من الأزمات العربية إلى تيران وصنافير.. 10 ملفات ساخنة على مائدة حوار السيسي وسلمان في الرياض

تقارير وحوارات

الرئيس السيسي والملك
الرئيس السيسي والملك سلمان


 يتوجه الرئيس عبد الفتاح السيسى، غدًا الأحد، إلى المملكة العربية السعودية؛ لعقد قمة مصرية سعودية تتناول سبل تعزيز العلاقات الاستراتيجية التى تجمع بين البلدين، والتشاور حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب الذى بات يمثل تهديدًا لأمن واستقرار الأمة العربية بل والمجتمع الدولى بأكمله.

جاء ذلك استجابة لدعوة من أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وذلك فى إطار حرص الجانبين على استمرار التنسيق المشترك بما يساهم فى تعزيز العلاقات المتميزة بين البلدين فى مختلف المجالات، والتباحث بشأن سبل التعامل مع التحديات التى تواجه الأمة العربية.

وتأتي تلك الزيارة بعد خلافات دامت عدة أشهر، بسبب إختلاف الرؤي حول القضية السورية، وكذلك أزمة تقسيم الحدود البحرية المعروفة إعلاميًا بأزمة جزيرتي تيران وصنافير، خاصة بعد أن قضت المحاكم القضائية بمصرية الجزيرتين وإلغاء الإتفاقية بين الدولتين.

وذكر بيان للرئاسة المصرية أن الرئيس سيعقد قمة مصرية سعودية تتناول سبل تعزيز العلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين، كما سيتم التشاور حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب الذى بات يمثل تهديداً لأمن واستقرار الأمة العربية بل والمجتمع الدولى بأكمله، حسب البيان.
 وحسب بيان الرئاسة فإن اللقاء يأتي "في إطار حرص الجانبين على استمرار التنسيق المشترك بما يساهم في تعزيز العلاقات المتميزة بين البلدين في مختلف المجالات، والتباحث بشأن سبل التعامل مع التحديات التى تواجه الأمة العربية".

وحسب تصريحات خبراء الشأن الدولي فهناك 5 ملفات رئيسية ستطرح على مائدة حوار الملك سلمان والرئيس عبدالفتاح السيسي، وهم الملف السوري، الملف اليمني، الملف الإيراني، الملف الليبي، الملف الأثيوبي، وإتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.
 
 الملف السوري

هناك إختلاف في الرؤي بين مصر والسعودية بشأن القضية السورية، وسيكون اللقاء بمثابة تقارب لوجهات النظر بين الدولتين.

الخلاف بين الدولتين بدأ، عندما صوتت مصر لصالح مشروع القرار الروسي في مجلس الأمن الدولي بشأن الأزمة السورية ، إلى جانب الصين وفنزويلا، ويدعو مشروع القرار الروسي إلى الاسترشاد بالاتفاق الأمريكي الروسي لإيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، ويحث الأطراف على وقف الأعمال العدائية فورا، والتأكيد على التحقق من فصل قوات المعارضة السورية المعتدلة عن "جبهة فتح الشام" المصنفة إرهابية كأولوية رئيسية.

 وأثار موقف مصر هذا في مجلس الأمن انتقادات سعودية وقطرية. فقد وصف المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المُعلمي تصويت مندوب مصر لصالح مشروع القرار الروسي، بالمؤلم، فقال "المعلمي" بعد التصويت: "كان مؤلما أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى الموقف التوافقي العربي من موقف المندوب العربي "المصري".. ولكن أعتقد أن السؤال يُوجه إلى مندوب مصر".

وأكد أن بلاده ستواصل دعمها للشعب السوري بكل الوسائل. ووصف المندوب السعودي طرح روسيا مشروعا مضادا، واستخدامها الفيتو ضد مشروع القرار الفرنسي بـ"المهزلة"، حسب تعبيره، وأن بلاده وعشرات من الدول الأخرى ستوجه خطاب احتجاج لمجلس الأمن عما جرى.

وهنا قال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية، إنه تم طرح مشروعين ولم يتم التصويت عليهما بنفس الوقت، لافتا إلى أنه عند فشل المشروع الأول المطروح من قبل فرنسا تم طرح المشروع الثانى، ومصر تنظر إلى محتوى الموضوع، مشيرا إلى أن المشروعين بهما عناصر تتفق مع موقف مصر تجاه القضية السورية، ولكن هناك اختلافات فى عنصر أو اثنين، مما يؤكد أن لقاء "السيسي" و"سلمان" سيطرق إلى شرح موقف مصر لتوحيد وجهات النظر.


الملف اليمني

ومن الملفات التي ستكون على مائدة الحوار بين الرئيس عبدالفتاح السيسي وخادم الحرمين الشريفين هو الملف اليمني، لوجود إختلاف في وجهات النظر بين الدولتين أيضًا حول تلك الأزمة.

