مرشحة مرتقبة للانتخابات الرئاسية تكشف الستار عن مشروع إنقاذ تونس في حوار مع "الفجر"

تقارير وحوارات

الدكتورة ليلي الهمامي
الدكتورة ليلي الهمامي

 

- المرأة لا تصلح لرئاسة نادي ولكن تستطيع قيادة دولة

- تعرضت لمضايقات ولم ينجدني الأمن ولا أخشى الأذى

- الثورة التونسية لم تحقق أي مكسب

- الإخوان اعتادوا على النواح.. ولست مع حل حزب النهضة

- أي تراجع في نسبة الاقتراع لن يفيد إلا الإخوان

- الطبقة السياسية الحالية وعدت ناخبيها بالجنة وأهدتهم الجحيم

- سنتصدى لأي انحراف من "الميليشيات الحزبية" بالقوة

- الإرهاب فقد بنيته التحتية في المنطقة العربية

- للتوانسة اليهود حقوق مثل المسلمين ويمكن تعيينهم في مناصب قيادية

- تحفيز الشباب على الزواج لاتجاهنا نحو التهرم بحلول عام 2030

- المساواة بالميراث أمر منطقي في فرضه

- لن يتأخر قراري في إعادة فتح السفارة السورية في تونس

تقدم نفسها كشخصية تحررية اجتماعية مستقلة، قضت حياتها المهنية بين تونس ولندن والعديد من العواصم الأوروبية والأفريقية، تملك الثقة الكاملة بنفسها لتقول "لدي معرفة وتجربة أضعها اليوم في خدمة تونس في ظرف صعب يحتاج إصلاحات جوهرية على كافة الأصعدة"، بل ترى أيضا من خلال شخصيتها المستقلة القدرة على توحيد القوى الاجتماعية.

رغم إخفاقها في المرة الأولى، إلا أنها لم تيأس، لايزال حلمها لتونس قائم، تترشح لارفع منصب في بلدا عربي وهي سيدة.. ليلى الهمامي، دكتورة في الاقتصاد من جامعة السوربون بباريس، زوجة رجل أعمال لبناني، ولديها ابن وحيد، قضت حياتها المهنية في جامعات ومراكز بحثية أوروبية، أثقلت نفسها بخبرات دولية بعملها في الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي ما جعلها تستطيع منافسة أعتى الشخصيات ذوي المساندة الحزبية والسياسية في بلدها على كرسي الرئيس، التقينا بها وروت لنا ما في جعبتها من أجل تونس، وإلى نص الحوار؛

1-   ما سر تغيير موقفك من الترشح للانتخابات الرئاسية على الرغم من انسحابك من الانتخابات الماضية؟

على الرغم من انسحابي من الانتخابات الرئاسية الماضية في 2014، إلا أن موقفي لم يتغير من الترشح، وخاصة بعد فشل الطبقة السياسية الحاكمة منذ 4 سنوات، وانتشار الانقسامات في الشارع التونسي، خاصة بعد ترك الأحزاب المساحة للشخصيات المستقلة، التي تأكد اليوم قربها من الشارع والمشاغل وهموم الشرائح الشعبية المهمشة.

وعقدت العزم على خوض معركة جديدة من أجل فرض الممارسة الديمقراطية الفعلية وكسر جدار العزل والاحتكار السياسي المفروض على من كان خارج حساب اللوبي الدولي، التي دعمت الإسلام السياسي كشرط من شروط القبول بالنموذج الديمقراطي المفروض على تونس، وأعي بأن المعركة ليست بهينة ولكنني أعلن بأنني على استعداد تام لخوضها.

2-   هل تختلف ظروف الانتخابات الرئاسية للعام المقبل عن ما كانت في 2014؟

بكل تأكيد الظروف مغايرة، حيث أدرك جميع الأطراف الوطنية بفشل النظام السياسي الهجين الذي انتجه دستور 2014، وتأكد المواطن بعجز الطبقة السياسية الحاكمة، على إدارة شؤون الدولة، وتحقيق أهداف الانتفاضة الشعبية في 17 ديسمبر 2010.

