ننشر نص حيثيات الحكم الصادر ضد المتهمين في "أحداث الظاهر"

حوادث

محكمة - أرشيفية
محكمة - أرشيفية


أودعت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطرة، حيثيات حكمها على 77 متهمًا بالسجن المشدد 10 سنوات، و25 آخرين بالسجن المشدد 7 سنوات، ومعاقبة حدثين بالشدد 7 سنوات في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"أحداث الظاهر".

وأودعت الحيثيات برئاسة المستشار حسن فريد، وعضوية المستشارين عصام أبو العلا، وفتحي الرويني، وسكرتارية أيمن القاضي وممدوح عبد الرشيد.

وقالت المحكمة في حيثياتها، إنه ثابت من أقوال الشهود الذين اطمأنت المحكمة إليهم أن المتهمين وأخرين مجهولين اتفقوا فيما بينهم على الخروج بناءً على التكليفات الصادرة إليهم والتحرك فى مسيرة بتاريخ 15 يوليو من عام 2013 من ميدان رابعة العدوية ومتجهة إلى ميدان رمسيس، وأثناء مرورها أسفل كوبرى غمرة بشارع رمسيس دائرة قسم الظاهر قاموا بقطع الطريق وتعطيل حركة المرور والتعدى على المواطنين من أهالى المنطقة مستخدمين الأسلحة الخرطوش والبيضاء والشوم والحجارة، وقد تملكتهم الضغينة وسيطرت عليهم غريزة الانتقام من جراء عزل رئيسهم.

وتطمئن إلى أدلة الإثبات في الدعوى سواء القولية منها أو الفنية التي بنيت على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي إنتهت إليها فانها تعرض عن إنكار المتهمين إرتكابهم للجرائم المسنده إليهم بالتحقيقات إذ لا يعدوا هذا الأمر منهم سوي محاوله للتملص من وزر الجريمه للإفلات من عقابها فضلا عن مجافاتها الأدله الثابته التي طرحتها المحكمة علي بساط البحث و قلبت فيها الرأي و محصتها عن بصر و بصيره فوجدتها سديده و متسانده . كما لم تفلح محاولات الدفاع من الإفتئات عليها أو الطعن في سلامتها أو الإنتقاص من قوتها في التدليل فإستحوذت علي كامل إطمئنان المحكمة و كان لها أثرها البالغ في تكوين عقيدة المحكمه فيما إنتهت إليه ، وكانت المحكمة قد أطرحت كل ما يخالف هذا الإطمئنان إما لكونه.

ونوهت الحيثيات بأن المحكمة اطمأنت الى أقوال شهود الإثبات وكافة أدلة الثبوت الأخرى فى الدعوى على نحو ما استخلصته من الأوراق أن نية إزهاق الروح تحققت وأمكن استخلاصها من الضغينة التى امتلأت بها نفوس المتهمين وأخرين مجهولين "المتجمهرين " والتى غرسها بداخلهم قيادات الإخوان المسلمين مستغلين ما لمسوه فيهم من التسليم بما يقولون والثقة فيما يصنعون والطاعة لما يأمرون فراحوا يدسوا عليهم من القول ما يشق الصف ويزيد الفرقة بينهم وبين كل من طالب بإقصاء الرئيس المعزول حيث نزعوا عنهم لباس التقوى ووصفوهم بالخونة والكافرين والمنافقين وصورا لهم لقائهم بهم كلقاء الأعداء فى معركة فتوجهوا في مسيرةوقد تزودوا بالأسلحة النارية وزجاجات المولوتوف والعصى باعثهم فى ذلك ثأرهم ممن ظلمهم ونزع عنهم ملكهم وسلطانهم بغرض تنفيذ مقصدهم و مخططهم الإجرامى وقاموا بالإعتداء على المجنى عليهم بأن قام بعضهم بإطلاق الأعيرة النارية من الأسلحة النارية التى بحوزتهم صوب الأهالى.

وجاءت الحيثيات نصًا:

استقامت وقائع الدعوى على النحو المبسوطة به آنفاً وتقديماً لهذا القضاء تشير المحكمة بادئ ذي بدء أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها إقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام إستخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، ولها كامل الحرية في أن تستمد إقتناعها بثبوت الواقعة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق وأن المحكمة متى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الإعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.

كما أنه من المقرر أيضا أن التعديل فى مواد القانون دون تعديل فى وصف التهمة أو الواقعة المرفوعة بها الدعوى الجنائية . يدخل فى سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع .

كما أنه من المقرر أيضا أن التعديل بإضافة مادة تعريفية دون تعديل فى وصف التهمة أو الوقائع المرفوع بها الدعوى يدخل فى سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع مادامت الواقعة المادية التى إتخذتها أساسا لوصفها هى بذاتها الواقعة الواردة بأمر الإحالة .

أولا : حيث أنه عن الدفع ببطلان إجراءات المحاكمة لوضع المتهمين فى قفص زجاحى وعزلهم عن متابعة محاكمتهم وإنقطاع صلة المتهم بمحاميهعملا بنص المادة 270 من قانون الإجراءات الجنائية

 

فمردود عليه أن المادة 54من الدستور المصرى نص فى الفقرة الثانية  "يجب أن يمكن كل من تقيد حريته من الإتصال بذويه و بمحاميه فورا ".

وأن مفاد نص المادة 270من قانون الإجراءات الجنائية أن يحضر المتهم الجلسة بغير قيود ولا أغلال، إنما تجرى عليه الملاحظة العامة .

بيد أنه رغم التداخل بين حقوق الخصوم ومباشرة الإجراءات فى حضور الخصوم فإن إعتبارات المصلحة العامة تبرر الخروج على أحدهما دون الأخر أو على الإثنين معا كما فى حالة تعذر مباشرة المحاكمة فى حضور المتهم إذا وقع منه تشويش أو إضراب يعوق سير المحاكمة إذ أنه فى هذه الحالة تستمر الإجراءات فى غيبته إلى أن يمكن السير فيها بحضوره وفقا لنص المادة سالفة الذكر .

وأن نص المادة 273/2من قانون الإجراءات الجنائية على وجوب أن تمنع المحكمة عن الشاهد كل كلام بالتصريح أو التلميح وكل إشارة مما ينبنى عليه إضطراب أفكاره أو تخويفه. مما مفاده أن المحكمة يجب عليها أن تمكن الشاهد من إبداء أقواله دون تأثير خارجى وقد يكون من وسائلها لتحقيق ذلك إبعاد المتهم عن الجلسة إذا حاول التأثير على الشاهد وهذه الضرورة يجب أن تقدر بقدرها أى أنه يجب السماح لمحامى المتهم بالحضور رغم إبعاد موكله وفى جميع الأحوال فإنه عندما يحضر المتهم بعد إنتهاء سبب إبعاده أن تخبره بما تم فى غيبته من إجراءات وتمكنه من الإطلاع عليها .

 ولما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن المتهمين قد دأبوا على التشويش أثناء نظر المحاكمة بهدف تعطيل الفصل فى القضية ولم تستعمل المحكمة حقها القانونى فى إبعاد المتهمين وإخراجهم من قاعة المحاكمة طبقا للقانون وإنما رأت فى  وجود القفص الزجاجى ضرورة تستلزمها محاكمة المتهمين فضلا عن الحاجز الزجاجى لم يحل دون إتصال المتهمين بالمدافعين عنهم فكلما طلب الدفاع مقابلة المتهمين بمحبسهم تبادر المحكمة بالتصريح لهم بالمقابلة  ، كما أن وجود هذا اللوح الزجاجى لم يحل دون متابعة المتهمين للإجراءات ذلك أن اللوح الزجاجى يمكن المتهم من مشاهدة من بخارجه فضلا عن وجود أجهزة إستماع داخل القفص الزجاجى تمكن المتهم من سماع مايدور بالقاعة ومتابعة سير المحاكمة  وتمكنه من  الإدلاء بما يرغب من أقوال أو ملاحظات هذا بالإضافة إلى أن المحكمة كانت تستمع إليهم أيضا وهو ما يقطع بأن اللوح الزجاجى لم يخل بحق المتهمين فى الإتصال بالمدافعين عنهم ولم يخل دون الوقوف على إجراءات المحاكمة،بل وتمكنهم من مقابلة زويهم أيضا وفقا للثابت بمحاضر الجلسات  ومن ثم يضحى هذا الدفع على غير سند من القانون وتقضى المحكمة برفضه .

