نص كلمة "السيسي" أمام البرلمان الياباني.. (فيديو)

أخبار مصر

السيسي
السيسي


أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي عن خالص شكره وتقديره لوجوده اليوم في البرلمان الياباني.

وقال السيسي: "السيد رئيس مجلس النواب السيد رئيس مجلس المستشارين السيدات والسادة أعضاء البرلمان الياباني الحضور الكريم اسمحوي لي في البداية أن اعرب عن عميق شكري وتقديري لاتاحة هذه الفرصة لأكون بينكم اليوم في بيت الشعب الياباني .. ذلك البرلمان العريق الذي يمثل شعبا عظيما يمتلك احد اعرق الحضارات في التاريخ الانساني وواحدة من اهم التجارب التنموية الفريدة في العصر الحديث.

لقد جئت اليكم اليوم حاملا رسالة تعاون واخاء من الشعب المصري لاعبر لكم عن تقديره العميق لاسهام حضارتكم العظيمة في اثراء التراث الانساني ودعمها للسالم والتنمية على مدار عقود طويلة التزمت فيها بنهج الدولة المحبة للسلام وامتدت اياديها بالخير والبناء، تبني وتعمر وتبث في النفوس روح الامل والعمل وتعلي قيم النظام والاجتهاد وهي القيم التي تعكس تعاليم الاسلام مبادئه وتجسدها على ارض الواقع.

كما يطيب لي أن أعرب عن اعجاب شعب مصر وتقديري الشخصي العميق لما يقدمه شعب اليابان من قدوة مثالية ونموذج حضاري فريد ،استطاع ان يحول من خلاله القيم الاخلاقية الرفيعة والتحلي بروح الجماعة إلى واقع ملموس في مختلف ربوع اليابان.

الشعب الياباني ضرب مثلا حيا حطم من خلاله اسطورة المستحيل وتمكن في غضون سنوات قليلة بالنسبة إلى عمر الأمم من تحقيق طفرة اقتصادية وتنموية هائلة كانت وستظل مسار اعجاب الجميع، فاليابان بحضارتها واخلاقها الراقية وقيمها الرفيعة لم تقدم فقط نموذجا ناجحا في الاقتصاد، بل كانت ايضا مصدر إلهام للادب والشعر في مصر فتناولتها قصائدهم في مواضع المدح والاشادة كأمة وصلت إلى قمة المجد والتقدم ونشرت العلم والنور وبلغت العلا واضحت مثلا يحتذى.

وكم من قصيدة نظمها أمير الشعراء أحمد شوقي تضمنت الإشادة بأمة اليابان.. وكم من قصيدة استلهمها شاعر النيل حافظ إبراهيم من وحي اليابان في مقدمتها راعته غادة اليابان.

إن في حياة الأمم والشعوب لحظات تاريخية فارقة يتعين فيها على كل محب لوطنه وخلص لامته ان يعلي مصلحة الوطن على ما عداها وان يلبي نداء وطنه ويعمل على تحقيق رفعته ومجده.

لقد استطاع شعب بلادي بحضارته العظيمة وقيمه الراسخة إنفاذ إرادته الحرة وخيارته المستقلة ونجح في الحفاظ على كيان الدولة المصرية العريقة ومؤسساتها الراسخة، وجنب مصر الانزلاق إلى مصائر دول أخرى في المنطقة مزقتها الفرقة والحرب الأهلية وضاعف الإرهاب البغيض من معاناة شعوبها.