كما أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تسير من سيئ إلى أسوأ، واتساع رقعة الفقر، وتزايد نسبة البطالة، وانهيار أكثر من نصف الطبقة الوسطى مع الدينار، بالتزامن مع تواصل الاستهداف الإرهابي، وتصاعد أشكال العنف السياسي، حيث أصبحت البلاد في وضع أقرب إلى السفينة دون ربان.

3-   ما مدى تقبل المجتمع التونسي بأن تكون امرأة رئيسته؟ وهل تري بأن حظوظك كبيرة في الانتخابات؟

ليس للمجتمع التونسي أي اعتراض تجاه ولاية المرأة، ولعل المشكلة مطروحة في علاقة بعض النخب المحافظة، التي لاتزال تتشبث بأراء بالية، أكد التاريخ زيفها، فإذا ما دارت الانتخابات في إطار احترام شروط الشفافية والنزاهة والعدل ورفعت بعض القوى الإقليمية والدولية أياديها عن الساحة السياسية التونسية، فأنني سأكون في مواقع متقدمة ومنافسة جدية من أجل كسب رهائن رئاسية 2019.

ويلعب تسريب المال السياسي لبعض الجهات والدعم اللوجيستي الممنوح لها، من خلال بعض المؤسسات الأجنبية والغربية خاصة، انحياز قطاع واسع من الإعلام السمعي والبصري لشخص رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، المدعوم من حركة النهضة والمنظومة الإعلامية التابعة له.

ومن الضروري أن أذكر الشعب التونسي بمرشح الانتخابات الرئاسية لعام 2014، الذي تلقى دعم ماليًا من جهات أجنبية تقدر بـ4.5 مليار دينارًا خلال تلك الانتخابات، ولم يفصح عن اسمه ولا الجهات المانحة له، في إطار الكيل بمكيالين، المنتهج حاليًا في تونس، إضافة إلى فضيحة الاعتمادات المالية التي منحها البرلمان البريطاني للحكومة التونسية ممثلة في شخص "الشاهد"، والتي قد تم اعتمادها من طرف الحكومة لتشكيل حزام إعلامي داعمًا لها.

4-    ما تعليقك على مزاعم الاهتمام بمظهرك كإمرأة بأنه سيشغلك عن إدارة شؤون البلاد؟

أراهن على الانتخابات المقبلة، بالإقناع عبر تقديم الأفكار والبرامج لحل العديد من المشكلات، أما شكلي وهيئتي فأنها تشكل جزءًا من شخصيتي، التي لم ولن تتغير تحت أي عنوان من العناوين.

5-   كانت ضحى حداد قد ترشحت لرئاسة النادي الإفريقي وقوبلت بهجوم وسخرية كبيرة.. فهل ترين بأن ترشحك سيتخذ مسار مختلف؟

عالم كرة القدم هو رجالي بالأساس، ولا يعتقد بأن امرأة ستكون قادرة على اختراق هذا العالم، ولكن في ذات الوقت يقبل الجمهور الرياضي بوجود وزيرة للشباب والرياضة ويتفاعل مع ذلك إيجابيًا، وهذا أمرًا يؤكد أن اختلاف الرهانات يؤدي إلى اختلاف المواقف، واعتقد جازمة أن الشعب مستعد لرئاسة امرأة للجمهورية التونسية.

6-   سمعنا بمحاولات استهداف سيادتكم فما هي ملابسات الحادث وما تعليقك على تجاهل السلطة اتصالك للنجدة؟

لقد  تعرضت لمضايقات أمام منزلي مؤخرًا، وقدمت كل البيانات لمصالح الأمن، ورغم ذلك لم تتحرك الوحدات الأمنية لنجدتي، ولاتزال الشكوى إلى الآن عالقة.

واعتقد أن من وراء تلك الحادثة، قد أخطأ العنوان، فلست من الذين يتراجعون أو يخشون الأذى، ولكني أحذر من اعتماد بعض الأطراف على أسلوب التهديد والضغط والاستهداف، ولن تكون تونس بفضل إرادة نسائها ورجالها مرتعًا للميليشيات الحزبية وسنتصدى لأي انحراف من هذا الشكل بقوة وصوت عالي.

وأطالب الهيئات الدولية والوطنية المستقلة، بمراقبة تطور الساحة السياسية التونسية من الآن، اعتبارًا لكون الانتخابات مسار تراكمي لا يختزل في يوم الاقتراع.