ثانيا : وحيث أنه عن الدفع بعدم دستورية نصوص المواد 86،375 ، 375 مكرر (أ) عقوبات وطلب وقف السير فى الدعوى بحالتها  وإحالتها للمحكمة الدستورية .

فإن ذلك مردود عليه بأن القانون رقم 48 لسنة 1979 في شأن المحكمة الدستورية العليا قد حددت فى المادة 29منه ما إذا دفع بعدم دستورية قانون ما فى منازعة قضائية أمام المحكمة التى تفصل فى المنازعة فيكون لها أحد خيارين:

أولا ـ فهى إما أن تتعرض من تلقاء نفسها للفصل فى دستورية القانون (الذى يحكم المنازعة والذى دفع فيه بعدم الدستورية) إذا ما تحقق لها جدية الدفع ، أى مخالفة الدستور ، فإنها تمتنع عن تطبيقه دون أن تقضى بإلغائه .

ثانيا ـ وإما أن توقف الفصل فى الدعوى ، وتحدد لمن أثار الدفع ميعادا لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية فإذا لم ترفع الدعوى فى الميعاد أعتبر الدفع كأن لم يكن.

  ومفاد هذا النص أن محكمة الموضوع وحدها الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها.

فإنه بادئ ذى بدء يتعين الإشارة إلى أن القانون يحدد العقوبات المعبرة عن التجريم ودرجته ثم يترك للقضاء مهمة التطبيق .

والمحكمة عندما تحكم بالإدانة وتنطق بالعقوبة يجب أن تراعى تفريدها ، وهذا التفريد أمر ضرورى لتحقيق أهداف العقوبة وضمان فاعليتها ، فالحكم بالعقوبة لا ينعزل عن السياسة الجنائية الذى يباشر القاضى وظيفته فى إطارها ، وقد رسم القانون إطارا لممارسة القاضى هذه السلطة فوضع حدا أدنى وحدا أقصى للعقوبة ، وحدد الظروف المشددة والأعذار القانونية المعفية والمخففة ، ورسم حدود الوظيفة القضائية للمحكمة فى إختيار العقوبات داخل هذا الإطار ، والمحكمة عندما تمارس إختيارها للعقوبة تجرى ذلك بصورة تفريدية تتلائم مع شخصية المجرم لأنها تحاكمه بسبب الجريمة ولا تحاكم الجريمة نفسها ، فالتفريد الطبيعى يباشره القاضى لا ينفصل عن المفاهيم المعاصرة للسياسة الجنائية ويتصل بالتطبيق المباشر لعقوبة فرضها المشرع بصورة مجردة، شأنها فى ذلك شأن القواعد القانونية جميعا ، وأن إنزالها بنصها على الواقعة الإجرامية ينافى ملائمتها لكل أحوالها ومتغيراتها وملابساتها ، لأن سلطة تفريد العقوبة هى التى تخرجها من قوالبها الصماء وتردها إلى جزاء يعايش الجريمة ومرتكبها ويتصل بها .

ويعد تفريد العقوبة عنصرا فى مشروعيتها ، فمشروعية العقوبة من الناحية الدستورية تتجلى فى أن يباشر القاضى سلطته فى مجال التدرج بها فى حدود القانون وأن حرمانه من ذلك بصورة مطلقه ينطوى على تدخل فى شئون العداله0 

وأنه يشترط لكى يكون الدفاع الذى يبديه المتهم أو الحاضر معه دفاعا جوهريا إستلزم القانون توافر عدد من الشروط يجب توافرها حتى يكون هناك إلتزام على المحكمة التى تم إبداء الدفع أمامها بالنظر فى الدفع والرد عليه سواء بالقبول أو الرفض ، ومن هذه الشروط أن يكون للدفع أصل ثابت فى الأوراق ، وأن يكون الدفع منتجا أى ظاهر التعلق بموضوع الدعوى وأن تعتمد عناصر الحكم على هذا الدفع .

ولما كان ذلك وكانت المواد86، 375 ، 375 مكرر (أ) من قانون العقوبات قد فندتا العقوبة حسب الفعل المادى فى كل جريمة على حده والقصد الجنائى فيها وفقا للثابت بمضمون تلك المواد سالفة الذكر .إما إذا رأى القاضى أن أحوال الجريمة لا تقتضى إستبدال العقوبة المقررة بعقوبة أخف وأن الظروف الشخصية للمحكوم عليه أو الظروف التى لابست الجريمة لا تبعث على الإعتقاد بعدم العودة إلى مخالفة القانون ، وأنه لن يتجه إلى تخفيف العقوبة عندئذ لايكون لتلك المواد المدفوع بها بعدم دستوريهما وجود حقيقى فى الأوراق .

متى كان ما تقدم وكانت المحكمة ترى أن الجرائم المنسوبة للمتهمين والتى ثبت إرتكابهم لها والظروف التى لابست إرتكابهم للجريمة تجعل المحكمة لا تفكر فى النزول بالعقوبة المقررة لتلك الجرائم أو تخفيفها ، وأنها فى الحدود الذى حددها القانون فى هذا الشأن  ومن ثم يضحى هذا الدفع غير متعلق بموضوع الدعوى المطروحة على المحكمة الأمر الذي يفصح عن عدم جديته ويتعين الالتفات عنه.

ثالثا    :  حيث انه عن الدفع بطلان القبض والتفتيش وما تلى ذلك من إجراءات لإنتفاء حالة التلبس بالمخالفة للمواد 30 ،34 ،37من قانون الإجراءات الجنائية .

 مردود عليه بأن هذا الدفع هابط الأثر فاسد الأركان غير قائم علي أساس من صحيح الواقع والقانون ذلك أنة من المقرر طبقا لنص المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية والتي نصت علي ( تكون الجريمة متلبسا بها حالة إرتكابها أو عقب إرتكابها ببرهة يسيرة ــ وتعتبر الجريمة متلبسا بها إذا إتبع المجني عليه مرتكبها أو تبعتة العامة مع الصياح أثر وقوعها أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا ألات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراق أو أشياء أخري يستدل منها علي أنة فاعل أو شريك فيها أو إذا وجدت به في هذا الوقت أثار أو علامات تفيد ذلك .

كما انه من المقرر قضاءا أن التلبس حالة عينية تلازم الجريمة ذاتها لاشخص مرتكبها وأن حالات التلبس وردت علي سبيل الحصر بالماده 30 من قانون الإجراءات الجنائية بأن يكون شاهدها قد حضر إرتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسه من حواسه متي كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تقبل الشك أو التاويل ويكفي للقول بقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وأن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدته بنفسه أو بمشاهدة أثر من أثارها يدل عليها وينبئ بذاته عن وقوعها أو بإدراكها بحاسه من حواسه وهذة الحالة تتيح لمأمور الضبط القضائي القبض علي المتهم وتفتيشه .

كذلك فقد نصت المادة 37 من ذات القانون على أنه" لكل من شاهد الجاني متلبساً بجناية أو بجنحة يجوز فيها قانوناً الحبس الإحتياطي أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال الشرطة العامة دون إحتياج إلى أمر بضبطه".

