عبد الحليم محمود.. "غزالي القرن العشرين" الذي رفض الانصياع لأوامر "السادات"

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


عُرف بقراراته الصارمة، وعدم الانصياع لأوامر الحاكم، استقال من مشيخة الأزهر لتقلص سلطاته، لم يترك مناسبة إلى وأصدر بيان حولها، هذا هو الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الشريف الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 17 أكتوبر من عام 1978م.

 

عبد الحليم محمود

الإمام الأكبر، الدكتور عبدالحليم محمود، شيخ الأزهر الشريف، من مواليد 12 مايو عام ١٩١٠، بقرية أبو أحمد، وتُسمَّى الآن باسم السلام، التابعة لمركز بلبيس، بمحافظ الشرقية، وحفظ القرآن الكريم قبل التحاقه بالأزهر في عام ١٩٢٣.

 

دراسته

وتدرج "محمود"، في الأزهر؛ حيث حصل على الشهادة الثانوية عام ١٩٢٨، ثم نال العَالِمية عام ١٩٣٢، ثم سافر إلى فرنسا وحصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية، عام ١٩٤٠، بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، وقررت الجامعة طبعها باللغة االفرنسية.

 

مناصبه

عٌين "محمود"، مدرسًا لعلم النفس بكلية اللغة العربية، فى جامعة الأزهر، ثم عميدًا لكلية أصول الدين، في عام ١٩٤٦، وعين وكيلًا للأزهر في ١٩٧٠.

 

وفي ٢٧ مارس ١٩٧٣م، صدر قرارٌ بتوليه منصب شيخ الأزهر، وكانت الفترة التي تولى فيها هذا المنصب شديدة الحرج، حيث جُرد المنصب من معظم صلاحياته، بعد صدور قانون الأزهر في عام ١٩٦١م.

 

إنجازاته

تولى "محمود"، مشيخة الأزهر في وقت اشتدت فيه الحاجة لإقامة قاعدة عريضة من المعاهد الدينية التي تقلص عددها وعجزت عن إمداد جامعة الأزهر بكلياتها العشرين بأعداد كافية من الطلاب، وهو الأمر الذي جعل جامعة الأزهر تستقبل أعدادا كبيرة من حملة الثانوية العامة بالمدارس، وهم لا يتزودون بثقافة دينية وعربية تؤهلهم أن يكونوا حماة الإسلام.

 

أدرك الشيخ خطورة هذا الموقف فجاب القرى والمدن يدعو الناس للتبرع لإنشاء المعاهد الدينية، فلبى الناس دعوته وأقبلوا عليه متبرعين، ولم تكن ميزانية الأزهر تسمح بتحقيق آمال الشيخ في التوسع في التعليم الأزهري، فكفاه الناس مئونة ذلك، وكان لصِلاته العميقة بالحكام وذوي النفوذ والتأثير وثقة الناس فيه أثر في تحقيق ما يصبو إليه، فزادت المعاهد في عهده على نحو لم يعرفه الأزهر من قبل، ولذلك عُرف بلقب "غزالي القرن العشرين".

 

معارضة "السادات"

وفي يوليو 1974، قرر الرئيس الراحل أنور السادات تقليص بعض صلاحيات شيخ الأزهر فما كان من الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر وقتها الذي تولى المشيخة فى الفترة من 1973 إلى 1978، إلا تقديم استقالته الأمر الذي أحدث دويًا هائلًا في مصر وسائر أنحاء العالم الإسلامي؛ مما اضطر السادات إلى إصدار قرار أعاد فيه الأمر إلى سابق عهده، وتضمن القرار أن يعامل شيخ الأزهر معاملة الوزير من حيث المرتب والمعاش، ويكون ترتيبه في الأسبقية قبل الوزراء مباشرة، ويكتسب شيخ الأزهر حصانة في منصبه غير القابل للعزل، إضافة إلى أن تقاعده لن يكون قبل 25 عامًا على الأقل.

 

وعارض الشيخ قانون "جيهان السادات" للأحوال الشخصية، وأكد عدم مطابقة بعض مواده للشريعة الإسلامية، ومع ذلك أصرت الدولة على إصداره فرفض بشدة، ولوح باستقالته، فتم التراجع قليلًا ثم أعادوا المحاولة مرة أخرى قبل وفاة الشيخ، إلا أنه قال: "بعد قليل لن تجدونى ولن تحتاجوا إلى للموافقة على صدور القانون" وبعدها توفى الشيخ، ولم يصدر القانون.

 

رحيله

شعر "محمود"، بآلام شديدة، بعد عودته من الأراضى المقدسة، أجرى على إثرها عملية جراحية، تُوفى بعدها، في صبيحة يوم الثلاثاء ١٧ أكتوبر ١٩٧٨، عن عمر ناهز ٦٨ عامًا.