سيناء بعد 31 عاما "تحرير.. فرحة وذكرى.. وإهمال"

سيناء بعد 31 عاما
سيناء بعد 31 عاما "تحرير.. فرحة وذكرى.. وإهمال"


اليوم ال ـ25 من أبريل , الذكري الـ31 على تحرير أرض سيناء , التى طمع فيها الكثيرين فى الداخل والخارج, ومر على أرضها العديد من المعتدين ولكنها استطاعت بجنودها البسلاء الذين أثبتوا للعالم بأكمله أن سيناء كانت وستبقي أرض مصرية رُويَت أرضها بدماء أبنائها الشهداء, الذين رفعوا شعار لن نفرط في شبر من رمل هذا البلد .


ورغم كل هذه العسرات والعوائق التي قابلت الجيش المصرى الباسل, كان للإنتصار طعم مختلف ومعنا جميل نحتفل بذكراه ونمجده حتي هذا اليوم وسنبقي نحتفل به وبجنودنا الأوفياء الذين يظهرون وقت المحن والشدائد .


فحرب أكتوبر المجيدة لم تكن حربا عادية, فبعد هزيمتنا في حرب 1967 المعروفة بـ النكسة , حينما غدر جيش العدو بالقوات المصرية, وقصفه للطائرات المصرية قبل أن تقلع من أماكنها, وكاد الأمل في الإنتصار يتجه إلى الضعف, ولكن الجنود المصريون كانو وما زالوا مؤمنين بأن أرضنا لن تُسْتَرد إلا بالقوة العسكرية.. واستغرقت مرحلة الصمود 14 شهرا وتضمنت مهمتين.. الأولي تمثلت فى إعادة بناء القوات المسلحة.. والثانية كانت فى كيفية المحافظة علي هدوء الجبهة.. والرد بالنيران علي مدفعية وهاونات ودبابات العدو.. واستطلاع واكتشاف نشاطه .



وكان من أشهر المعارك هذه الفترة معارك قواتنا الجوية في 14 و15 يوليو وكبدت القوات الاسرائيلية في سيناء خسائر فادحة.. ومعارك المدفعية خاصة في قطاع شرق الإسماعيلية في 20 سبتمبر ..67 ووصلت خسائر إسرائيل 9 دبابات و25 قتيلا و300 جريح وثلاث عربات لاسلكي ومدفعية صواريخ.. وكذلك كان تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات شمال شرق بورسعيد في 21 أكتوبر.. بالإضافة إلي التصدي للعمليات الهجومية الإسرائيلية وإفشالها ودفع الدوريات ومجموعات القتال خلف خطوط العدو .


وفي نفس الوقت كان هناك عمل سياسي من أبرزه القمة العربية بالخرطوم والذي تقرر فيها دعم مالي لمصر قدره 95 مليون جنيه استرليني تعويضا عن خسائرنا من غلق قناة السويس وبترول سيناء, وأيضا قرار مجلس الأمن في نوفمبر 1967 رقم 242 والذي جمع بين المطالب العربية بإنسحاب إسرائيل وعدم جواز إحتلال الأراضي بالقوة.. وبين مطالب إسرائيل في الإعتراف بوجودها داخل حدود آمنة.. وقد عملت إسرائيل علي دعم دفاعاتها في سيناء خلال تلك الفترة.. فإتبعت أسلوب الدفاع المتحرك باستخدام أقل حجم من القوات تفاديا لإستدعاء قوات الإحتياط الإسرائيلية لوقت طويل .


ومنذ سبتمبر 1968 وحتي فبراير 1969 دخلت قواتنا المسلحة مرحلة جديدة من القتال أطلق عليها الدفاع النشط والتي كان من أبرز أهدافها استكمال القدرات الدفاعية وتأمين السواحل.. والقيام بأعمال قتالية مختلفة لإقناع إسرائيل بقدراتنا علي إنزال الخسائر بأفرادها وأن إحتلال سيناء له ثمن غال.. وقد دفعت مرحلة الدفاع النشط إسرائيل لإنشاء نقط محصنة سريعة الإنشاء وإقامة ساتر ترابي عالى علي الضفة الشرقية لمراقبة قواتها وإخفاء تحركاتها .


وفي 8 مارس 1969 بدأت المرحلة الثالثة وهي حرب الإستنزاف والتي استهدفت إصابة آلة الحرب الإسرائيلية في سيناء بقدر مؤثر من الدمار في الأسلحة والمعدات والتحصينات علاوة علي خسائر في الأفراد.. وافتتحت بقصف مدفعي مركز علي تحصينات ومواقع العدو في خط بارليف.


