قادة حكموا عقودا.. نهايات درامية لبعضهم.. وآخرين ما زالوا يتمسكون باعتلاء عرش الرئاسة

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


على الرغم من أن النظم الديمقراطية تنص على ضرورة تداول السلطة، ومنع احتكارها من قبل رئيس واحد لمدة زمنية معينة، إلا أنه هناك بعض الرؤساء الذين احتكروا السلطة في بلادهم لسنوات عديدة تصل إلى عدة عقود، والذي كان أبرزهم الرئيس الراحل معمر القذافي، والرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، والمخلوع محمد حسني مبارك، ليؤكدا على اختفاء الديمقراطية في تلك البلاد.
وبعد إعلان الرئيس الأنغولي اليوم خوسيه إدوارد دوس سانتوس، عن نيته التنحي بعد قضائه 37 عام في الحكم، رصدت "الفجر" أبر الحكام الذين تولوا الحكم لعقود في دولهم.

إدوارد سانتوس .. ونية التنحي بعد 37 عامًا من الحكم
يُعد الرئيس الأنغولي خوسيه إدوارد دوس سانتوس، صاحب ثاني أطول فترة حكم في أفريقيا بعد العقيد معمر القذافي، حيث تولي رئاسة البلاد عام 1979، بعد أن امتدت فترة حكمه التي زادت علي ثلاثة عقود.
وقال الرئيس الأنغولي، اليوم الجمعة، إنه ينوي التنحي عام 2018 ، ليترك الرئاسة التي يتولاها ليكون بذلك من أكثر زعماء إفريقيا مكوثا في الحكم.
وعلي الرغم من هذه التطورات الاقتصادية التي شهدتها الدولة منذ تولي "سانتوس" الحكم، حيث أصبحت إنغولا، وهي ثاني أكبر دولة مصدرة للنفط في أفريقيا، على عائدات النفط الخام في الحصول على أكثر من 90  في المئة من دخلها بالنقد الأجنبي، فقد فشل دوس سانتوس في مكافحة الفساد الحكومي، كما أنه هو نفسه واحد من القادة الأكثر فساداً في أفريقيا وفي العالم، كما يروج عنه شعبه، كما شهد عهده سيطرة الدولة من جديد على الصحافة، وحاول "سانتوس" كثيراً تحسين صورته في عيون شعبه بإعادة بناء البنية التحتية العامة إلا أنه فشل أيضاً.
وأخيراً أعلن "سانتوس" أنه ينوي التنحي عام 2018 ، ليترك الرئاسة التي يتولاها منذ عام 1979، حيث أنه من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2017.
مُعمر القذافي.. ونهاية درامية لـ 42 عامًا من الحكم
امتدت فترة حكم مُعمر القذافي منذ 1969 وحتى 2011، وهو صاحب أطول فترة حكم لليبيا والتي بلغت نحو 42 عاماً.
بدأ حكمه بانقلاب عسكري على الملكية الدستورية أسماها ثورة الفاتح من سبتمبر عندما كان ملازما في الجيش الليبي وذلك في 1 سبتمبر 1969 وعمره لم يتجاوز 27 عاما، وأطاح من خلاله بحكم الملك إدريس الأول، وقد أطلق على نفسه عدة القاب منها "قائد الثورة" و "ملك ملوك أفريقيا " و"القائد الأممي" و"عميد الحكام العرب" وغيرها، وأطلق على نظام حكمه عام 1977 اسم الجماهيرية.
ومن ضمن القضايا التي استمرت فترة طويلة خلال حكم القذافي هي قضية لوكربي والتي تعتبر من أخطر التحديات التي واجهها القذافي وهو حادث تفجير طائرة ركاب أميركية تابعة لخطوط البان آم سنة 1988 في سماء اسكتلندا وقد اتهم نظام القذافي بضلوعه بالتفجير.
ومع اندلاع ثورات الربيع العربي، لم يتلق القذافي أحداث الثورات العربية بالكثير من الترحاب، وقد أثار غضب الكثير من التونسيين والعرب حين انتقد الإطاحة بالرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، وقال إن التونسيين تعجلوا الإطاحة به، كما أنه بعث للرئيس المصري السابق حسني مبارك برسالة تضامن في وجه الثورة، التي سرعان ما امتد لهيبها إلى ليبيا بعد أيام قليلة من رحيل "مبارك".
وفي يوم الاثنين 22 أغسطس سقط نظام القذافي واستمرت المعارك بين الثوار والكتائب التابعة للقذافي لحين سيطرة الثوار على أخر معاقل القذافي ومسقط رأسه مدينة سرت بعد أن عثر عليه مقتولا يوم 20 اكتوبر عام 2011.