كما أدعو كافة التونسيين للتصويت بكثافة خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة 2019، وأن كل تراجع في نسبة الاقتراع لن يفيد إلا التيار الإخواني فقط، تحت عنوان "حزب النهضة".

7-   ما هي الملفات والقضايا النسائية المطروحة على مكتبك حال فوزك بالانتخابات؟

ضمان التغطية الاجتماعية للنساء الريفيات، وضمان الحقوق المادية للعمالات الفلاحات، وتمكين كل ربة أسرة غير عاملة من منحة شهرية، ستكون أول قضية أعمل عليها، وذلك اعترافًا من المجتمع لأهمية دورها في رعاية أسرتها وتنشئة أبنائها.

ومن أهم الملفات التي سأنشغل بها، هي رعاية المؤسسة الأسرية من خلال معالجة ظاهرة الطلاق، خاصة تحفيز الشباب على الزواج اعتبارًا لاتجاه المجتمع التونسي نحو التهرم بداية من عام 2030، هذا مع الحرص على فرض التناصف بين الجنسين في مستوى المسؤوليات، وذلك تجسيدًا للمبادئ المعلنة في الدستور والقوانين، والتي قد تبقى مجرد "تزويق" لواقع لا علاقة له بالمساواة الفعلية بين الجنسين.

8-   عند اقتناصك للرئاسة التونسية.. كيف ستتعاملين مع الاضرابات الكثيرة والتي كان أخرها تعليق الأساتذة للامتحانات؟

مسألة التعاطي مع النقابات دستوريًا، من مسؤوليات رئيس الحكومة، ولكن موقع رئيس الجمهورية يؤهله لأداء دور سياسي تحكيمي في حالة نزاع بين الأطراف السياسية أو الاجتماعية، بما لديه من الصلاحيات الكافية للتأثير على مجريات الأحداث

وأراهن في المقام الأول على الدور السياسي، وأود التأكيد على دور النقابات الهام والحيوي في تقطير الحراك الاجتماعي وحماية الدولة من الفوضى العفوية المدمرة للاستقرار، فنقابة الأعراف والاتحاد العام التونسي للشغل، نقابات وطنية لا تلجأ إلى التصعيد إلا عند انسداد قنوات التواصل والتفاوض مع الحكومة.

9-   ما هي أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد التونسي وكيف ستعملين عليها؟

اعتبر أن الاقتصاد الموازي هو أبرز التحديات التي يجب أن تحتويه الدولة، حيث أنه أصبح دولة داخل الدولة، في تحالف مفضوح مع مراكز قوى سياسية تستفيد من هذه الشبكات لنيل الدعم المالي، والحد من سلطة البيروقراطية، وذلك إيمانًا بأن هيمنة الإدارة على الاقتصاد لا يولد إلا الفساد، والإلغاء التدريجي للتعامل بالنقد، وعليه فإن "رقمنة الإدارة" والإلغاء التدريجي للتعامل بالنقد ومراجعة التشريعات المعطلة لحرية المبادرة.

وسيكون لإصلاح منظومة المؤسسات العمومية والمرافق العامة، من الأولويات المطلقة لمرحلة ما بعد 2019، إذ يشهد قطاعي التعليم والصحة حالة من التأزم الحاد ترجمته الهجرة المكثفة لأعلى الكوادر، إضافة إلى الهجرة غير النظامية، وهذا يحتاج دعم الاستثمار وإلغاء الحواجز المعيقة له على شاكلة ما تم إنجازه بنجاح في مصر في السنوات الأخيرة.

ثانيًا ترسيخ ثقافة العمل وخاصة تحفيز الشباب على الاتجاه للحساب الخاص ودعم المشروعات الصغرى ذات العلاقة بالمهارات التقنية، التي يحتاجها المجتمع في مختلف المجالات.

ثالثُا مراجعة المنظومة الجبائية في 3 اتجاهات، الاتجاه الأول تجريم التهرب الضريبي، والثاني ضمان الاستقرار الجبائي، والثالث توزيع قاعدة الاستخلاص الجبائي، ولكن المشروع سيكون أشمل من حيث إصلاح النظام السياسي في اتجاه أحداث التوازن بين البرلمان وسلطات رئيس الجمهورية أمر ضروري وحيوي لإحداث المعادلة بين النظام والحرية وهو ما تحتاجه تونس في هذا الظرف وما يقتديه مشروع الإنقاذ.