الخلاف بدأ عندما تدخلت السعودية في اليمن عسكريًا وهو ما تم تنفيذه في الفترة الأخيرة بالفعل وهو ما ترفضه مصر،  فبالرغم من إعلان مصر انضمامها إلى التحالف في أول الأمر، إلا أنها لم تشارك بفاعلية في التحالف العسكري وظلت مترددة في موقفها، بالإضافة إلى استقبالها وفود معادية للرئيس اليمني “منصور هادي” الذي تستضيفة السعودية، كما أن مصر تدخلت في رعاية مباحثات تهدف لتسوية سياسية، وهو ما ترفضه السعودية قبل تحقيق تقدم ميداني معين يكون ورقة ضغط أثناء المفاوضات.

ويرى مراقبون أن السعودية تجاوبت مع الرغبة المصرية في تشكيل القوة العربية المشتركة في إطار مساعيها لدفع مصر للانخراط بقوة في دعم عملية “عاصفة الحزم” في اليمن بقوات برية، فعندما رفضت القاهرة التجاوب مع الرغبة السعودية بالانخراط في المستنقع اليمني، عادت الرياض عن موقفها في إنشاء القوة المشتركة.

وفي هذا الشأن، يقول الدكتور سعيد اللاوندي، أستاذ العلاقات الدولية، إن المواقف الخاصة بالدول العربية ستكون على مائدة الحوار بين "السيسي" و"سلمان"، مؤكدًا أن موقف مصر لن يتغير تجاه القضية السورية واليمنية، فسيظل الرئيس عبدالفتاح السيسي رافضًا التدخل في اليمن، وكذلك سيظل مؤيدًا للحل السلمي في سوريا وبقاء بشار الأسد.

الملف الليبي

وهناك إختلاف لوجهات النظر بين مصر والسعودية بشأن الملف الليبي أيضًا سيكون على مائدة الحوار بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والملك سلمان، لتقريب الرؤئ في ذلك الملف.

فترى مصر وجوب توجيه ضربات عسكرية عربية للإسلاميين في ليبيا على غرار عاصفة الحزم، ولكن السعودية ترفض بشدة هذا التوجه؛ ما جعل مصر توقن جيدًا أن السعودية لم تعد ترى أن الإخوان هي العدو الأول الذي يجب محاربته، كما أيقنت أن القيادة السعودية الجديدة أجرت تعديلات على أجندتها الإقليمية جعلت الأولوية لمواجهة الخطر الإيراني وأجلت مواجهة الإخوان.

الملف الأثيوبي وسد النهضة

وهناك أزمة طرأت بين مصر والسعودية خلال الفترة الماضية، بعدما زار مستشار الملك السعودي لسد النهضة أثيوبيا، وهو ما أدى إلى إنتقال العلاقات المصرية السعودية من مرحلة الخلافات إلى التوتر وهو ما لم يكن في حساب كلاً من القاهرة والرياض، فسيكون الحوار بمثابة وضع حل لتلك التوترات وشرح السعودية لموقفها وأسباب تلك الزيارة.

ففي نهاية 2016، قام أحمد الخطيب مستشار العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز بزيارة لسد النهضة الإثيوبي، فيما رأى فيه البعض في مصر تصعيداً من الرياض في علاقاتها مع القاهرة.

الديوان الملكي السعودي حاول التخفيف من وقع الزيارة على الجانب المصري، مبرراً قيام مستشار الملك بتفقد سد النهضة، بأنه تم في سياق تواجده بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا، وأن زيارة السد لم تكن مدرجة على جدول لقاءاته بإثيوبيا، فيما اعتبرت الحكومة الاثيوبية أن زيارة مستشار الملك السعودي لإثيوبيا واجتماعه برئيس الوزراء هيلي ماريام ديسالين وعدد من كبار المسؤولين في اثيوبيا، جاء للاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة للتعاون بين البلدين في مجال الطاقة، حيث دعا رئيس الوزراء الإثيوبي المسؤولين السعوديين إلى دعم سد النهضة مادياً، والاستثمار في اثيوبيا، وفوق ذلك الاتفاق على مشاركة المستثمرين السعوديين في مجالات الاستثمار المختلفة في أديس أبابا.

هذه الزيارة وصفت في العاصمة المصرية بـ"المكيدة السياسية" والتي تقوم بها المملكة رداً على الموقف المصري الآخذ في التباعد مع المملكة منذ تصويت مصر لصالح المشروع الروسي في مجلس الأمن بشأن الأوضاع في سوريا في التاسع من أكتوبر أول الماضي.

وفي هذا الصدد، أكد رفعت لقوشة، المفكر السياسي والاستاذ بجامعة الاسكندرية، أنه من بين الملفات المطروحة على طاولة لقاء الملك سليمان والرئيس عبدالفتاح السيسي هو 4 بؤر وهي التي يوجد بها إختلاف لوجهات النظر وهم القضية السورية واليمنية والليبية وكذلك ملف أثيوبيا وسد النهضة، موضحًا: " خلال عام 2017 اتضح أن هناك تصاعد في تلك المنطقة وتحولت الأزمات لأشبه بلعبة الشطرنج بدأت بضربة أمريكا لسوريا، ثم خلاف على الحدود الاردنية نهاية بتفجير الكنستين بمصر وهذه الوقائع مرتبطة ببعضها البعص، فهناك معدلات تسريع فيجب التحسب لها وتسريع التفاهمات المشتركة بين الدول العربية".