 جوزيه ماريو.. 43 عامًا ومازال في الحكم
تولي جوزيه ماريو، رئيس غينيا الحالي، حكم البلاد من عام 1973 وحتى الآن، وشهدت فترة حكم "ماريو" الكثير من الاشتباكات بين والصراعات بين نظام الرئيس والمعارض، والتي كان أبرزها صدور قرار رئاسي بإقالة قائد الجيش في البلاد أنطونيو إندجاي،  حيث كان الجنرال أنطونيو إندجاى يقود القوات المسلحة منذ عام 2009 وقد قاد انقلابا عام 2012 ضده، إلا أنه أكد أن السبب في إقالته هو أن السلطات الأمريكية تتهمه بالتورط فى عمليات تهريب المخدرات، ونجح "ماريو" في الاستمرار في حكم البلاد حتى الآن.
محمد حسني مبارك.. 30 عامًا ورحيل بثورة شعب 
أمضى الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك قرابة ثلاثين عاماً في حكم مصر، مما يجعلها الأطول عمراً منذ أن طبق النظام الجمهوري، وحفلت حياته بالكثير من الأحداث.
تدرج "مبارك"، في سلم القيادة العسكرية فعين عام 1964 قائداً لإحدى القواعد الجوية غرب القاهرة، ثم مديراً للقوات الجوية، عقبة هزيمة 1967، ثم عين رئيسا لأركان حرب القوات الجوية المصرية وهو المنصب الذي ظل يشغله حتى تعيينه قائدا للقوات الجوية ونائباً لوزير الدفاع عام 1972.
وفي عام 1973، اشترك في التخطيط لحرب 6 أكتوبر، ما كان له أثر كبير في تحويل مبارك إلى بطل قومي، وقد رقي "مبارك" في العام التالي للحرب إلى رتبة فريق، ثم اختاره الرئيس الراحل أنور السادات نائباً له في عام 1975.
وقد اغتيل الرئيس السادات خلال عرض عسكري في السادس من أكتوبر 1981، وكان مبارك جالساً إلى جواره، حين تعرضت المنصة الرئيسية للهجوم الذي قتل فيه السادات بينما نجا الرئيس مبارك.
وفي 14 أكتوبر 1981 أدى "مبارك" اليمين الدستورية كرئيس للبلاد، ثم أعيد انتخابه رئيسا للبلاد في استفتاءات شعبية عليه كمرشح أوحد أعوام 1987، و1993و1999 حيث أن الدستور المصري يحدد فترة الرئاسة بست سنوات دون حد أقصى.
وجهت انتقادات لسياساته بشأن ما يصفه معارضوه بـ "الشلل السياسي وغياب الرؤية الشاملة وانتشار الفساد والبيروقراطية"، وخصوصا ما يشاع عن نيته توريث الحكم إلى نجله جمال مبارك، لكن الرئيس مبارك نفى مرارا أن يكون قد اتخذ أي قرار بمن سيخلفه.
خلال سنوات حكمه الأخيرة، تعرض "مبارك" لضغوط داخلية متزايدة لإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية، بعد انتخابات مجلس الشعب في نوفمبر عام 2010 والتي أسفرت عن انتخاب برلمان يسيطر عليه الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بأغلبية كاسحة تزيد عن 90%.
وفي 25 يناير 2011 شهدت مصر سلسة تظاهرات حاشدة امتدت لأيام وبلغت أوجها في 28 يناير الذي سمي بجمعة الغضب والذي انتهى بفرض حظر التجول ونزول الجيش إلى شوارع القاهرة وعدة مدن.
وخرج مبارك على التلفزيون في ساعة متأخرة ليعلن حل الحكومة، وفي 29 يناير 2011 أقدم مبارك على إجراء ظل يرفضه لثلاثة عقود وهو تعيين نائب له واختار مدير المخابرات اللواء عمر سليمان للمنصب كما كلف وزير الطيران في الحكومة المقالة أحمد شفيق بتشكيل الحكومة.
ورغم قيام "مبارك" بتكليف نائب له، إلا أن الحشود لازالت مشتعلة، حتي يوم 11 فبراير أعلن نائبه تخلي الرئيس عن منصبه وتكليف المجلس العسكري بإدارة شؤون البلاد.
وبعد شهرين من تنحيه تم التحقيق مع مبارك لاتهامات تتعلق بقتل متظاهرين، واستغلال النفوذ ونهب المال العام.
