خلال رحلة استقصائية.. "الفجر" تفتح ملف سبوبة الجمعيات الخيرية

تقارير وحوارات



"الأيتام أحباب الله".. عبارة استغلتها بعض الجمعيات الخيرية في مصر، للتلاعب بأموال المتبرعين، متخذين من كفالة الأيتام سبوبة عبر استمارات ورقية مجهولة البيانات، ولا يميزها سوى اختلاف صور أطفال ملصقة عليها، لإعطاء شكل وهمي عن جدية الجمعية أمام المتبرعين.

 

في رحلة استقصائية كشفت "الفجر"، العديد من الخفايا عن "كفالة الأيتام" داخل الجمعيات الخيرية، واستغلال عدد الأطفال الأيتام الذي يصل عددهم إلى مليوني فرد_بحسب وزارة التضامن الاجتماعي-.

 

البداية جاءت عندما توجهتا محررتا "الفجر"، إلى أحد الجمعيات الشرعية بالجيزة، والاستعلام عن إجراءات كفالة اليتيم داخلها، ليخرج الشيخ المسئول عن جمع التبرعات مجموعة من الاستمارات وعلى المتبرع اختيار شكل الطفل الذي يريد كفالته، دون معرفة ظروفه أو من يآويه.

 

صور الأطفال تكشف التلاعب

وبسؤاله عن كيفية التأكد من صحة المعلومات المتواجدة في الاستمارة، أكد أن هؤلاء الأطفال بالفعل أيتام، وأن من الصعب التلاعب فيها، بالرغم من اكتشاف "الفجر"، في رحلاتها المتتالية على مدار ستة أشهر، أن صور الأطفال كما كانت أول مرة.

 

أما إجراءات التبرع فكانت كارثة آخرى، فكل المطلوب لكفالة الأيتام ما هو إلا إسم المتبرع ورقم هاتفه، دون معرفة مدى مصداقية خطواته لكفالة اليتيم، بل وتجبر الجمعية الشرعية المتبرع على كفالة الأيتام الذكور حتى بلوغ 18 عامًا، والإناث حتى الزواج، بمبلغ ثابت لا يقل عن خمسون جنيهًا شهريًا.

 

إخفاء بيانات الأطفال عن المتبرعين

وبخصوص الإطلاع على الأوراق الرسمية الخاصة بالأطفال، رفضت الجميعة الشرعية التي تخضع لإشراف وزارة التضامن الاجتماعي، الكشف بيانات أي من الأطفال، مؤكدًين أن الأوراق خاصة بهم فقط، وممنوع اطلاع المتبرع عليها، مشيرين إلى انهم يتعاملون مع أسر لأطفال اليتامى من مختلف المحافظات.

 

غرفة المسئولة تثير الشكوك

وبالانتقال إلى الموظفة المسئولة عن التعامل مع الأسر المعيلة للأيتام، وجدنها تقبع في غرفة داخل جراج سيارات في أسفل مبنى الجمعية الشرعية، وتحاط بأدخنة السيارات واسطونات لحام، مما أثار عدة تساؤلات مفادها كيف لجمعية بهذا الحجم تخصص مكتب مسئولة كبيرة في هذا المكان؟، وببداية الحديث معها عن الرغبة في رؤية الأطفال الأيتام لاختيار أحدهم، ظهرت الريبه على وجه الموظفة التي تدعى "ز.م"، وحاولت تدارج الموقف مفصحة أنه يمكن رؤية أطفال بعينهم، تقوم الجمعية باختيار أصغرهم عمرًا، لتحقيق أكبر استفادة من الكفالة.

 

وعن موعد جلب الأطفال، قالت "ز.م"، أنه يحتاج بعض الأيام للتنسيق مع الأسر، فحاليًا ليس متاح وجود أطفال لديها، وبعد أن اطمئن قلبها من أن المحررتان سوف يتواصلان معها لتحديد موعد عن طريق مكالمة هاتفية؛ لدفع الكفالة المطلوبة، قالت: "يارب تكفلوا عشرة مش اثنين".

 

وبسؤالها عن رقابة وزارة التضامن الاجتماعي، على الجمعية، أكدت أنها تشرف عليها فقط، ولكن لا توجد زيارات للجمعية.

 

صور أبناء الغلابة أرضية البيع داخل الجمعية

وبالتجول بين طرقات الجمعية الشرعية، لفت الأنظار  جلوس مجموعة من السيدات يظهر على وجوههم بؤس حالهم، وأمامهم العيديد من المنتجات المنزلية كـ "المخبوزات، والملابس"، وهو ما دفعنا للحديث معهن، للتعرف على كيفية دخولهن داخل الجمعية، ليأتي ردهن كالصاعقة، أن الشيخ المسئول منحهم فرصة الاسترزاق في هذا المكان، قائلة: "كتر خيره بيخلني اقعد هنا، ومطلبش مني غير صور لعيالي وقالي دي اجراءات".

 

الجمعية وسبوبة الشحاتة

وبالتطرق لسيدة أخرى تدعى "ف.ع"، كانت بضاعتها من نوع أخر، فكل ما تملكه مجموعة من الأوراق والتحاليل الطبية التي تثبت مرض نجلها الأكبر الذي يبلغ عشرة أعوام، ومريض بسرطان في المخ، قائلة: "باجي من الفيوم علشان استرزق واصرف على علاج ابني، من القاعدة على سلالم الجمعية بعد ما الشيخ قالي اقعدي هنا وهاتي رزقك ورزق ولادك".

 

وأكملت "ف.ع"، أنها تحصل من الجمعية على مبلغ مالي، ولكن ليس شهريًا، مضيفة: "كل ما العالج بيخلص بسافر وأجي هنا أقعد الم اللي فيه النصيب من الناس".