وفي 19 يونيو 1970 تقدمت أمريكا بمبادرة سميت مبادرة روجرز تقضي بوقف إطلاق النار بين مصر واسرائيل لمدة 90 يوما.. لتنتهي حرب الاستنزاف في اغسطس ..1970 والتي استخدمت قواتنا المسلحة قواتها البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوي للتأكيد على أن إحتلال سيناء ثمنه غالي..وسقطت مبادرة روجرز نهائيا في 4 فبراير ..1971 عندما أعلن الرئيس السادات أن مصر ترفض وقف إطلاق النار أكثر من هذا التاريخ لأن إسرائيل لم تنفذ بند الدخول في مفاوضات جديدة.. وهو ما يعني تكريس حالة اللا سلم واللا حرب.. وفي فبراير 1971 اعلن الرعلن الرئيس السادات عن مبادرة للسلام.. تقضي بانسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية كمرحلة اولي للانسحاب الكامل.. وتبدأ مصر في تطهير قناة السويس وفتحها للملاحة الدولية.. وعبور القوات المصرية إلي الضفة الشرقية للقناة.. مع وضع ترتيبات للفصل بين القوات خلال فترةوقف إطلاق النار.. وإذا انتهت الفترة بدون تقدم ملموس يكون للقوات المصرية ألحق في تحرير الأرض بالقوة .

وجاءت اللحظة الفارقة في عمر مصر والمصريين وهي :

حرب أكتوبر

ودارت عجلة الإستعداد لحرب أكتوبر.. وكانت فكرة الخطة المصرية إقتحام قناة السويس بالجيشين الثاني والثالث علي طول مواجهة القناة وانشاء رؤوس كباري جيوش تشمل 5 فرق وقوة قطاع بورسعيد بعمق ما بين 15 و20 كيلو مترا مؤمنة بواسطة قوات الدفاع الجوي وبعد وقفة تعبوية او بدونها يتم تطوير الهجوم إلي خط المضايق الجبلية وإحتلاله.. وبذلك تصبح القوات الإسرائيلية في أرض مكشوفة وسط سيناء ولا يتمكن من إنشاء خطوط دفاعية بها .

ولتنفيذ الخطة كانت هناك ثلاثة عوائق يأتي أولها قناة السويس والتي تعد من أصعب الموانع المائية.. وكان العائق الثاني هو الساتر الترابي والذي يميل بزاوية 80 درجة ليستحيل إجتيازه بالمركبات.. وفتح ثغرة واحدة به بإستخدام التفجير والقصف المدفعي تحتاج ما بين 15 و21 ساعة وإلي 500 رجل يعملون 10 ساعات بالطرق اليدوية.. وإلي 5 بلدوزرات تعمل بلا انقطاع 10 ساعات ,أما العائق الثالث وهو خط بارليف .

ودارت الحرب وتحققت الإنتصارات الواحدة تلو الأخري ونجحت القوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي في تنفيذ مهامها بكفاءة عالية ومهارة تدرس في الأكاديميات العسكرية حتي الان ومع انتهاء الحرب ووقف إطلاق النار كانت قواتنا تحتل الشاطئ الشرقي من بورفؤاد شمالا وحتي السويس .

وفي سبتمبر ..1978 كانت وثائق كامب ديفيد والتي تضمنت الوثيقة الأولي لإطار سلام في الشرق الأوسط.. وطبقا لكتاب الإتفاقيات العربية الإسرائيلية من رودس إلي طابا والذي أصدرته الهيئة العامة للإستعلامات في سبتمبر ..1993 فقد حددت الوثيقة الثانية ممارسة مصر لسيادتها الكاملة علي المنطقة حتي الحدود المعترف بها دوليا بين مصر وإسرائيل في فترة الإنتداب.. وانسحاب القوات الإسرائيلية من سيناء .

وفي 26 مارس ..1979 كانت معاهدة السلام.. والتي نصت علي إنهاء حالة الحرب واقامة سلام.. وسحب إسرائيل قواتها المسلحة والمدنيين من سيناء إلي ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الإنتداب.. وأن تحل الخلافات عن طريق المفاوضة أو التوفيق أو التحكيم الدولي.. وهو ما حدث بعد ذلك في مشكلة طابا وعلامات الحدود الدولية.. حتي عادت سيناء كاملة في 19 مارس 1989 إلي مصر بعد نجاح مصر في نقاط الحدود الـ14 المختلف عليها.وقام الرئيس مبارك برفع العلم المصري علي طابا .

وكل هذا يثبت مدي المعاناة التي عانها الجيش المصري من سنة 76 وحتي حرب أكتوبر 73 والإنتصارات المجيدة, وعودة سيناء كاملة إلى مصرنا الحبيبة .

وختاما.. المجد لجنودنا البواسل ولأرواح شهدائنا الأوفياء.. عاشت مصر حرة بكرامة شعبها وأبنائها .