى تم رفعها ضد سجن مقاطعة بروارد مدى انتشار انتهاكات حقوق الإنسان داخل السجون الأمريكية، حيث أشارت أوراق القضية إلى استخدام الضباط للقوة المفرطة فى التعامل مع المساجين، اللجوء لعقوبات تأديبية تمثل انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، إلى جانب اللجوء لتقييد المساجين دون أن يتم تسجيل ذلك أو توثيقه إلى جانب عدم توفير الرعاية الصحية خاصة للمساجين أصحاب الأمراض النفسية أو العقلية.

3- اضطهاد السجينات

ولا تقتصر المعاملة السيئة للمساجين فى الولايات المتحدة الأمريكية على المساجين من الرجال فقط ولكن تمتد الإساءة وسوء المعاملة إلى السجينات أيضا. فى قضية يعود تاريخها إلى عام 2002، اتهم اتحاد الحريات المدنية سجن مقاطة بالتيمور التابع لولاية ماريلاند بعدم توفير ظروف آدمية للسجينات فى ظل عدم توفير التهوية اللازمة للزنزانات مما أدى لتعرض حياة عدد من السجينات للخطر بسبب الارتفاع الشديد فى درجات الحرارة. كما حمل عام 2006 أشهر قضية رفعها الاتحاد ضد أحد السجون الأمريكية بسبب سوء معاملة السجينات. فى هذا العام رفع الاتحاد قضية بالنيابة عن 700 سجينة ضد سجن تايشيداه فى ولاية ويسكونسن، وأشارت أوراق القضية إلى أن نظام السجون فى الدول وضع بشكل روتينى حياة السجينات فى خطر بسبب النقص الصارخ فى الرعاية الصحية والرعاية النفسية. والمثير للدهشة أن أوراق القضية تضمنت المطالبة بتحقيق المساواة بين السجينات وبين زملائهم السجناء الرجال فى إشارة إلى أن أوضاع السجينات أسوأ بكثير من أوضاع السجناء الرجال. وزعمت السجينات أن السجن يوفر رعاية صحية أقل فى المستوى من الرعاية الصحية المقدمة للسجناء الرجال. على سبيل المثال، يسمح للسجناء الرجال بالذهاب إلى مركز للرعاية الصحية النفسية فى الوقت الذى حرمت فيه السجينات من نفس الخدمة وهو الأمر الذى أدى إلى انتحار إحدى السجينات شنقا حيث كانت تعانى من خلل نفسى ولم توفر لها الرعاية الصحية الكافية.