10-  برأيك ما هو المخرج من الأزمة الراهنة في تونس؟

أن المخرج من الأزمة الراهنة، لن يكون إلا عن طريق استقالة حكومة يوسف الشاهد المدعومة من حركة الإخوان "النهضة"، وتشكيل حكومة كفاءات في سياق حوار وطني شامل لصياغة برنامج إنقاذ انتقالي، يرتب الأولويات ويحشد الموارد لمعالجة ملفين:-

الأول: تنمية المناطق الداخلية المحرومة والتفاوت بين الجهات.

والثاني: معالجة ملف الشباب، عبر تحرير المبادرة الفردية ودعمها بما يضمن التشغيل في مختلف المجالات المطلوبة اقتصادياً ووفق الحاجات الجديدة، التي أفرزها التطور الاجتماعي، وهذا يحتاج إلي رفع كل الحواجز البيروقراطية المعطلة لاتساق الشباب لحسابه الخاص.

11-    ما رأيك بتعيين يهودي كوزير ببلد إسلامية؟

في البداية، الأمر يتعلق بـ"رونيه الطرابلسي" وزير السياحة الحالي، وهو مواطن تونسي ضمن له الدستور حرية المعتقد والضمير، ومكنه كما مكن كل تونسي من المساواة في المواطنة في إطار الدولة المدنية، التي لا تميز بين مواطنيها على أساس العقيدة أو النوع أو الجنس فالأمر مفروغ منه، أما فيما يتعلق بعلاقة الدولة التونسية بالإسلام، فإنه يتعلق باعتراف الدستور، بأن الإسلام دين الأغلبية، وهو أمر واقع لا يلغي حقوق الإقليات وهي حقوق منصوص عليها دستوريا.

12-       كيف شاهدتي الانتخابات البلدية التي حصلت مؤخرًا وفوز القوائم المستقلة؟.. وهل فقد الشعب ثقته بأحزابه؟

أخر عملية استطلاع رأي، أكدت هذا الاتجاه الذي تبلور خلال الانتخابات البلدية الأخيرة، حيث عبر ما لا يقل عن 68% ترددهم في الذهاب إلى الانتخابات السنة المقبلة، تعبيرًا عن خيبة أملهم في طبقة سياسية وعدتهم بالجنة ولم تمنحهم إلا جحيم الفقر وغلاء الأسعار، لذلك ستتجه حملتي نحو هذه الشرائح الغاضبة من الحكم الراهن في تونس.

13-       ما رأيكم في القرار الأخير بمساواة المرأة للرجل في الميراث وكيف تنظرين لآثاره مستقبلا؟

أن قرار المساواة بالميراث أمر منطقي في فرضه، حيث أن تطور النمط المجتمعي في تونس، ألزم المرأة بالإنفاق على الأسرة تمامًا كما هو الحال بالنسبة للرجل، لذلك من الضروري أن يفهم الجميع أن قضية الميراث قضية عدالة اجتماعية لها مقدمتها ونتائجها، وأتعجب لمن يناقش النتائج دون النظر إلى المبادئ والمقدمات، وهذا أمر فيه اجتهاد والدين يدعو إلى إعمال العقل ولا يمنعه.

وتبقى المسألة مرتبطة بوجود الملكية، فالفقراء لا يتقاسمون ولا يرثون إلا هموم الدنيا ومعانتها، وسيكون حرصنا الأول أن تكون الثروة الوطنية موزعة بصفة عادلة بين الفئات والجهات عندها تكون قضية الملكية والإرث بالنسبة للعديد من الفئات الشعبية والمهمة أمر طبيعي.

14-       ما رأيك في دعوات "السترات الحمراء".. وما هي رسالتك للحكومة الحالية؟

إن عدوى السترات الصفراء تمددت إلى بلجيكا ووصلت إلى إيطاليا وبدأت بعض المجموعات من الحراك المدني في تونس، إعلان العزم على تشكيل حراك من أجل مطالب اجتماعية، واجهتها شيطنة من الحزام الإعلامي الموالي للحكومة في تونس والتي يدعمها الإعلام المحلي لتنظيم الإخوان.