على الرغم من التحديات الداخلية ودقة الظروف الإقليمية نجحت مصر في تنفيذ استحقاقات خارطة المستقبل التي توافقت عليها القوى الوطنية وصولا إلى تشكيل مجلس النواب الجديد الذي يضم 596 نائبا ويشهد أكبر تمثيل للمرأة المصرية والشباب علاوة على تمثيل ذوي الاحتياجات الخاصة  وسيطلع المجلس بتفعيل نصوص الدستور وما تضمنه من مواد غير مسبوقة في الحقوق والحريات وذلك في اطار التزام الدولة المصرية بمواصلة النهج الديمقراطي الذي بدأته، وإعلاء مبادىء دولة القانون والفصل بين السلطات واحترام حقوق الانسان ،ليس فقط على الصعيد السياسي والمدني الذي يتعين تنميتهما ولكن ايضا على المستويين الاقتصادي والاجتماعي من أجل تلبية طموحات وآمال الشعب المصري في حياة كريمة ينعم فيها بالامن والاستقرار .

نتطلع إلى توثيق علاقة مجلس النواب مع البرلمان الياباني اثراء للبعد الشعبي في العلاقات المصرية اليابانية الراسخة وتأكديا بان هذه العلاقات لا تأتي فقط على المستوى الرسمي وإنما تكللها مباركة شعبية تدفعها وتنميها وترتقي بها إلى افاق ارحب ومستوى اكثر تميزا.

إن شعب مصر في سبيل تحقيق احلامه وبناء مستقبله يمد يده بالتعاون والمحبة للشعوب الصديقة الجادة التي تدرك حقا معنى وقيمة الاوطان لتساهم معهم في مواصلة مسيرته التنموية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.

وأنقل لكم في هذا الصدد امتنان شعب مصر لليابان وشعبها الصديق لما قدموه من اسهامات مقدرة في قطاعات حيوية مثل النقل والصحة والتعليم والثقافة، لمسنا جميعا اثارها في حياة المصريين اليومية.

وتتطلع مصر إلى مواصلة هذا التعاون واستكمال عملية البناء لاضافة المزيد من التميز في العلاقات المصرية اليابانية التي نعتز بها كثيرا حكومة وشعبا .

فمصر تمضي على صعيد التنمية الاقتصادية بخطى واثقة وتدشن وتنفذ العديد من المشروعات على مختلف المستويات سواء التنموية الكبرى مثل مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس وما يضمه من مناطق اقتصادية خاصة، ومشروعات لوجوستية وخدمية ،ومشروع استصلاح وتنمية المليون ونصف المليون فدان اعتمادا على المياه الجوفية للمساهمة في تحقيق الامن الغذائي.

ومشروع الشبكة القومية للطرق باعتبارها شرايين اساسية للعملية التنموية، بالإضافة إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة لما تساهم فيه من توفير فرص عمل وتشغيل للشباب، فضلا عما تحققه من انتشار افقي سريع يساعد الدولة على اقامة مجتمعات تنموية وعمرانية متكاملة.

إن تحية الإسلام كما تعلمون هي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام والرحمة هما رسالة أساسية لهذا الدين العظيم الذي ينشد عمارة الارض وتحقيق التعارف والتعاون بين الامم والشعوب، دون ترويع للامنين او تدمير لما انجزته يد الانسان من مظاهر الحضارة والعمران، عظم الاسلام قيمة الروح وجعل من قتلها بغي نفس أو فساد في الارض كمن قتل الناس جميعا، ومن أحياها كمن أحيا الناس جميعا .. هذه هي قيمة وتلك هي تعاليمه.

وكل من حاد عنها وأتى من الأفعال ما يناقضها فالاسلام براء من افكاره المنحرفة وأفعاله النكراء يطل على العالم في الاونة الاخيرة ارهاب كريه يخرب العقول ويدمر كل غرس طيب يعادي الانسانية ويبغض الحضارة ويسعى إلى تحقيق اهداف خبيثة ومصالح ضيقة لفئات لا تعرف اديانا ولا اوطانا، واضحى عدوا للانسانية بأسرها يشن عليها هجوما شاملا وهو الامر الذي يقتضي ان تأتي مواجهته جماعية ومكافحته ايضا شاملة، لا تقتصر فقط على المواجهات العسكرية والتعاون الامني وانما تمتد لتشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للحيلولة دون توافر الظروف التي تمثل بيئة خصبة وحاضنة طبيعية لهذه الافة الخطيرة، بالإضافة إلى اشتمالها على الابعاد الفكرية والدينية لتصويب الخطاب الديني وتنقيته من الافكار المغلوطة والتفاسير الملتوية التي تنافي صحيح الدين وقيمه الحميدة وتعاليمه السامية.