ولا يقدح من ذلك أن القبض قد وقع عليهم من أحاد الناس ذلك أن المشرع قد أفسح المجال لذلك مادامت الجريمة متلبساً بها فأورد في متن نص المادة 30 إجراءات جنائية عبارة "أو تبعته العامة مع الصياح أثر وقوعها أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا ألات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراق أو أشياء أخري يستدل منها علي أنة فاعل أو شريك فيها أو إذا وجدت به في هذا الوقت أثار أو علامات تفيد ذلك" .

ولما كان ذلك وكان الثابت  أنه بتاريخ 15/7/2013وأثناء مرور المتظاهرين ( المتجمهرين )والقادمة من ميدان رابعة العدوية ومتجهة إلى ميدان رمسيس وأثناء مرورها أسفل كوبرى غمرة بشارع رمسيس دائرة قسم الظاهر قاموا بقطع الطريق وتعطيل حركة المرور والتعدى على المواطنين من أهالى المنطقة مستخدمين الأسلحة الخرطوش والبيضاء والشوم والحجارة وزجاجات المولوتوف  وقاموا بإتلاف السيارات التى تصادف تواجدها بالمنطقة وكذا واجهات المحلات التجارية بشارع رمسيس والتعدى على الممتلكات العامة والخاصة وإصابة العديد من المواطنين وإشاعة حالة الذعر بين أهالى المنطقة وقاموا بخلع رصيف شارع رمسيس وشارع لطفى السيد.

وحيث أن المتهمين تم ضبطهم على مسرح الجريمة حال الواقعة بمعرفة أهالى المنطقة أنذاك على مسرح الأحداث  بمساعدة الخدمات الأمنية وعلى مرأى ومسمع من شهود الإثبات من  الأول حتى التاسع والحادى عشرومشاركة بعضهم فى ضبطهم وتسليم واحد وثمانون إلى قسم شرطة الظاهر وتسليم ثلاثة وعشرون إلى قسم الوايلى وفقا للثابت بمحاضر الضبط المرفقة بالتحقيقات ولا يقدح فى ذلك عدم ذكر أسماء  الأهالى الذين قاموا بضبط المتهمين وذلك لأن الأحداث أنذاك كانت سريعة ومتلاحقة  وليس من المعقول أن يبقى الأهالى ليتم سؤالهم بمحضر الضبط عن أسمائهم وكيفية ضبطهم للمتهمين فى حين أن الأحداث جارية وفى منطقتهم ولا يعلم عواقبها إلا الله سبحانه وتعالى ويخشون من إعتداء المتجمهرين على أهالى منطقتهم وذويهم وذلك لإستخدامهم الأسلحة النارية والخرطوش والبيضاء والشوم والحجارة وكذلك زجاجات المولوتوف إضافة إلى خشيتهم من معرفة أسمائهم والتوصل إليهم بعد ذلك بمعرفة المتهمين أو زويهم وفقا لما إستخلصته المحكمة من الأواراق.

لما كان ذلك وكان التلبس قد ظلل وشمل جميع الجرائم التي إرتكبها المتجمهرون والتي تمت وقائعها على مرأى ومسمع من الناس جميعاً بتلك المنطقة سواء جرائم الإعتداء علي قوات الشرطة أو الأهالى أو الممتلاكات العامة والخاصة وإحراز الأسلحة النارية والتراشق بالطوب والحجارة وغيرها من الأدوات التى تستعمل فى الإعتداء على الأشخاص أو الممتلاكات العامة والخاصة، فكان التلبس يطوقها جميعاً خاصة وأن الأحداث قد إستمرت لعدة ساعات ومن ثم فإن ضبط المتهمين يكون مشمولاً بالمشروعية إذ الجرائم كان متلبساً بها.

ومن ثم فإن المحكمة تقر النيابة العامة علي تصرفها في هذا الشأن بأن المتهمين تم ضبطهم في حالة تلبس متجمهرين مشتركين قاصدين إحداث الفتنة ومن ثم توافرت حالة التلبس في حق المتهمين جميعا طبقا للقانون.وتكون الإجراءات التي أتخذت في حق المتهمين جميعا صحيحة لها أصلها الثابت في الأوراق ويكون نعي الدفاع في هذا الصدد قائما علي غير سند من القانون وتقضى المحكمة برفضه.

رابعا : حيث أنه عن الدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة التي تمت مع المتهمين لإجرائها بالمخالفة لنص المواد 69، 70، 206 مكرر (أ) من قانون الإجراءات الجنائية

فمردود عليه أن القانون إشترط في المادة 206 مكرر (أ) أن يكون المحقق من درجة رئيس نيابة على الأقل خاصة فيما يتعلق بإستجواب المتهم ولم يمنح هذه الصلاحية لغيرهم من دون هذه الدرجة، وذلك قياساً على نص المادة 70من قانون الإجراءات الجنائية حينما سلبت هذه الرخصة من قاضي التحقيق وحرمته من ندب غيره للقيام بإستجواب المتهم فإن ذلك مردود عليه بأن القانون قد إختص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها ولا ترفع من غيرها إلا في الأحوال المبينة في القانون، ويقوم النائب العام بنفسه أو بواسطة أحد أعضاء النيابة العامة بمباشرة الدعوى الجنائية (المادتان الأولى والثانية من قانون الإجراءات الجنائية) ومن ثم فإختصاص النيابة العامة كسلطة تحقيق إنما هو أختصاص أصيل، أما قاضي التحقيق فإنه يباشر تحقيق الدعوى بموجب قرار ندب يصدر له من رئيس المحكمة الابتدائية بناء على طلب النيابة العامة أو من رئيس محكمة الإستئناف إذا كان الطلب من وزير العدل (المادتان 64، 65 إجراءات جنائية).

ولما كان القانون قد جعل من الندب وسيلة تمكن قاضي التحقيق من مباشرة عمله فكان لزاماً عليه أن يبين للقاضي المنتدب حدود سلطاته الممنوحة له خاصة فيما يتعلق بندب غيره فسمح له بتكليف أحد أعضاء النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي للقيام بعمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق عدا إستجواب المتهم ذلك أن الإستجواب هو عماد التحقيق.

والقياس مع الفارق إذا ما قورن بإختصاص رئيس النيابة العامة الوارد بالمادة 206 مكرر (أ) والذي يباشر التحقيق بإعتباره إختصاص أصيل للنيابة العامة يستمد قوامه من سلطات النائب العام الذي هو في الأصل ممثلاً عن الهيئة الإجتماعية ومن ثم فهي كل لا يتجزأ، فإذا ما كلف رئيس النيابة غيره من السادة الوكلاء لمباشرة التحقيق تحت إشرافه ورقابته فإن ذلك لا يكون ندباً لهم بل هي من قبيل التنظيم الإداري للعمل الواقع في إختصاصهم بمقتضى القانون فقد نصت المادة 26 من قانون السلطة القضائية على أن "رجال النيابة تابعون لرؤسائهم بترتيب درجاتهم … إلخ".

أما وعن المادة 206 مكرر أ من قانون الإجراءات الجنائية فإن المستفاد منها أن المشرع حينما أراد أن يضيف لأعضاء النيابة العامة – فوق إختصاصهم – سلطات قاضي التحقيق عند تحقيق جنايات بعينها قد قصر مباشرة هذه الإختصاصات الإضافية على درجة رئيس نيابة على الأقل، ولم يسلب من هم دون ذلك من الأعضاء من إختصاصهم الأصيل وهو التحقيق والإستجواب والمواجهه إذ يظل عملهم صحيحاً مادام لم يتجاوز تلك السلطات الإضافية ومن ثم يحق لوكلاء النيابة العامة مباشرة التحقيق فى مثل هذا النوع من القضايا(جرائم الإرهاب المنصوص عليها فى القسم الأول من الباب الثانى من قانون العقوبات) ولا مجال للقياس على ما تضمنته المادتين69 ،70من قانون الإجراءات الجنائية بشأن قصر ندب قاضى التحقيق للنيابة العامة على أعمال التحقيق عدا الإستجواب إذ أن إختصاص قاضى التحقيق قد يكون بناءا على طلب النيابة العامة والذى متى أحيلت الأوراق كان هو المختص دون غيره بمباشرة التحقيق أما وكيل النيابة العامة فإنه يباشر التحقيق بإعتباره إختصاص أصيل للنيابة العامة يستمد قواه من سلطات النائب العام بإعتباره ممثلا للمجتمع فإذا ما كلف رئيس النيابة غيره من أعضاء النيابة العامة المختصين قانوا ممن هم أدنى درجة لإجراء التحقيق تحت إشرافه ورقابته فإن ذلك لا يكون ندبا لهم بل هو من قبيل التنظيم الإدارى للعمل الواقع فى إختصاصهم  بمقتضى القانون وإعمالا لما تقضى به المادة 26 من قانون السلطة القضائية من تبعية رجال النيابة لرؤسائهم بترتيب درجاتهم .

لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن إجراءات التحقيق والإستجواب والمواجهه قد أجريت بمعرفة وكلاء نيابة فإن ما أجرى من تحقيقات فى الدعوى بمعرفتهم قد تم وفقا لصحيح القانون و تقره المحكمه الأمر الذي يكون معه الدفع بغير سند ترفضه المحكمة.

خامسا   : حيث أنه عن الدفع بإنعدام تحريات الأمن الوطنى وبطلان جميع الأثار التى ترتبت عليها وعدم جديتها وكفايتها.

 فمردود عليه أيضا بأن نص المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية حينما عددت من يكون من مأمورى الضبط القضائى فى دوائر إختصاصهم أوردت أن من بينهم ضباط الشرطة وأمناؤها والكومستبلات والمساعدون، ولما كان إطلاق عبارة ضباط الشرطة قد ورد بالمادة المار ذكرها بغير تحديد أو توصيف أو تميز بين ضابط وأخر فإنه يفتح المجال لأن يندرج تحت متن هذه المادة جميع ضباط الشرطة المنتمون لهذه الهيئة ما دام لم يشمله قرار بالإستبعاد أو الإيقاف عن العمل أو ما شابه ذلك .

وحيث أن الدفاع لا ينازع فى صفة الرائد/ محمد حازم طه سيد الضابط بالأمن الوطنى كونه أحد ضباط الشرطه بل إنصبت منازعته على جهة عمل الضابط بالأمن الوطنى فإن ذلك مردود عليه بأنه أيا كان المسمى للجهة التى يعمل بها الضابط سالف الذكر فإنها لا تنزع عنه وصفه كضابط شرطه ولا تسلبه صفة الضبطية القضائية والتى منحها له القانون .

ولما كان ذلك وكانت المحكمة تطمئن إلى ما جاء بتحريات الرائد/ محمد حازم طه سيد والتى أكدت صحة ما شهد به شهود إثبات الواقعة وأضاف أن المتهمين شاركوا فى التجمهر إعتراضا على عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى والتنديد بثورة 30يونيو للإيحاء للرأى العام المحلى والعالمى بوجود إقتتال بين صفوف المواطنين ونشوب حرب أهلية بالبلاد لإظهار فشل الحكومة القائمة ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها.

وقد جاءت تلك التحريات متفقة مع باقى أدلة الدعوى ولا تناقض فيها مما جعلها قرينة معززة للدليل ، وفيها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة إعمالا لمبدأ تساند الأدلة وهو ما ينفى عنه البطلان ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إلى جدية تلك التحريات وترى أنها أجريت فعلا بمعرفة محرر محضر التحريات سالف البيان وأنها حوت بيانات صريحة وواضحة تصدق من أجراها ومن ثم يكون الدفع فى غير محله وتقضى المحكمة برفضه.

سادسا   : حيث أنه عن الدفع ببطلان تحريات المباحث الجنائية لعدم الجدية وعدم الكفاية

 فمردود عليه أيضا من أنه من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها هى من المسائل الموضوعية التى تخضع لتقدير محكمة الموضوع التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع .

 ولما كان ذلك وكانت المحكمة إقتنعت بجدية التحريات التى أجراها المقدم /أيمن صلاح الدين ياسين يونس رئيس مباحث قسم شرطة الظاهربأن تحرياته السرية دلت على أنه فى يوم 15/7/2013 وفجر يوم 16/7/2013قامت إحدى المسيرات المؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسى وعددهم حوالى ألفى شخص وقاموا بقطع الطريق أسفل كوبرى غمرة وقاموا بإلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف على أهالى المنطقة لإثارة الفوضى وترويع المواطنين وقاموا بتكسير واجهات بعض المحلات المتواجدة بشارع رمسيس وقاموا بإطلاق أعيرة نارية عشوائيا على أهالى المنطقة وقاموا بالإعتداء بالسلاح الأبيض بكافة أنواعه على الأهالى مما نتج عنه إصابات بهم وقاموا بإتلاف السيارات المتواجدة بالشوارع وكذا إتلاف وخلع أرصفة الطريق والبلاط الخاص بها لإستخدامها فى أعمال العنف لإلقائها على المواطنين وأن هدفهم من ذلك إثارة الفوضى والذعر بين الناس بالإعتداء على أهالى المنطقة وأضاف أن جميع المتهمين المقبوض عليهم ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين وهم مؤيدوا الرئيس المعزول محمد مرسى وكانوا من ضمن المظاهرات والمسيرات التى قامت بأعمال الشغب والبلطجة وقطع الطريق وإثارة الذعر بين المواطنين والإعتداء عليهم وإرهابهم وأن الإصابات بالمجنى عليهم والوفيات حدثت نتيجة تعدى المتظاهرين سالفى الذكر عليهم بالأسلحة النارية والبيضاء والتى أكدت مشاركة المتهمين فى التجمهر وعلمهم ىالغرض منه وهو إرتكاب جرائم القتل وإتيان أعمال البلطجة وفقا لما إستخلصته المحكمة من الاوراق دون أن تسترسل المحكمة في بقية الأحداث  .وقد جاءت متفقة مع باقى أدلة الدعوى ولا تناقض فيها مما جعلها قرينة معززة للدليل ، وفيها مجتمعة  تتكون عقيدة المحكمة إعمالا لمبدأ تساند الأدلة وهو ما ينفى عنه البطلان ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إلى جدية تلك التحريات وترى أنها أجريت فعلا بمعرفة محرر محضر التحريات سالفى البيان وأنها حوت بيانات صريحة وواضحة تصدق من أجراها ومن ثم يكون الدفع فى غير محله وتقضى المحكمة برفضه.

سابعا   : حيث أنه عن الدفع ببطلان التحقيقات التى أجرتها النيابة العامة لقصورها وعدم حيادها  وإفتقارها إلى الموضوعية

فإن ذلك مردود عليه بأن ما تجريه النيابة العامة من تحقيقات فى الدعوى لا يعدوا أن يكون من قبيل التحقيق الإبتدائى الذى يخضع لرقابة محكمة الموضوع فى شأن سلامة إجراءاته ، وأنه لم يكن السبيل الوحيد الذى يستقر به الحال فى الدعوى، بل أن القانون قد وضع للمتهم ضمانة أخرى يمكنه من خلالها تفادى ما يعن له من شكوى أو يدعيه من قصور، حيث كفلت له المادتين 271 ،272 من قانون الإجراءات الجنائية أن تجرى المحكمة  تحقيقا فى الدعوى بمعرفتها  تستمع فيه إلى شهود الإثبات ومن بعدها شهود النفى وتمكن الخصوم فى الدعوى من مناقشتهم بما فيهم المتهمين ، وللمحكمة من هذه الإجراءات مجتمعة تكون عقيدتها فى شأن الصورة الصحيحة للواقعة فيها من موازنتها بين أدلة الدعوى من الثبوت والنفى وإنزال أقوال الشهود وسائر الأدلة التى تؤهلها لإتخاذ القرار الذى يكشف عن حقيقة الواقعة ويستتبع إنزال صحيح القانون فيها .