 ملف جزيرتي "تيران وصنافير"

ومن بين النقاط التي سيتطرق إليها الحوار بين الملك سلمان والرئيس عبدالفتاح السيسي، هو أزمة إعادة ترسيم الحدود بين مصر والسعودية المعروفة بأزمة جزيرتي تيران وصنافير، فسيحاول الزعيمان العمل على تقارب وجهات النظر بين الطرفين في تلك الأزمة.

 وتعود الأزمة إلى أن مصر والسعودية وقعا في أبريل 2016، اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين البلدين بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وبمقتضى تلك القضية تذهب جزيرتي تيران وصنافير إلى حدود الرياض، ولكن الأزمة في إعتراضات المصريين على الاتفاقية وبدأت المحاكم تتداولها حتى وصلت إلى حكم نهائي وبات بمصرية الجزيرتين في أبريل 2017، الأمر الذي أغضب المملكة وعمق الخلاف بين الدولتين، في إنتظار القرار النهائي لمجلس النواب الذي عرضت الحكومة الإتفاقية عليه لإتخاذ قرار بها.

 وعن المناقشات حول تيران وصنافير، قال سعيد اللاوندي، أستاذ العلاقات الدولية، إن اللقاء سيتطرق بالطبع للجزيرتين باعتبارهما باعتبارها مشكلة بين البلدين، وسيكون الحديث في إطار المناقشة وليس اتخاذ قرار، متوقعًا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي سيوضح للملك سلمان أن القضية تسير في الاتجاه الصحيح وأن مجلس النواب هو الحاكم في القضية.

 الملف الإيراني

الملف الإيراني سيكون مطروح بشدة على مائدة الحوار بين الرئيس عبدالفتاح السيسي وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، فقد تطلب السعودية من مصر عدة مساعدات لمواجهة المد الإيراني، خاصة بعد التهديدات التي شهدتها دول الخليخ بسيطران إيران على مضيق هرمز، وكذلك إثبات الأجهزة الأمنية لتورط إيران في مد الجماعات الإرهابية في مصر بالأسلحة.

والمعلومات المتوافرة من الجانب المصري تشير إلى أن الرياض تعول على مواقف نابعة من القاهرة في ملفات عديدة، بصرف النظر عن المصالح المصرية، وبالذات فيما يتعلق بالملفين السوري والإيراني. 

وفي الواقع، لم تتحدث القاهرة عن أي توجهات لاستعادة العلاقات مع إيران، ولكن يبدو أن هناك هدوءا في العلاقات بين مصر وإيران، ومحاولات لالتزام "اللياقة" الدبلوماسية، تحسبا لأي تحولات في المنطقة، وخاصة بعد قدوم الرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترامب، الذي قد يقوم بإجراء تحولات في سياسات الولايات المتحدة في المنطقة.

وهنا قال المفكر السياسي رفعت لقوشة: "ربما يكون مطروح في لقاء السيسي وسلمان طبيعة العلاقات بين مصر وإيران  وتخاوفت الدولة السعودية من طهران.. ويمكن ان يكون هناك اقتراحات يهدف اللقاء للاستشارة بعضهم البعض فيها.. ويجب أن يكون هناك مصارحة في التعامل ليخرج العرب من أزماتهم".

تعاون تجاري مشترك

وعلى الصعيد الاقتصادي سيبحث الطرفان"المصري-السعودي"، آفاقا واعدة للتعاون في مشاريع ضخمة والتغلب على مرحلة الركود التي أثرت على حجم التبادل التجاري بين البلدين تتبلور في تنفيذ عدد من المشروعات داخل الأراضي المصرية خلال الفترة المقبلة، وتحديدًا في شمال سيناء. 

استئناف اتفاقيات البترول مرة اخري

استئناف ضخ شحنات البترول لمصر من شركة "أرامكو" السعودية مرة أخرى دون شروط مسبقة، فضلا عن تعهد الشركات السعودية كتابي عدم تجميد الاتفاقية مع مصر مرة أخرى.

تحالف عربي للقضاء علي الإرهاب

إنشاء تحالف عربي على غرار "حلف الناتو"، للتدخل السريع لمواجهة أخطار الإرهاب في المنطقة، بمشاركة جميع الدول العربية، إضافة  لمشاورات حول وضع وثيقة عربية موحدة لمكافحة الإرهاب، تنص على التبادل المعلوماتي بين الدول العربية في هذا المجال، وخصوصًا فيما يتعلق بالتنظيمات الإرهابية في الدولة المشتعلة بالحروب.

تعاون في مجال الكهرباء

سيشهد اللقاء توقيع مجموعة من اتفاقيات التي بشأنها تنفيذ الربط الكهربائي بين البلدين، والذي سيتيح مزيدًا من الاستثمارات، كما أنه نقطة وصل رئيسية للتبادل التجاري العربي في مجال الطاقة.