إيمان كمال تكتب: السينما خير وأبقى

مقالات الرأي



22 مليون جنيه لفيلم حلمى «لف ودوران» و10 لفيلم «كلب بلدى» و6 ونصف لـ«عشان خارجين» أرقام يتم الإعلان عنها مع بداية طرح أى فيلم فى السينما، فلم نسمع سوى أرقام.. تفوق حلمى بالأرقام.. وثبّت حسن الرداد أقدامه كبطل سينمائى بالأرقام وليس لكونه طور إمكانياته واختياراته الفنية.. وراهن أحمد فهمى على نجاحاته منفصلا عن شيكو وماجد فهمى بالأرقام.. الفلوس هى معيار نجاح أفلام المرحلة، فمع كل موسم جديد يتبارز أهل الفن على مقولة "أعلى إيرادات فى السينما" دون الانتباه أو التركيز بأنه لا مقارنة بقيمة تذاكر السينما فى الماضى.

فبكل تأكيد لا يمكن القول بأن هذا الفيلم أعلى إيرادات عن فيلم "قلبى دليلى" ليلى مراد والذى حقق وقتها إيرادات كبيرة أيضا، أو فيلم "خلى بالك من زوزو " لسعاد حسنى الذى حقق إيرادات مرتفعة أيضا ولكن بحسبة وبفلوس أهل زمان كيف يمكن المقارنة؟

حتى إن جازت أو أصبحت المنافسة على الإيرادات والتى يعتبرها البعض مقياس النجاح الجماهيرى، فأفلام عديدة حققت نجاحات من هذا المنطلق مثل أفلام نادية الجندى وبعض من أفلام عادل إمام وآخرين، ولكن الأهم هل خلدت هذه الأعمال فى تاريخ صناعة السينما كأهم أعمال مثلا؟ هل يعتمد الفنان على الفلوس لمقياس نجاحه؟..

طيب.. إذن معيار نجاح أحمد حلمى وعودته للسينما بفيلم «لف ودوران» هو نجاحه فى تحقيق 22 مليونا "إن صح الرقم" ما الذى يقدمه حلمى فى فيلمه الجديد؟.. فى بداية كل فنان يقدم أعمالا لاكتساب الشهرة قد يفلت منه عمل وينجح فى آخر لكن بعد سنوات طويلة هل يمكن أن يكون معياره هو المادة؟ والفلوس؟ ما الفكرة التى يحاول حلمى طرحها فى فيلمه؟ المتوقع أن يعتلى حلمى عرش الإيرادات فهى ليست بمشكلة معضلة فهو فنان محبوب وله جمهور عريض، ولكن هل نتوقع من حلمى بعد كل هذه السنوات تقديم عمل يوصف بالعادى جدا يكتفى من خلاله بإلقاء الإفيهات بدلا من أن يشغل باله بتقديم عمل حقيقى يحترم عقول جمهوره الذى يتوقع منه أعمالا قيمة على غرار تجربته فى «عسل أسود» وأفلام أخرى قدمها فى مشواره، نفس الحال ينطبق على غيره من باقى فنانى الموسم ممن فضلوا التركيز على حسبة الإيرادات بعيدا عن الفكرة والمحتوى، وعلى رأسهم محمد سعد الذى صعد نجمه بالإيرادات ونزلت أسهمه أيضا بعد أن أصبح فى ذيل الإيرادات لهذا الموسم.

بالتأكيد عنصر تحقيق نجاح جماهيرى وإيرادات هو أمر جيد يستحق الإشادة.. إلا أن حسبة السينما خير وأبقى.. حسبة العمل الجيد تفرض نفسها عبر السنوات الطويلة.. بعد مرور عقود وسنوات يظل الفيلم الجيد فى قائمة أفضل أفلام فى تاريخ السينما المصرية بينما تذهب أفلام الإيرادات كما أتت.. مثل مئات الأفلام التى عرضت وذهبت فى مهب الريح فيما تبقى الأعمال الجيدة رغم مرور السنوات ناضجة.

فيلم "رسايل بحر" لم يحقق أعلى إيرادات، "بحب السيما" لم يحقق أعلى إيرادات، أفلام يوسف شاهين لم تكن لتحقق أعلى إيرادات، فأهم أفلام السينما المصرية لم تكن بالضرورة الأعلى بالفلوس ولكنها بقيت الأعلى بالقيمة.