ولما كان ذلك وكانت المحكمة بإعتبارها محكمة الموضوع قد إستجابت لكافة طلبات الدفاع الجوهرية ومن بينها مناقشة شهود الإثبات التى إرتكنت إليها النيابة العامة ومكنت دفاع المتهمين أن يوجهوا إليهم ما عن لهم من أسئلة فإنها بمقتضى هذا التحقيق النهائى قد كفلت للمتهمين حقهم المقرر قانونا بما يسلبهم حق التزرع بالدفع بقصور تحقيقات النيابة العامة أو العروج عليها بثمة مطعن لأن المحكمة قد أفسحت لهم المجال لتدارك ذلك الأمر إن وجد  ومن ثم يكون الدفع فى غير محله وتقضى المحكمة برفضه.

ثامنا   : حيث أنه عن الدفع بتناقض أقوال شهود الإثبات بعضها البعض ما بين محضرالضبط وما ورد بتحقيقات النيابة العامة

فمردود عليه أيضا من أنه من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضى الجنائى فى المحاكمات الجنائية بدليل معين إذ لم ينص على ذلك وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أى دليل تطمئن إليه مادام مأخذه من الأوراق صحيحا , فضلا عن أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التى تؤدى فيها شهادته والتعويل على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى المحكمة ، كما أن للمحكمة الأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشاهد فى أى مرحلة من مراحل التحقيق وتطرح ما لا يتفق معه من تلك الأقوال مادام أنه يصح أن يكون الشاهد صادق من ناحية فى أقواله وغير صادق فى شطر منها .

ومن المقرر أيضا أن التناقض فى أقوال الشاهد لا ينال منها مادام الحكم قد إستخلص الإدانة من أقواله إستخلاصا سائغا لاتناقض فى ذلك أن المحكمة تأخد من أقوال الشاهد ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه دون ان تكون ملزمة بالرد فى حكمها إذ أن الأصل أنها لاتلتزم بأن تورد من أقوال الشاهد الإ ما يقيم عليه قضائها ، و لما كان ذلك وقد جاء هذا الدفع مرسلا فلم يبين مواطن هذا التناقض وإنما جاء فى صورة أقوال عابرة غيرمحددة المعالم وأن المحكمة لم تلحظ ثمة تعارضاً بين أقوال شهود الإثبات بمحضر الضبط وتحقيقات النيابة العامة والمحكمة إطمأنت الى أقوال شهود الإثبات على نحو ما إستخلصته من الأوراق بما لا تناقض فيه فان نعى الدفاع فى هذا الصدد لايعدوا أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الأدلة وهو ما تستقل به المحكمة ولا يجوز مجادلتها فيه ومن ثم تقضى المحكمة برفض الدفع .

تاسعا : حيث أنه عن الدفع بإنتفاء أركان جريمة التجمهر

فمردود عليه فإن المحكمة في هذا المقام يهمها أن تشير إلى نص المادة الثالثة من القانون 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر والتي جرى نص فقرتها الثانية على أنه "وإذا وقعت جريمة بقصد تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر فجميع الأشخاص الذين يتألف منهم التجمهر وقت إرتكاب هذه الجريمة يتحملون مسئوليتها جنائياً بصفتهم شركاء إذا ثبت علمهم بالغرض المذكور" يستوي أن يكون العلم بالغرض سابق على التجمهر أو معاصر له ولكن المتجمهر لم يبتعد عن التجمهر فور علمه بالغرض منه (المادة الثانية من قانون التجمهر) .

حيث أنه من المستقر عليه قضاء في شأن المادتان الثانية والثالثة من قانون التجمهر أن شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه إرتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القانون أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل بإستعمال القوة والتهديد بإستعمالها ومناط العقاب على التجمهر هو ثبوت علمهم بهذا الغرض .

فيشترط لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين سالفتي الذكر إتجاه غرض المتجمهرين إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض وأن تكون نية الإعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور، وأن تكون الجرائم التي أرتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم إستقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور، وقد وقعت جميعها حال التجمهر.

كذلك فإنه من المستقر عليه أيضاً أن التجمع قد يكون بريئاً مسموحاً به في بدء تكوينه ثم ينقلب إلى تجمهر معاقب عليه ، ويكفي حصول التجمهر عرضاً ومن غير إتفاق سابق لإستحقاق المتجمهرين للعقاب.

كذلك فإنه من المستقر عليه قضاءاً أن مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذاً للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض.

ولما كان ذلك و كان الثابت من أوراق الدعوي أن المتهمين من ضمن حشد المتجمهرين والذى يتكون من ألفى شخص تقريبا وكان ذلك تنفيذا لغرض ارهابى تمثل هذا الغرض فى تقدير أمن المواطنين وسكينتهم وطمأنتيهم وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر وذلك من خلال تجمهر مسلح جاوز أفراده خمسة أشخاص وكانوا قد تجمعوا وأجمعوا أمرهم على أمر واحد معلوم لديهم هو السير فى مسيرات غير سلمية يحمل أفرادها الأسلحة النارية،يستعرضون قوتهم بقصد ترويع الأهالى يرددون الهتافات العدائية للجيش والشرطة ، يستفزون المواطنين اللذين ينتمون للوطن ومؤسساته ويخشون عليه ويرجون بقائه ، يقذفونهم بالحجارة والزجاجات المولوتوف ويطلقون عليهم الأعيرة النارية عمدا لقتلهم لترويج صورة أنهم مازالوا يحملون لواء المقاومة وتصدير مشهد التناحر والإقتتال بين طوائف الشعب وإعلان رفضهم لعزل رئيسهم بإستخدام القوة وبغير القنوات الشرعية ، فإن كل من إشترك فى تنفيذ هذا الغرض الإرهابى وهو عالم به أعتبر مسئولا جنائيا عن كافة الجرائم التى إرتكبها أفراد التجمهر والتى وقعت نتيجة نشاط إجرامى من طبيعة واحدة وهو فى حقيقته غرض غير مشروع وقد توافر لديهم العلم بذلك من خلال التحريض والحشد المباشر من بعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين فضلا عن إمدادهم بالأسلحة النارية والخرطوش والأسلحة البيضاء وزجاجات المولوتوف وتوجههم صوب هدفهم فى مسيرة حاشدة تنبئ بعلم من إشترك فيها بالغرض من التجمهر.

ليس هذا فحسب بل أن ماجاء قاطعا فى شأن توافر ركن العلم لدى المتهمين هو ما أتاه المتجمهرون فور وصولهم لمسرح الأحداث من الإعتداء بالضرب على الأهالى المتواجدين بتلك المنطقة بإستخدام الطوب والحجارة والشوم وكذا إطلاق الأعيرة النارية وسقوط قتيلان والشروع فى قتل أخرين وإحداث حالة من الفوضى العارمة وكانت هذه الجرائم التى أرتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامى من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم إستقل بها أحد المتجمهرين لحسابه .

فإن هذا المشهد واضح الدلالة يكشف وبجلاء عن عدم سلمية التجمهر وأنه جاء محملا بتكليفات عدائية إرتفعت إلى حد الجرائم التى أرتكبت فى العلن بما يسلب أى منهم حق التزرع بعدم العلم من الهدف والغرض الإجرامى للتجمهر إنما كان بقصد إرتكاب جريمة ومنع تنفيذ القوانين واللوائح وأن المتجمهرين يعلمون بهذا الغرض مسبقاً بدليل قبول تنفيذه بالحالة التي كان عليها كذلك فإن من يدعي عدم علمه بالغرض من التجمهر فكان يكفيه الإنصياع لأمر ضابط الشرطة الذي أمرهم بالإنصراف فإما وأنهم رفضوا ذلك وأصروا على موقفهم فإنه منذ تلك اللحظة يكون قد علم بعدم مشروعية الغرض من التجمهر وعدم سلميته وما دام لم يبتعد عنه وآثر البقاء فتحقق مسئوليته الجنائية عن كافة الجرائم بصفتهم شركاء وهو ما يعرف بالتضامن في المسئولية الجنائية.