وتعتبر حرية التعبير والتظاهر السلمي والقانوني، حقوق مكفولة دستوريًا، ولا يمكن التنازل عنها تحت أي بند، ورسالتي للحكومة الحالية، هي محاولة توفير الظروف الأمنية والإدارية لإجراء انتخابات شفافة وعادلة في 2019، لعلها تنجح في تسجيل ولو نقطة وحيدة إيجابية في لوحة فشل قاتمة السواد.

15- هل تري بأن ترشح "الشاهد" هو حيلة من حزب النهضة لضرب حزب النداء بأحد أبنائه؟

لم تكن الحيلة بدفع رئيس الحكومة يوسف الشاهد، نحو الترشح بقدر ما كانت إنقلاب النهضة على الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، ودعم "الشاهد" في رئاسة الحكومة لتقسيم حزب نداء تونس وتفكيك الأحزاب، التي شكلت الوحدة الوطنية.

وتمكن "النهضة" بالفعل من تحقيق هذه الأهداف، ولكن اعتقد أن هذا التحالف الانتهازي بين الطرفين مرشح للانهيار بعد سقوط مشروع قانون التقاعد في البرلمان وغياب الثقة بين "الشاهد" و"راشد الغنوشي"، فمخطط النهضة قاعدته "فرق تسد"، والتي يمكنها أن تنقلب على "الشاهد"، لتجدد التحالف مع "نداء تونس"، بدليل زيارة "السبسي" لقطر مؤخرًا وحضور "الشاهد" إلى الرياض للقاء الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي.

وأرى كل من السبسي والشاهد والغنوشي، على حدى، مرشحًا لسنياريوهات الانقلاب أكثر من الاستمرار في التحالفات واستقرار التفهمات.

16- ترين أن هناك أزمة ثقة بين الشعب التونسي وبين السلطة، فما هي ملامحها وكيفية التخلص منها؟

أزمة ثقة عمودية وأفقية شاملة وعامة بين الشعب والحكومة والأحزاب ورئيسة الحكومة ورئاسة الجمهورية والإخوان.

ولعل من أبرز ملامحها، التداول اليومي للاتهامات بمحاولة الانقلاب إلى حد أدركنا حالات عبثية، ومن كان في الحكم لتحضير عملية انقلاب، فهذه الأوضاع تعبر عن فشل نظام سياسي أنتج غموض المسؤوليات من خلال تشتيت الصلاحيات، وجعل لعبة الكواليس أقوي من لعبة المؤسسات، لذلك أفضل الذهاب إلي نظام رئاسي كامل وفق النظام الأمريكي.

17- ما تعليقك على دعوات حل حزب "حركة النهضة" بعد اتهامات الاغتيال الأخيرة والارتباط بالإرهاب؟

الكل هنا يتهم الكل، انتظر الاثباتات المادية التي يمكن للقضاء البت فيها، فاعتقد أن كل الأطراف الوطنية وحتي الخارجية المالكة لمعطيات بملف الإرهاب، ملزمة أخلاقيًا بالكشف عنها.

أما فيما يتعلق بحل حزب النهضة، فأنني لست ممن يؤيد حل هذا النهج، خاصة وأن جماعة الإخوان تراهن على المظلومية، ولعلها تعود بعد حلها لمطالبة الشعب التونسي بتعويضات ثمن نضالها ضد الاستبداد، بعد أن نالت تعويضات باهظة في ظل اقتصاد متهاوي، ودون تمييز بين من اضطهد فعلا لأفكاره، وبين من تورط في أعمال إرهابية خطيرة، استهدفت اختراق الأجهزة الأمنية للدولة، وتفجير أماكن سياحية، وحرق مقر الحزب الحاكم السابق، كما اتساءل: "هل من المصادفة أن تلاحق نفس الشبهات نفس التنظيم اليوم؟".

16- ما هي خطتك للتعامل مع الإخوان بعد اعتلائك عرش تونس؟

سأتعامل مع كل الأحزاب السياسية علي قدر المساواة، في إطار الاحترام الكامل للدستور والقانون ومؤسسات الدولة، ولكني لن أتصالح مع أي طرف يثبت تورطه في الإرهاب أو العمالة لجهات أجنبية.