 عمر البشير.. 26 عامًا حكم
تدرج بين ثكنات الجيش، وارتقى في سلمه، بل كان بوابته إلى الرئاسة عبر انقلاب عسكري، ثم أصبحت الرئاسة نفسها بوابته نحو سابقة تاريخية، حيث أصبح أول رئيس دولة تطلب المحكمة الجنائية اعتقاله وهو ما يزال جالسا على كرسي السلطة.
بلغت فترة حكم "البشير" للسودان، 26 عام حتى عام 2015، حيث تسلم الحكم في عام 1989 عبر انقلاب عسكري على الحكومة المنتخبة و لم تقم انتخابات رئاسية حتى العام 2010 كنتيجة اتفاقية نيفاشا و فاز فيها البشير و وصفت السلطات الحاكمة الانتخابات بالنزيهة بينما انسحبت المعارضة من الانتخابات و وصفتها بغير النزيهة.
وفي عام 2014 اندلعت احتجاجات شعبية ضد نظام حكم البشير ردا على قرارات رفع الدعم الحكومي على المحروقات سقط فيها برصاص الأمن ما يقارب على 200 متظاهر.
وشهد عهد "البشير" اتهام بانتشار واسع للاعتقالات السياسية و التعذيب و قمع الاحتجاجات الطلابية و العمالية وقد صرح للشعب السوداني أنه لن يترشح في انتخابات 2015 ولكن في أكتوبر 2014 قرر حزب المؤتمر الوطني أن يعيد ترشيحه للانتخابات في 2015.
ولم يلبث الرئيس السوداني أن دخل في لائحة المتابعين في قضية دارفور، ففي 14 يوليو 2008، طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو من قضاة المحكمة إصدار مذكرة اعتقال بحق البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة.
 بوتفليقة.. 16 عام في الحكم رغم حالته الصحية المتدهورة
يعد الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، أطول رؤساء الجزائر حكماً، حيث تولى حكم البلاد في التاسع من إبريل عام 1999، بعد انتخابات انسحب منها منافسوه في آخر لحظة ليتركوه ينتصر وحيداً، وهو الرئيس العاشر للجزائر، وعلى الرغم من أن الجزائر لم تعرف رئيساً أكمل مدته الرئاسية، إلا أن "بوتفليقة" اخترق القاعدة، واستطاع حكم البلاد لما يقرب من 16 عاماً.
وبقى "بوتفليقة" في الحكم سنوات الجمر والرماد، أو ما تسمى في التاريخ الجزائري بسنوات "الحرب الأهلية"، حيث نجح في تعديل الدستور وشق المؤسسة العسكرية وإخراج ضباط كبار من الجيش، وحشد حوله أحزاب كثيرة، ساعده في ذلك أموالاً طائلة تدفقت على البلاد بعد عائدات نفطية هائلة لم تكن متوقعة وصل فيها سعر برميل النفط إلى 147 دولار.
ورغم أن كثيرين يعتبرونه مهندس المصالحة الوطنية التي وضعت حداً لحرب أهلية أسفرت عن سقوط 200 ألف قتيل على الأقل، فقد وصف وزير سابق عمل في حكومة بوتفليقة من 1999 إلى 2002 الرجل بأنه "مزاجي" وبدون أي مشروع سياسي، حتى أن "رؤساء الحكومات كانوا لا يجرؤون على الحديث خلال اجتماع مجلس الوزراء نظرا لاحتقاره لهم".
وتعرض "بوتفليقة" لعدة انتكاسات صحية، كانت بدايتها عند دخوله المستشفى العسكري في باريس أول مرة في عام 2005 للعلاج من قرحة في المعدة، وأصبح اختفاؤه يثير التساؤلات ويتسبب في انتشار شائعات حول وفاته، وأصيب مرة أخرى بانتكاسة مرضية كبيرة بسبب جلطة دماغية أبعدته عن الجزائر ثلاثة أشهر حيث نقل مباشرة إلى مستشفى "فال دو قراس" العسكري في فرنسا.
وعاد بعدها إلى الجزائر على كرسي متحرك ليخضع لفترة نقاهة لم يعلن بعد خروجه منها، وهو ما زاد في الجدل حول قدرة الرئيس على تولي مهام الحكم في البلاد، ودفع هذا الوضع الصحي ببعض أحزاب المعارضة للمطالبة بإعلان شغور المنصب وتنظيم انتخابات مسبقة إلا أنها لم تجد صدى لدى معسكر بوتفليقة الذي أعلن عن ترشحه لعهدة رئاسية رابعة وسط جدال حاد في الجزائر حول صحته و مدي قدرته على القيام بمهامه كرئيس دولة، ونجح "بوتفليقة" على البقاء في الحكم رغم ظهوره على كرسي متحرك في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.