كما وأنه ومن المقرر طبقا لنص المادة 43 عقوبات والتي نصت علي (من إشترك في جريمة فعليه عقوبتها ولو كانت غير تلك التي تعمد إرتكابها متي كانت الجريمة التي وقعت بالفعل نتيجة محتملة للتحريض أو الإتفاق أو المساعدة) .  فإذا ما أضفنا إلى ذلك أن المتجمهرين كانوا قد أعدوا سلفاً الأسلحة النارية والخرطوش والأسلحة البيضاء وزجاجات المولوتوف وكان من بينهم من يحمل الأسلحة النارية فإن ذلك كافي لإستظهار علم المتهمين المتجمهرين بالغرض من التجمهر.

ولما كان ذلك وكان ماأتاه المتهمين و أخرين مجهولون من وقائع شكلت جرائم معاقب عليها قانونا وكانت هذة الجرائم أرتكبت بقصد تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر والمعلوم لهم الأمر الذى تتحقق معه مسئولية جميع المشاركين فى التجمهر ومن ثم تقضى المحكمة برفض الدفع.

عاشرا :  وحيث أنه عن الدفع بإنتفاء أركان جريمة البلطجة و الترويع وإستعراض القوة المعاقب عليها بالمادتين 375 مكرر، 375 مكرر (أ) من قانون العقوبات

 فإن ذلك مردود عليه أيضا بأنه من المقرر فقها أن البلطجة جريمة عمدية لا بد أن تتوافر بها الركن المادي بأي مظاهره و هي التلويح بالقوه أو إستعراضها للعنف و التهديد و يكون أثر ذلك هو ترويع المجني عليه أو تخويفه أو إيذائه و ذلك كله لتحقيق نتيجة معينة هي إرغامه علي القيام بعمل أو حمله علي الإمتناع عن عمل و أن القصد الجنائي هو إتجاه إرادة المتهم إلي إلقاء الرعب في نفس المجني عليه أو تكدير أمنه و سكينته أو طمأنينته أو الحاق الضرر بمصالحه أو المساس بحريته الشخصيه أو شرفه و إعتباره أوسلامة إرداته.

ولما كان ذلك و كان الثابت من الأوراق و التحقيقات و أقوال شهود الإثبات و التي إطمأنت إليهم المحكمة أن المتهمين وبناءا على تكليفات جماعة اللإخوان المسلمين سالفة البيان قاموا بإطلاق الأعيرة النارية بصورة عشوائية تجاه الأهالى قاصدين من ذلك قتلهم على سند من تكليفات الجماعة لهم والتى تجد صداها فى أنفسهم من بعد أن تجرعوا مرارة الهزيمة على أثر ثورة الثلاثين من يونيو التى زلزلت ملكهم وأزاحت عرشهم وطوت بساط العزه والسيادة،فيا ويل من قام بها أو ناصرعليها وإختطف فرحة إعتلاء حكم البلاد وإستبدلها بحزن وشقاء وأعادهم إلى سيرتهم الأولى،وإزاء هذا الإستعراض للقوة من قبل المتجمهرين من جماعة الإخوان المسلمين بإستخدام الأسلحة التى بحوزتهم وإلقاء الحجارة على أهالى المنطقة مما أثار فزعهم وكدر أمنهم وسكينتهم وعرض حياتهم للخطر ، دون أن تسترسل المحكمة في بقية الأحداث0

 ولما كان ذلك وكان الثابت أن المتهمين وأخرين مجهولين إنما كان قصدهم من ذلك إرتكاب جريمة ومنع تنفيذ القوانين واللوائح  ومن ثم توافرت أركان جريمة البلطجة وذلك بتوافر الركن المادى المتمثل فى السلوك الإجرامى الذى أتاه المتهمون والقصد الجنائى المتمثل فى نية ترويع المجنى عليهم وتخويفهم والتأثير على إرادتهم و من وفاة المجنى عليهما والشروع فى قتل أخرين وفقا للثابت بالتحقيقات ومن ثم فإن هذا الدفع غير قائم على سند من القانون وتقضى المحكمة برفضه.

الحادى عشر : وحيث أنه عن الدفع بإنتفاءأركان جريمة التخريب والإتلاف في حق المتهمين

فمردود علية أيضا  فلما كان نص المادة 90 من قانون العقوبات قد وضع نموذجاً عقابياً على كل من خرب عمداً مباني أو أملاك عامة مخصصة لمصالح حكومية أو للمرافق العامة أو للمؤسسات العامة أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام ، وشدد العقوبة إذا وقعت الجريمة في زمن هياج أو فتنة أو بقصد إحداث الرعب بين الناس أو إشاعة الفوضى .

وحيث أن الفترة التي حدث فيها التجمهر إنما هي زمن هياج وفتنة وكان من بين أغراض المتجمهرين أحداث الرعب بين الناس وإشاعة الفوضى ، ولما كان ذلك وكان الثابت حدوث تلفيات بطريق ( رمسيس ـ غمرة ) العام تتمثل فى خلع وتحطيم أرضية الرصيف لمسافة ثلاثة متر مربع والعلامات الموضوعة بالطريق والجزيرة الوسطى، وكذا تلفيات خاصة بالمواطنين وجود تلفيات بواجهتى العقارين رقمى 267 ، 269،و تلفيات بحانوت بإسم (أسماك الخليج ) وهى عبارة عن كسر زجاج العرض والواجهة وكذا اللافتة الزجاجية الخاصة بالحانوت ،وجود تلفيات بحانوت بإسم ( فطاطرى السلام ) وهى عبارة عن تهشم زجاج الواجهة بالكامل وبعض المحتويات من الداخل ، و تلفيات بحانوت أشغال معدنية وهى عبارة عن كسر واجهته والباب الصاج الخاص به ، و تلفيات بالسيارة الرقيمة ( ل . س . ب 791مصر ) وهى تهشم فى الزجاج الخلفى والفانوس الخلفى ، و تلفيات بالسيارة الرقيمة (س . ب 793 ) عبارة عن تهشم بزجاج السيارة الخلفى ، و تلفيات بالسيارة الرقيمة (و . ل . ج  216 مصر) عبارة عن تطبيق سقف السيارة وتطبيق بالكابوت والجانب الأيمن للسيارة .

وثبت للمحكمة أن هذا التخريب نتيجة للسلوك الإجرامى الذى أتاه المتهمين وأخرين مجهولين  وبذلك تتوافر أركان جريمتى التخريب والإتلاف العمدى طبقا لنص المادة 90عقوبات وكذا المادة 361عقوبات بشأن جريمة  الإتلاف للممتلكات الخاصة دون أن تسترسل المحكمة في بقية الأحداث  وفقا للثابت بالتحقيقات ومن ثم فإن هذا الدفع غير قائم على سند من القانون وتقضى المحكمة برفضه.

الثانى عشر : وحيث أنه عن الدفع بإنتفاء أركان جريمة حيازة وإحراز الأسلحة النارية والبيضاء

فمردود عليه أيضا من أنه من المقرر أن الأصل فى الجرائم على إختلاف أنواعها إلا ما إستثنى منها بنص خاص جائز إثباتها بكافة الطرق و منها البينة و قرائن الأحوال ، و إذا كانت جريمة إحراز سلاح نارى لا يشملها إستثناء فإنه يجرى عليها ما يجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات .

ومن المقررقضاءا أن  للمحكمة كامل الحرية فى أن تستمد إقتناعها من أي دليل تطمئن اليه  فإذا هى أقامت قضاءها بثبوت هذه الجريمة على ما إستخلصته و إطمأنت إليه من شهادة الشهود فلا تكون قد خالفت القانون فى شئ ، و لا يمنع من المساءلة و إستحقاق العقاب عدم ضبط السلاح ما دام القاضى قد إقتنع من الأدلة التى أوردها أن المتهم كان يحرز السلاح و أنه من النوع القاتل بطبيعته المعين بالقانون . وإن جريمة إحراز الأسلحة لا تتطلب سوى القصد الجنائى العام ، الذى يتحقق بمجرد حمل السلاح عن علم و إدراك هذا وقد تم ضبط عدد من الأدوات مما تستعمل فى الإعتداء علي الاشخاص مع بعض من المتهمين فضلا حمل الأسلحة وإطلاق الأعيرة النارية منها بصورة عشوائية على الأهالى .

 ولما كان ذلك فإن المحكمة إطمأنت الى أقوال شهود الإثبات وكافة أدلة الثبوت الأخرى فى الدعوى  على نحو ما إستخلصته من الأوراق بما لا تناقض فيه ومن ثم فان نعى الدفاع فى هذا الصدد لايعدوا أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الأدلة وهو ما تستقل به المحكمة ولا يجوز مجادلتها فيه ومن ثم تقضى المحكمة برفض الدفع .

الثالث عشر : حيث أنه عن الدفع بإنتفاء أركان جريمتى القتل العمد والشروع فيه بركنيهما المادى والمعنوى وإنتفاء سبق الإصرار

فمردود علية أن جنايه القتل العمد تتميز قانونا عن غيرها من جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجانى من إرتكاب الفعل الجنائى إزهاق روح المجنى عليه , وكانت هذه النية "نية القتل" تكمن وتختبئ بين ظلمات المضمور بنفس الجانى والتى يستلزم كشف سترها الإرتكان الى إمارات ومظاهر خارجيه تنبئ عنها , تستقى من عناصر الفعل الإجرامى الذى أتاه الجانى والنتيجة التى تحققت من جراء هذا الفعل ومدى حرصه وعزمه على بلوغ هذه النتيجة بما لايدع مجالاً للشك بأنه قد إنتوى إتيانها تصديقاً لما تولد بنفسه من نية إزهاق روح المجنى عليه .

فالنيه هى القدر الدفين من الضغينة والعداوة والبغضاء التى تتولد لدى الجانى وتكتظ بها نفسه تجاه من يرى أو يخيل إليه أنه قد أسهم بفعله فى إيقاظ ثورته على نحو يجعله أهلا لإتخاذ قراره وإنعقاد عزمه على حصد روح المجنى عليه، ويؤثر ذلك على ما دونه من قرارات.

ولم يحدد القانون شكلا خاصا ولم يضع حدا معينا تتحقق ببلوغه النيه لدى الجانى ، بل أن تحققها رهن بإختلاف العوامل التى أحاطت بالمتهم وأسهمت فى رسم تكوينه وتأهيل شخصيته وإستمدت قوامها من نشأته التى تربى فيها وبيئته التى إحتضنته وعقيدته التى تحلى بها وغيرها من العوامل المؤثرة فى حراك الفكر وثبات النفس وإنفعالها ، لذا فهى تختلف من شخص لأخر وحسب المحكمة أن تستظهرها على هدى من كافة هذه الظروف مجتمعة .

وأنه يكفى لإثبات توافر نية القتل إستخلاصه من الأفعال المادية التى أتاها الجانى وتوقيت توجيه هذه الأفعال ووسيلة القتل والعنف فى توجيه الفعل فى مواقع المجنى عليهم , كما يكفى لإثبات نية القتل أن يكون المتهمين إستعملوا أدوات قاتلة بطبيعتها وتوجههم إلي قتل المجنى عليه إذ على المحكمة أن تستقرء الباطن من خلال إستنطاق الفعل لمكنونه وإستبيان دلالة إتيانه للوقوف على حقيقة ما قصده الجانى وإزاحة الستار عن نيته من خلال إستخلاص سائغ يؤدى إلي النتيجة التى إنتهى إليها.

وحيث أثبت الحكم توافر نية القتل فى حق الفاعلين فإن ذلك يفيد حتماً توافرها فى حق من أداه معه بالإشتراك فى المسئولية ,وأن النية المبيته على الإعتداء يصح أن تكون غير محددة ويكفى فيها أن يدير الجانى الإعتداء على من يعترض عمله .

ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق والتحقيقات وأقوال شهود الإثبات والتى إطمأنت إليهما المحكمة أن نية إزهاق الروح تحققت وأمكن إستخلاصها من الضغينة التى إمتلأت بها نفوس المتهمين وأخرين مجهولين  "المتجمهرين " والتى غرسها بداخلهم قيادات الإخوان المسلمين مستغلين ما لمسوه فيهم من التسليم بما يقولون والثقة فيما يصنعون والطاعة لما يأمرون فراحوا يدسوا عليهم من القول ما يشق الصف ويزيد الفرقة بينهم وبين كل من طالب بإقصاء الرئيس المعزول حيث نزعوا عنهم لباس التقوى ووصفوهم بالخونة والكافرين والمنافقين وصورا لهم لقائهم بهم كلقاء الأعداء فى معركة فتوجهوا في مسيرةوقد تزودوا بالأسلحة النارية وزجاجات المولوتوف والعصى باعثهم فى ذلك ثأرهم ممن ظلمهم ونزع عنهم ملكهم وسلطانهم بغرض تنفيذ مقصدهم و مخططهم الإجرامى وقاموا بالإعتداء على المجنى عليهم بأن قام بعضهم بإطلاق الأعيرة النارية من الأسلحة النارية التى بحوزتهم صوب الأهالى و على أثر هذا الإطلاق أصابت الطلقات المجني عليهما وفقا للثابت بالتقارير الطبية المرفقة بالتحقيقات قاصدين من ذلك قتلهم دون أن تسترسل المحكمة في بقية الأحداث ومن ثم فإن نية إزهاق الروح تكون قد تحققت لدى الفاعل وتتحقق معه مسئولية جميع المتهمين بإعتبار أن الجريمة إرتكبت بقصد تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر والذى يستبين من خلال ظروف الدعوى وملابساتها والجرائم التى ارتكبت فيها .

ولما كان ذلك وكانت المحكمة إطمانت الى الثابت من الأوراق والتحقيقات وأقوال شهود  الإثبات وفقا لما إستخلصته المحكمة من الأوراق ومن ثم فان نيه القتل توافرت فى حق المتهمين جميعاً بوصفهم الفاعل الأصلى لهذه الجريمة للمجنى عليهما

كما خاب أثر جريمة الشروع في قتل المجني عليهم سالفى الذكر وفقا للثابت بالتحقيقات  لأسباب لا ترجع إلي إراده الجناة و هو مداركتهم بالعلاج .

وحيث أنه عن ظرف سبق الإصرار فإنه من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى قد لا يكون لها فى الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة إنما هى تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي إذ البحث فى توافر هذا الظرف من إطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى مادام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لاتتنافر عقلاً مع هذا الإستنتاج وليست العبرة فى توافر ظرف سبق الإصرار بمضى الزمن لذاته بين التصميم على الجريمه ووقوعها طال هذا الزمن أو قصر بل العبرة هى بما يقع فى ذلك الزمن من التفكير والتدبير فما دام الجانى إنتهى بتفكيره الى خطة معينه رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمه كان ظرف سبق الإصرار متوافرا ولاتقبل المنازعة فيه.

من المستقر عليه أيضا أنه لايشترط لتوافر سبق الإصرار أن يكون غرض المصر هو العدوان على شخص معين بالذات بل يكفى أن يكون غرضه المصمم عليه منصرفا إلي شخص غير معين وجده أو إلتقى به مصادفة.

