ألمانيا تعترف رسميًا لأول مرة بعلاقة تركيا والإخوان وحماس

العدد الأسبوعي

أردوغان - أرشيفية
أردوغان - أرشيفية

■ الداخلية الألمانية ترد على استجواب برلمانى بالكشف عن دعم المخابرات التركية للإرهابيين فى سوريا بالسلاح


نشرت مجلة نيوزويك الأمريكية، تقريراً بعنوان «وثيقة ألمانية مسربة تعتبر تركيا منصة لحماس، وجماعة الإخوان وجماعات المتمردين السوريين»، وذلك بناء على تحريات أجرتها الحكومة الألمانية، تم جمعها فى تقرير سرى، أدان أنقرة باعتبارها الراعية الرئيسية لجماعة الإخوان وحماس وغيرهما من التنظيمات الإرهابية.

وأضاف تقرير نيوزويك المنشور على موقعها الإلكترونى إن هذه الوثيقة السرية عرفت طريقها إلى هيئة الإذاعة الألمانية «إيه آر دى» وتداولتها بعد ذلك وسائل الاعلام العالمية، وتضمنت هذه الوثيقة اتهام الحكومة الألمانية لتركيا بأنها تحولت إلى مركز للجماعات الإسلامية المتطرفة والإرهابية، حيث تسمح لها بالعمل على أراضيها من أجل تحقيق أجندتهم الخاصة فى منطقة الشرق الأوسط.

وكان حزب المعارضة اليسارى داى لينكه، طرح سؤالاً على الحكومة الألمانية فى البرلمان الألمانى، عن حقيقة الراوبط بين الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، وبين التنظيمات الإرهابية، وبالتحديد علاقته بحركة حماس الفلسطينية، وجماعة الإخوان فى مصر، وأخيرا علاقته بجماعات المعارضة الإسلامية فى سوريا.

وأشار الاستجواب إلى هذه التنظيمات باعتبارها تنظيمات سنية، وهو المذهب الذى يتبعه أغلب الأتراك، وأعدت الحكومة الألمانية عبر وزارة الداخلية، تقريراً سرياً للاجابة على هذا السؤال وقدمت الوزارة تقريرها فى بداية أغسطس الماضى.

يذكر أن نحو 5 ملايين مسلم تركى يعيشون فى ألمانيا، وتضمنت الوثيقة السرية إشارة إلى أن العديد من تصريحات الحكومة التركية تعكس تضامنا وإجراءات داعمة لهذه المجموعات الثلاث، وتؤكد التقارب الأيديولوجى مع الإخوان، لافتة إلى أنه نتيجة السياسة الخارجية والداخلية لأنقرة والتى اتجهت تدريجياً لدعم التنظيمات الإرهابية منذ 2011، ركزت تركيا بشكل أساسى على دعم الجماعات الإسلامية المتطرفة فى منطقة الشرق الأوسط.

وأضاف تقرير نيوزويك إن تركيا تستمر فى إنكار أنها ترسل السلاح إلى الجماعات المتمردة السورية، ولكن الصحافة التركية كشفت أن الجيش التركى يقوم بهذه المهمة،حيث نشرت صحيفة «جمهوريت» التركية فى مايو 2015 لقطات للمخابرات التركية وهى تنقل السلاح، وتم التقاط هذه الصور فى يناير 2014 على الحدود التركية فى شمال سوريا.

وهذه هى المرة الأولى التى تقوم فيها الحكومة الألمانية بربط تركيا بهذه الجماعات، حيث حرصت برلين على عدم التعليق بشكل علنى على العلاقات التركية مع هذه الجماعات، خاصة أن العلاقات بين برلين وأنقرة شهدت توتراً كبيراً بعد أن صوت البرلمان الألمانى فى يونيو الماضى باعتبار القتل الجماعى التركى العثمانى، ضد الأرمن بمثابة إبادة جماعية.

وتتعرض ألمانيا بالتحديد لتهديد من قبل التنظيم الدولى للإخوان الذى نجح فى التوغل فى الدولة الأوروبية التى شهدت تأسيس أول مؤسسة تابعة للتنظيم فى الغرب وذلك فى ستينيات القرن الماضى وهى مركز ميونيخ الإسلامى الذى أسسه سعيد رمضان، صهر مؤسس الجماعة حسن البنا والذى رحل عن مصر فى خمسينيات القرن الماضى.

وأصبح مركز ميونيخ الإسلامى هو المركز الرئيسى لتنظيم الإخوان وتعددت فروعه فى مختلف أنحاء ألمانيا مثل فرانكفورت، برومبرج، وشوتجارت، وتطورت لجنة بناء مركز ميونيخ الإسلامى إلى نواة لشبكة من المساجد والمراكز والجمعيات التابعة للتنظيم الدولى للإخوان فى جميع المدن الرئيسية فى ألمانيا الغربية.

وفى عام 1982، تحولت اللجنة إلى منظمة تحمل اسم «المجتمع الإسلامى فى ألمانيا» والتى تحولت إلى قاعدة من أجل انتشار المنظمات الإخوانية فى ألمانيا، وبحسب المخابرات الألمانية فإن عدد أعضاء الجماعة فى ألمانيا يصل إلى 1300 قيادى إخوانى، ويمارس هؤلاء نفوذاً لاحدود له على مجتمع المسلمين فى ألمانيا وأغلبهم من أصول تركية.

وتشير مصادر فى المخابرات الألمانية إلى أن الإخوان الألمان يمثلون حلقة الوصل القوية بين التنظيم الدولى فى أوروبا وبين الإخوان فى تركيا وذلك بفضل العلاقة القوية التى تربط بين مركز كولونيا الإسلامى الذى تأسس فى عام 1978 والمجتمع التركى فى ألمانيا المتمركز فى كولونيا. ومع انتشار الأتراك فى ألمانيا تشعر برلين بالخطر، وبحسب تقرير استخباراتى ألمانى فإن المسلمين فى أوروبا لا ينظرون للفكر السلفى باعتباره إيديولوجية سياسية فقط ولكن باعتباره إطاراً قانونياً ينظم كافة مجالات الحياة بداية من دور الدولة فى تنظيم العلاقات بين الناس ونهاية بالحياة الخاصة للمسلمين.

فى هذا الإطار تأتى أهمية هذه الوثيقة التى ترصد تتبع الوكالات الأمنية الألمانية للعلاقة التى تربط بين تركيا وبين التنظيمات الإرهابية، وتعد هذه الوثيقة أول اعتراف رسمى، وكانت الحكومة الألمانية حرصت على الحفاظ على سرية هذه الوثيقة حتى لاتؤدى إلى مزيد من التوتر فى العلاقة بين الدولتين، ولكن الوثيقة تم تسريبها إلى الصحافة ونشرتها هيئة الإذاعة الألمانية، ولكن الحكومة الألمانية حرصت على عدم التعليق على الوثيقة.

والجدير بالذكر أن البرلمان الأوروبى، صنف بالفعل حركة حماس كتنظيم إرهابى، وبالتالى فإن مثل هذه الوثيقة الرسمية التى ترصد علاقة تركيا بحماس وكذلك بالتنظيم الدولى للإخوان تؤثر سلباً على طموحات تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبى، كما تكشف هذه الوثيقة الصورة الحقيقية لنظام حكم أردوغان وكيف بدأت الحكومات الغربية فى إدراك الدور السلبى الذى تلعبه تركيا فى دعم التنظيمات الإرهابية.