17- ماذا عن إغلاق السفارة السورية.. وما الإجراء الذي ستتخذيه حال فوزك؟

هناك اتفاق دولي على ضرورة إصلاح الأوضاع السياسية في سوريا، واعتقد أنه من الطبيعي أن تعود العلاقات الدبلوماسية بين تونس وسوريا، كما آآمل أن تنتهي معاناة الشعب السوري من خلال حياة سياسية متطورة على قاعدة وطنية بعيدة عن الاختراقات الاستعمارية الجديدة وإملائتها، ولذلك لن يتأخر قراري في إعادة فتح السفارة السورية في تونس والسفارة التونسية في دمشق أيضًا.

18- هل هناك تحديات للسياسة الخارجية التونسية وما هي مبادئكم في التعامل مع القضايا الخارجية؟

تجديد الثقة مع الدول العربية ورفض أي تدخل مهما كان في الشأن الداخلي التونسي خاصة دعم أطراف سياسية في تحد سافر لسيادة الدولة، من أهم التحديات الخارجية التونسية، فكما نحترم سيادة الدول، نجعل من احترام سيادتنا معيار للتعامل معها.

أما عن القضايا الخارجية، فيتعلق بتعديد الشركات والاتجاه نحو بعث الحياة في الجامعة العربية والاتحاد المغربي؛ من أجل إقناع الأشقاء العرب بضرورة التكامل الاقتصادي وتنسيق سياسات الهجرة والتعليم والإرتقاء بمستوى العلاقات البيئية، إضافة إلى التعاون الأمني في مقاومة الإرهاب.

وفلسفتي في هذا المجال، هي أن نمارس ما نتفق بصدده ونأجل ما نختلف حوله، فهذا المنهج من شأنه أن يضفي العقلانية على العلاقات العربية، كما يمكننا من كسب نقاط هامة وسهلة التحقيق، وخاصة اغتنام فرصة الهامش المتاح جراء المنافسة الحادة بين الأقطاب الاقتصادية التي تسود العالم.

19- هل حققت الثورة التونسية مطالبها، وكيف ستعملي على هذا الملف؟

لم تحقق الثورة التونسية أي مكسب اقتصادي أو اجتماعي، بل كشفت سوء الحوكمة منذ 2011 إلى انهيار منظومة الخدمات والمرفق العام، واتساع رقعة الفقر وتراجع نسبة الاستثمار وتسلل الإرهاب وتمركزه بما دمر القطاع السياحي، ولم تنجح انتفاضة "14 جافي" إلا في فرض حرية التعبير تسعى الإقلية الحاكمة إلى تضيقها واحتكارها وهذا أمر يحتاج دعم مؤسسات المجتمع المدني وتحرير القطاع الإعلامي من أجل ضمان حرية التعبير للجميع، ويبقى إصلاح النظام السياسي شرط من شروط المعادلة بين الحرية والاستقرار وهذا ما ارتأيته في علاقة باستحقاقات ثورة جافي 2011.

20- هل نجحت أساليب الحكومات العربية في محاربة الإرهاب، وما هو منظوركم للأمر؟

الإرهاب ظاهرة مركبة، فيه ما هو محلي وما هو دولي، وأرى أن أداء الحكومات العربية تمكن من قلب المعادلة إلى فائدتها ضد الإرهاب، وعلى الرغم من التضحيات والضحايا فإن الإرهاب فقد بنيته الأساسية في المنطقة العربية، على الرغم من أن تهديده لايزال قائمًا.

ومن الضروري عقد مؤتمرًا عربيًا لمقاومة الإرهاب، يوحد المجهودات، ليس فقط على المستوى الأمني والاستخباراتي، بل كذلك في علاقة بمخططات التنمية خاصة منها الموجهة إلى الشباب وبرامج التعليم والإدماج، التي من المفروض أن تلحق الشرائح الاجتماعية المهمشة بالديناميكية العامة للمجتمع.

ويبقى فتح الملف الثقافي والإيدولوجي هام في هذا السياق فالعصا لا يمكن أن تقتل الفكرة، وإدماج النخب الأكاديمية في المعركة وخاصة وأنها تعرضت لتهميش أو استقالات غير مبررة أو مشروعة في مثل هذه المواجهات، فاستقالة المثقف العربي أو صمته في مواجهة طيور الظلام أو عرابي الخراب مثل المفكر السياسي الفرنسي برنار هنري ليفي أمر غير مقبل.