ولما كان ذلك وكان الثابت من أقوال شهود الإثبات والتى إطمانت المحكمة إليهم أن المتهمين وأخرين مجهولين إتفقوا فيما بينهم على الخروج بناءا على التكليفات الصادرة إليهم والتحرك فى مسيرة بتاريخ 15/7/2013القادمة من ميدان رابعة العدوية ومتجهة إلى ميدان رمسيس وأثناء مرورها أسفل كوبرى غمرة بشارع رمسيس دائرة قسم الظاهر قاموا بقطع الطريق وتعطيل حركة المرور والتعدى على المواطنين من أهالى المنطقة مستخدمين الأسلحة الخرطوش والبيضاء والشوم والحجارة وقد تملكتهم الضغينة وسيطرت عليهم غريزة الإنتقام من جراء عزل رئيسهم. آمتلأت بها نفوسهم وعدوانهم للفصيل الآخر الذي إنتصر لرأيته وإرادته وأعدوا لذلك الأسلحة النارية وغيرها من الأدوات مما تستعمل فى الإعتداء على الأشخاص يكشف عن توافر ظرف سبق الإصرار على القتل العمد لأى شخص تتحين الفرصة لقتله وهو ماتحقق بشأن المجنى عليهما سالفى الذكر وفقا للثابت بالتحقيقات وتستخلص منه المحكمة توافر نية إزهاق الروح لدى المتهمين وأخرين مجهولين وأن هذه النية العمدية بالقتل مشمولة بظرف سبق الإصرار و أن وسيلة الإعتداءعلى المجنى عليهم إنما كان عبارة عن الأسلحة النارية اذ من المستقر عليه أن سبق الاصرار هو وصف للقصد الجنائى لاشأن له بالوسيلة التى تستعمل فى الإعتداء على المجنى عليه وإيذائه نتيجة لهذا القصد المصمم عليه من قبل.

وحيث أنه من المقرر شرعاً أن الحرابة من أشد الجرائم خطراً لما تنطوي عليه من إرهاب الناس وقتل للأنفس وهتك للأعراض وسلب للأموال وعقوبة المحارب نزل فيها قول الحق سبحانه ({إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلفٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيم ) [المائدة :33 ] .

وحيث أنه من المقرر شرعا أن القرينة القاطعة هى ما يستخلصه المشرع من أمر معلوم للدلالة وهى إمارة ظاهرة تفيد العلم عن طريق الإستنتاج بما لا يقبل شكا أو إحتمالا ومنها ما نص عليه الشارع أو إستنبطه الفقهاء بإجتهادهم ومنها ما يستنبطه القاضى من دلائل الحال وشواهده بإعتبار أن القضاء فيهم, ومن القرائن القاطعة مالا يسوغ  تعطيل شهادته لأنها أقوى من البينة والإقرار وهما خبران يتطرق إليهما الكذب والصدق ولما كان الغرض من الدليل الذى يقوم إلى القضاء هو إيبانه الحق وإظهاره وقد يوجد فى الدعوى من القرائن القاطعة ما يرجح كفة أحد الخصمين ويدل على الحق في الخصومة وليس من العدالة ولا من الحق أن تهدر دلالتها ويحجر على القضاء الأخذ به وأن العدوان الذى يمارسه أفراد أو جماعة يشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد وقطع الطريق وكل فعل من أفعال العنف أوالتهديد يقع تنفيذا لمشروع إجرامى يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم أو أحوالهم للخطر ومنها إلحاق الضرر بالمرافق والأماكن العامة أو الخاصة أو تعريض أحد الموارد الوطنية أو الطبيعية للخطر وكل هذا من صور الفساد فى الأرض التى نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عنها فى قوله " ولاتبغ الفساد فى الأرض إن الله لا يحب المفسدين " فهذا النوع من الجرائم والأفعال الإجرامية هو الذى يرفضه الإسلام شكلا وموضوعا إذ لايحل لمسلم أن يروع مسلما كما أخبرنا رسول الله  (صلى الله عليه وسلم) .

وكانت القرائن السالف بسطها تومئ فى مجموعها أن المتهمين وأخرين مجهولين تعاونوا وإتفقواوإشتركوا فيما بينهم على الإثم والعدوان يبغون الفساد فى الأرض فخرجوا الإخوان المسلمين وأنصارهم من التيارات الإسلامية الموالية بناءا على التكليفات الصادرة إليهم بالتوجه فى مسيرات ومن أماكن مختلفة وأوقات متفاوتة بغرض تنفيذ مخططهم الإجرامى مدجج بعضهم بالأسلحة الفتاكة من الأسلحة النارية وغيرها من الأدوات مما تستعمل فى الإعتداء على الأشخاص وتكدير الأمن والسكينة العامة تنفيذا للأغراض الإرهابية لجماعة الاخوان المسلمين و انهم إتفقوا وإشتركوا فيما بينهم لإرتكاب تلك الواقعة تنفيذا لمخطط جماعة الإخوان المسلمين بنشر حالة من  الفوضى والهياج فى البلاد وتكدير السلم العام والسكينة العامة والقاء الرعب فى نفوس المجنى عليهم بقصد إراقة الدماء وإزهاق أرواح المجنى عليهم على النحو المبين بالتحقيقات فإن ما يثيره الدفاع في هذا الشأن لا يكون سديداً ومن ثم تقضى المحكمة برفضه.

الرابع عشر : حيث أنة وعما أثاره الدفاع من أوجه دفاع أخرى حاصلها التشكيك فى الدليل الذى إطمأنت اليه المحكمة بقالةعدم معقولية الواقعة و خلو الأوراق من ثمة دليل تصح به الإدانة

فهو فى حقيقته لا يعدوا أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الأدلة وإستخلاص ما تؤدى إليه مما تستقل به هذه المحكمة ولما كانت الصورة التى إستخلصتها المحكمة من أقوال شهود الإثبات وسائر الأدلة الأخرى التى أوردتها لا تخرج عن الإقتضاء العقلى والمنطقى ولها صداها وأصلها فى الأوراق فلا يجوز منازعتها فى شأنه ويكون نعى الدفاع فى هذا الصدد غير سديد ومن ثم تقضى المحكمة برفض الدفع.

لما كان ذلك وكانت المحكمة تطمئن إلى أدلة الإثبات في الدعوى سواء القولية منها أو الفنية التي بنيت على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي إنتهت إليها فانها تعرض عن إنكار المتهمين إرتكابهم للجرائم المسنده إليهم بالتحقيقات إذ لا يعدوا هذا الأمر منهم سوي محاوله للتملص من وزر الجريمه للإفلات من عقابها فضلا عن مجافاتها الأدله الثابته التي طرحتها المحكمة علي بساط البحث و قلبت فيها الرأي و محصتها عن بصر و بصيره فوجدتها سديده و متسانده . كما لم تفلح محاولات الدفاع من الإفتئات عليها أو الطعن في سلامتها أو الإنتقاص من قوتها في التدليل فإستحوذت علي كامل إطمئنان المحكمة و كان لها أثرها البالغ في تكوين عقيدة المحكمه فيما إنتهت إليه ، وكانت المحكمة قد أطرحت كل ما يخالف هذا الإطمئنان إما لكونه مجافي للحقيقة والواقع وإما لكونه لم يقوى على أن ينال من الدليل في الدعوى. 


وكانت النيابة العامة قد  أسندت إلى المتهمين اتهامات الاشتراك فى تجمهر بغرض الاعتداء على الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة، واستعراض القوة والتلويح بالعنف واستخدامهما ضد المجنى عليهم بقصد ترويعهم وإلحاق الأذى المادى والمعنوى بهم، وقتل المواطن أحمد صلاح البسيونى، وآخرين عمدًا مع سبق الإصرار، والشروع فى قتل المواطن عمرو بدوى وآخرين عمدًا مع سبق الإصرار، وتخريب مبانٍ وأملاك عامة.