هل تعلم.. ما هو القصر الأثري الذي لا تغيب عنه الشمس؟

منوعات

فصر البارون
فصر البارون


في منطقة مصر الجديدة وبالتحديد عام 1852 قرر البلجيكي "البارون إمبان" تشيد قصر على التراث الهندي استلهمه من معبد "أنكور وات"، في كمبوديا ومعابد أوريسا الهندوسية ، فكان قصراً اسطورياً وتحفة معمارية فريدة من نوعها ، صمم بحيث لا تغيب عنه الشمس حيث تدخل جميع حجراته وردهاته، وهو من أفخم القصور الموجودة في مصر على الإطلاق.

وترجع فكرة بناء القصر إلى البارون إمبان الذي عرض على الحكومة المصرية فكرة إنشاء حي في الصحراء شرق القاهرة واختار له اسم (هليوبوليس) أي مدينة الشمس واشترى البارون الفدان بجنيه واحد فقط، حيث أن المنطقة كانت تفتقر إلى المرافق والمواصلات والخدمات، وحتى يستطيع البارون جذب الناس إلى ضاحيته الجديدة فكر في إنشاء مترو ما زال يعمل حتى الآن وأخذ اسم المدينة مترو مصر الجديدة إذ كلف المهندس البلجيكي "أندريه برشلو"، الذي كان يعمل في ذلك الوقت مع شركة مترو باريس بإنشاء خط مترو يربط الحي أو المدينة الجديدة بالقاهرة، كما بدأ في إقامة المنازل على الطراز البلجيكي الكلاسيكي، بالإضافة إلى مساحات كبيرة تضم الحدائق الرائعة، وبني فندقاً ضخماً هو فندق هليوبوليس القديم الذي ضم مؤخراً إلى قصور الرئاسة بمصر.

يقع القصر على مساحة 12.5 ألف متر ، وشرفات القصر الخارجية محمولة على تماثيل الفيلة الهندية، والعاج ينتشر في الداخل والخارج، والنوافذ ترتفع وتنخفض مع تماثيل هندية وبوذية، أما داخل القصر فكان عبارة عن متحف يضم تحف وتماثيل من الذهب والبلاتين، كما يوجد داخل القصر ساعة أثرية قديمة يقال أنها لا مثيل لها إلا في قصر "باكنجهام الملكي" بلندن، توضح الوقت بالدقائق والساعات والأيام والشهور والسنين مع توضيح تغييرات أوجه القمر ودرجات الحرارة.

القصر من الداخل حجمه صغير، فهو لايزيد علي طابقين ويحتوي علي 7 حجرات فقط الطابق الأول عبارة عن صالة كبيرة وثلاث حجرات 2 منهما للضيافة والثالثة استعملها البارون إمبان كصالة للعب البلياردو، أما الطابق العلوي فيتكون من 4 حجرات للنوم ولكل حجرة حمام ملحق بها، وأرضية القصر مغطاة بالرخام وخشب الباركيه، أما البدروم (السرداب) فكان به المطابخ والجراجات وحجرات الخدم.

وصنعت أرضيات القصر من الرخام والمرمر الأصلي حيث تم استيرادها من إيطاليا وبلجيكا، وزخارفه تتصدر مدخله تماثيل الفيلة كما تنتشر أيضاً على جدران القصر الخارجية والنوافذ على الطراز العربي وهو يضم تماثيل وتحفاً نادرة مصنوعة بدقة بالغة من الذهب والبلاتين والبرونز، بخلاف تماثيل بوذا والتنين الأسطوري.

وقد صمم القصر بطريقة تجعل الشمس لا تغيب عن حجراته وردهاته أبداً، وبه برج يدور على قاعدة متحركة دورة كاملة كل ساعة ليتيح لمن يجلس به أن يشاهد ماحوله في جميع الاتجاهات، وكان الطابق الأخير من القصر هو المكان المفضل للبارون أمبان ليتناول الشاي به وقت الغروب وكان حول القصر حديقة غناء بها زهور ونباتات نادرة كما يوجد بالقصر نفق يصل بين القصر والكنيسة العريقة "كنيسة البازيليك" الموجودة حتى الآن.

القصر بعد وفاة البارون
ولقد توفي البارون إمبان في 22 يوليو 1929 ومنذ هذا التاريخ تعرض القصر لخطر الإهمال لسنوات طويلة، وتحولت حدائقه التي كانت غناء يوماً ما إلى خراب، وأصبح القصر مهجوراً، تعرض القصر بعد ذلك لخطر الإهمال سنوات طويلة، والذي تحولت فيها حدائقه إلى خرائب وتشتت جهود ورثته ومن حاول شراء القصر واستثماره، إلي أن اتخذت الحكومة المصرية قراراً بضمه إلى قطاع السياحة وهيئة الآثار المصرية اللتين باشرتا عملية الإعمار والترميم فيه على أمل تحويله إلى متحف أو أحد قصور الرئاسة المصرية.

لم يفتح القصر إلا مرات معدودة المرة الأولى عندما وضعت الحراسة على أموال البلجيكيين في مصر عام 1961، ودخلت لجان الحراسة لجرد محتوياته، والمرة الثانية عندما دخله حسين فهمي والمطربة شادية لتصوير فيلم الهارب، والمرة الثالثة عند تصوير أغنية للمطرب محمد الحلو بطريقة الفيديو كليب أما الرابعة فقد تمت بطريقة غير شرعية إذ أن بسبب إغلاقه المستمر نسج الناس حوله الكثير من القصص الخيالية ومنها أنه صار مأوى للشياطين، حيث استهدفه شباب لإقامة حفلا صاخبة انتهت بقضية جنائية شغلت الرأي العام المصري في عام 1997، أما افتتاحه للمرة الخامسة عندما دخل القصر أحمد حلمي ومنه شلبي في فيلم آسف على الإزعاج، كذلك دخله محمد سعد لتصوير بعض مشاهد فيلمه "حياتي مبهدلة"، وأيضا عند تصوير فيديو كليب "أول مرة" لدنيا سمير غانم و محمد حماقي من مسلسل لهفة.

يشار إلي أنه خلال  الاحتفال بمئوية مصر الجديدة، وجد قصر البارون إمبان حلا بعد معاناة استمرت 50 عاما فبعد نصف قرن من الزمان أصبح القصر مصريا بعد أن أبرم المهندس محمد إبراهيم سليمان اتفاقا مع ورثة ملاك القصر جان إمبان حفيد البارون إمبان بشراء القصر مقابل منحهم قطعة أرض بديلة بالقاهرة الجديدة ليقيموا عليها مشاريع استثمارية.