ويلعب الأزهر الشريف دورا مقدرا في هذا الشأن باعتباره منارة للإسلام المعتدل وقيمه الصحيحة التي تعلي قيم التسامح والرحمة والتعارف وقبول الآخر .

ويتكامل مع هذا الجهد الفكري اصلاح وتطوير نظم التعليم وهو الصعيد الذي تقدمت فيه اليابان إلى حدود بعيدة، فتمكنت من غرس قيم سامية في نفوس النشأ كان لها اطيب الاثر في تكوين المواطن الصالح الذي يدرك ويقدر قيمة العمل ليس لصالحه فقط كفرد ولكن ايضا بمردوده الايجابي على المجتمع والوطن.
ان الواقع الاقليمي لاي دولة مثلما يتيح لها فرص النمو والتقدم إذا كان آمنا ومستقرا فانه قد يمثل لها تحديا يضاف إلى اعبائها ويضاعف مسؤلياتها ،لاسيما إذا كان واقعا مضطربا يموج بالتحديات .

ومن واقع مسؤولية مصر الاقليمية والتاريخية فقد كانت صاحبة المبادرة والريادة في اطلاق عملية السلام في الشرق الاوسط ،ورغم الظروف الصعبة التي مرت بها مصر في الاعوام الاخيرة ،إلا انها كانت حريصة على الوفاء بالتزاماتها وفية لاتفاقيات السلام ،بل واستمرت في القيام بما يمكنها من جود لاحياء المفاوضات بين الجانب الفلسطيني والاسرائيلي إيمانا من الدولة المصرية بان استعادة الاستقرار المنشود في منطقة الشرق الاوسط لن يتأتى دون حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية ينهي معاناة الشعب الفلسطيني التي طالت لعقود ويضمن له حياة كريمة في اطار دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية .

ولا يخفى عليكم ان الجماعات الارهابية لطالما استغلت القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني كذريعة لتبرير اعمالها الاجرامية ضد دول العالم، وكدلك في دعاياتها لاستقطاب عناصر جديدة إلى صفوفها .
وتواصل مصر مساعيها جاهدة للتوصل إلى تسويات سياسية للازمات المتفاقمة في سوريا وليبيا واليمن بما يحافظ على وحدة هذه الدول الشقيقة ..وتقدر مصر الجهود اليابانية إزاء تسوية هذه القضايا التي تتوافق وجهات نظر حكومتي مصر واليابان تجاهها .

السيدات والسادة نواب الشعب الياباني.. أكرر لكم شكري على اتاحة هذه الفرصة للتواجد بينكم ،وأرحب بكم في مصر ضيوفا أعزاء وأصدقاء أوفياء، ونتعاون في كافة المجالات ذات الاهتمام المشترك بما يحقق طموحات شعبينا نحو مستقبل أفضل للجميع.

تلك كانت كلماتي إليكم تحدثت معكم من خلالها بكل صدق وارجو ان يكون صداها الذي تردد بين جنابات هذا البرلمان العريق قد اقنع عقولكم ولمس قلوبكم، أنها رسالة سلام ومحبة وتعبير صادق عن ارادة شعب بلادي ورغبته في العمل والتعاون مع اليابان وشعبها.

ودعوة خالصة من القلب لنضع ايدينا معا لنقدم للعالم نموذجا في ايجابية العلاقات الدولية وتوظيفها لخير الانسانية وبناء الحضارات.. شكرا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.