بعد إعلان عدد كتائبها.. ما وراء استغاثة "إيران" لقوات "الباسيج" لحماية النظام؟

تقارير وحوارات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


انتهجت إيران منذ الأيام الأولى لنجاح ثورة الخميني في فبراير 1979، تهميش الجيش النظامي، وعملت على إعداد تشكيلات غير نظامية بمشاركة الشباب الإيراني الموالي للتيار الديني، وكانت أولى بواكيره "الباسيج" التي سحق النظام الإيراني بوساطتها كل معارضيه الداخليين الذين شاركوا في الثورة وإسقاط نظام الشاه، وفي مقدّمهم "حركة مجاهدي خلق".

 

"الباسيج" في سطور

"الباسيج" مليشيا عقائدية مسلحة إيرانية، تضم ملايين المتطوعين وممولة مباشرة من الدولة، وتعتبر من الكيانات الأكثر تأثيرا في الحياة السياسية والأمنية والمجتمعية بإيران، كما تعد أداة عسكرية لحماية مصالح نظامها السياسي داخليا وخارجيا.

 

النشأة والتأسيس

تأسست قوات التعبئة الشعبية شبه العسكرية المعروفة بـ"الباسيج" نهاية عام 1979 إثر نجاح الثورة الإسلامية بقيادة الزعيم الديني الخميني، الذي دعا إلى إنشاء "جيش من عشرين مليون رجل" لحماية الثورة ونظامها السياسي والديني، فتأسست هذه المنظمة الأمنية من مؤيديه المخلصين، ويشير باحثون إلى أن قوات الباسيج ليست سوى نسخة مطورة من الحزب الذي أسسه شاه إيران محمد رضا بهلوي وسماه "راستاخيز" وأراده قاعدة شعبية مكينة لحماية نظلم حكمه والتغلغل في مفاصل المجتمع.

 

تحويل الاستراتيجية

لكن الخميني قام بالعمل الذي حاوله الشاه بطريقة أكثر ذكاء، إذ ما ميز قوات الباسيج هو أنها جاءت مرتبطة ارتباطا عضويا بجسم الجيش الإيراني الذي تألف من الحرس الثوري الإيراني وكتائب الحرس الثوري الإسلامية، وهي جميعها من الكوادر المدربة قتاليا وعسكريا، وخلال الحرب العراقية الإيرانية بين عاميْ 1980 و1988، أسندت إلى قوات الباسيج مهمة اقتحام حقول الألغام لتمهيد الطريق للقوات النظامية التي كانت تقفو أثرها، وتفيد مصادر إيرانية بأن الباسيج قامت بتعبئة مليونيْ شخص أثناء الحرب خدم ربعهم في جبهات القتال.

 

قوة يستعان بها

وبعد انتهاء الحرب أصبح أعضاء الباسيج يمثلون قوة يُستعان بها لمحاربة السلوك المنافي للنظام الإسلامي ولقمع التجمعات السياسية المعارضة له، ولمساعدة قوات الشرطة العادية في ضبط الأمن عند اندلاع أحداث أمنية كبرى تفوق طاقتها، وفقا لقانون سنه مجلس الشورى الإيراني أواخر عام 1992 لتنظيم المهمات الشُّرطية التي تضطلع بها الباسيج.

 

الأوامر من الحرس

تخضع الباسيج لمبدأ ازدواجية القيادة في القرار الذي يطبع الكثير من المؤسسات الحيوية في إيران، ولذلك فإنها تتلقى الأوامر رسميا من قائد الحرس الثوري، لكن قياداتها تتصل مباشرة بمكتب المرشد الأعلى للثورة الذي يمتلك حصرا تعيين قائد الباسيج بناءً على اقتراح من قائد الحرس الثوري، وتتكون من قسمين رئيسيين هما: "كتائب عاشوراء" التي تضم أعضاءها من الذكور و"كتائب الزهراء" لمنتسباتها من الإناث، ويتوزع الأعضاء في كل مدينة إيرانية على "نطاقات مقاومة"، مقسمة هي الأخرى إلى "مناطق مقاومة"، و"قواعد مقاومة"، و"مجموعات فرعية".

 

دمج القوات

وفي عام 2008 دُمجت قوات الباسيج في الهيكل الإقليمي للحرس الثوري فصار كل منهما مقسما إلى 31 وحدة، بمعدل وحدة واحدة لكل محافظة إيرانية ووحدتين لمنطقة طهران، وفي أكتوبر 2009 دُمجت الباسيج رسميا في القوات البرية التابعة للحرس الثوري.

 

أبناء الريف

وطبقا لما أورده الأستاذ الجامعي الأسبق بجامعة طهران الدكتور سعيد جولكار في كتابه "مجتمع أسير: مليشيا الباسيج ونظام السيطرة الاجتماعية في إيران" "صدر عام 2015"؛ فإن معظم المنتسبين إلى قوات الباسيج هم من أبناء الريف الفقير الذين وجدوا فيها مصدرا لامتيازات حرموا منها، وأسهل طريقة للحصول على دخل ثابت والانتساب إلى الجامعة بسهولة فائقة".

 

10 ملايين

وفي حين تقول مصادر إن عدد أعضاء الباسيج يصل إلى عشرة ملايين شخص من الجنسين، يقدرهم جولكار بخمسة ملايين عضو فقط، لكن "65% من الموظفين في الدولة هم أعضاء فاعلون في هذه المنظمة الأمنية"، كما أن طالبًا إيرانيًا واحدًا من بين كل ثلاثة طلاب يمكن أن يكون عضوا فاعلا ومدربا فيها، بسبب قانون نافذ في إيران يخصص نسبة 40% من المقاعد الجامعية لأعضائها.

 

تصنيفات فئوية

ينتظم منتسبو الباسيج ضمن ثلاثة مستويات للعضوية أعلاها "الباسيج الخاص"، ويتلقون تدريبهم السياسي والعسكري والعقائدي في أكثر من خمسين ألف قاعدة ومكتب تابعة للباسيج، موزعة على المساجد والمصالح الإدارية الحكومية والمصانع والمؤسسات التعليمية في عموم البلاد، كما توجد فيها عدة تصنيفات فئوية مثل الباسيج العمالية والباسيج الطلابية.

 

رواتب من الدولة

وتدفع الدولة رواتب ثابتة من ميزانية الحرس الثوري للكادر العامل والأعضاء المتخصصين في الباسيج، كما يحصل الأعضاء المنتسبون على امتيازات عديدة، منها مكافآت مالية وقروض ميسرة وتخفيضات لأسعار الرحلات الدينية لزيارة "المدن المقدسة" لدى الشيعة، كما تسيطر على إدارة مصالح اقتصادية ومالية مهمة في البلاد، وبحسب بعض التقارير تتكون "الباسيج" من 2500 كتيبة.