منال لاشين تكتب: ألاعيب التجارة الحرام

مقالات الرأي



بيع الأجهزة فرز 2 فى أكبر المعارض ملابس «الأوت ليت» تباع بضعف سعرها

حرمان المصريين من هدايا الاعتذار للعميل


لم أتوقع ردود الأفعال تجاه مقالى منذ أسبوعين عن ألاعيب التجار والسوبر ماركت، تلقيت مكالمات كثيرة معجبه بالمقال الذى حمل عنوان السرقة المشروعة، وطالبنى بعضهم بالاستمرار فى الكشف عن أساليب جديدة للتلاعب بالمصريين، وهذه المقال يكشف أساليب التجارة الحرام، فنحن أكثر الشعوب تعرضا للنصب سواء فى الشراء أو البيع معا، ولاشك أن غياب ثقافة حماية المستهلك وراء تعرضنا للنصب بصورة مستمرة ودائما وفى كل المستويات وفى جميع أنواع وأشكال السلع. حتى جمعيات حماية المستهلك فى مصر تدخل ضمن الديكور القانونى وليس لها أنياب ولا مخالب تخيف التجار وتمنع المحتكرين من مص دمائنا وأموالنا.

حتى الجمعيات الفاعلة مثل الجمعية التى أطلقها زميلنا محمود العسقلانى فقد تحولت إلى موزع للسلع الأقل غلاء، ومع غياب الرقابة على الأسواق والتجار، فإن المستهلك يجد نفسه فى قبضة التجار يفعل به ما يشاء.

وربما يندهش البعض من أن أقوى تجمع فى بريطانيا وأكثرهم غنى وأعداد المشتركين هو تجمع اتحاد المستهلكين فى بريطانيا، إنه التجمع الذى يمكن أن يحدث انقلاباً يطيح بأكبر الشركات والتجار بتقرير أو فيديو على مواقع التواصل الاجتماعى، أعضاء جمعيات حماية المستهلك فى بريطانيا لديهم حقوق قانونية تكاد تشبه الضبطية القضائية فى مصر، ونشرات وبيانات جمعيات حقوق المستهلك فى بريطانيا أهم من بيانات الحكومة أو الأحزاب، وتوازى فى قوتها وأهميتها متابعة الفرق الرياضية ونجومها. بالطبع كل دول العالم المتحضر والمتوسط لديها جمعيات حقوق المستهلك قوية وفاعلة، ولكن تظل بريطانيا الجامعة التى يتطلع ويتعلم منها الجميع مبادئ وأساسيات حقوق المستهلك.

1- مرفوع من الخدمة

على الرغم من تغيير قانون حماية المستهلك ورغم بيانات جهاز حماية المستهلك. رغم هذا وذاك، فإن القواعد الرئيسية فى العالم لحماية المستهلك تكاد تكون مرفوعة من الخدمة فى مصر وفى القانون المصرى، فقانون حماية المستهلك لا يتحدث من قريب أو بعيد عن هذه القواعد. أول قاعدة بيع السلع الكهربائية فرز تانى أو نمرة 2، وهو مصطلح يعرفه التجار جيدا، ولكنهم يحرصون على إخفائه عن المصريين، فأى «خبطة» أو تغيير فى لون السلعة سواء ثلاجة أو غسالة تهبط بالسلعة إلى درجة فرز تانى، ويتبع ذلك التصنيف تخفيضا فى سعر السلعة تبعا لنوع العيب مهما كان صغيرا أو غير ملحوظ، وقد حاول رجل أعمال عربى فتح مراكز بيع للسلع الكهربائية فرز تانى فى المحافظات، فوجد حربا ضده من التجار المصريين، وأخبروه أنهم يمنعون تجار شارع عبد العزيز من هذه الخطوة، وأنهم يرفضون بيع الفرز التانى بشكل معلن وتخصيص محلات له، والسبب لأنهم يبيعون هذه السلع فى معارضهم دون أى تخفيض.

ولذلك لا يريدون تنبيه المصريين لحق من حقوقهم، ولهذا يجب أن يحدد جهاز حماية المستهلك قواعد تخفيض أسعار السلع بنسب بناء على العيوب الشكلية والفنية.

ويرتبط بهذه الحقوق إلزام المصنعين أو التجار بنشر مواصفات السلعة بلغة البلد، وهنا يجب نشر بيانات السلعة باللغة العربية، فأسهل طريقة لسرقة أموالك هو أن تشترى بوتاجاز أو غسالة مستوردة دون أن تدرى أن الموتور مثلا صنع فى تركيا أو الصين بينما أن تدفع الآلاف من الجنيهات فى سلعه أمريكية أو يابانية أو ألمانية، وكل المطلوب أن تدرك كل المعلومات عن السلعة، وتقرر ماذا تشترى؟ وكم تدفع فى هذه السلعة؟.

من القواعد الأخرى المنسية فى مصر قاعدة توافر 60% على الأقل من مقاسات الملابس الجاهزة، وتلزم هذه القاعدة المحلات الكبرى والصغرى ببيع المقاسات المتبقية بأسعار منخفضة، ويصل التخفيض إلى 50%، وتلزم القواعد العالمية المحلات بتخصيص مكان خاص بارز بالمحلات لبيع هذه المقاسات.أو عرضها فى فروع خاصة بها تسمى «أوت ليت»، ولكن هذه القاعدة لا يتم العمل بها إلا فى فروع شركات الملابس أو الأحذية العالمية، وذلك التزاما بالقواعد العالمية التى تأخذ بها الشركة فى جميع انحاء العالم، والـ«أوت ليت» يوفر ما تبقى من المقاسات أو الموديلات فى فرع خاص يطلق عليه «أوت ليت»، وقد انتشرت مولات الأوت ليت فى جميع أنحاء العالم. حيث تتخصص مولات لعرض كافة فروع الأوت ليت لعشرات الشركات فى مكان له.

ولكن فى مصر ممكن تدخل محلاً فيفتخر البائع بأن هذه القطعة هى الأخيرة فى المقاسات والألوان، ومع ذلك يصر على بيع القطعة بالسعر المعلن نفسه.

2- بيع واجرى

اشتريت الآن سلعاً فرز تانى وملابس «أوت ليت» ودفعت فيها الشىء الفلانى. انتهت المرحلة الأولى إذن من عملية التجارة الحرام، وتبدأ الآن فى مرحلة نصب الصيانة. عاش المصريون عشرات السنوات تحت سيف القاعدة الشاذة «البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل»، ومع سنوات من تطبيق قانون المستهلك اختفت هذه العبارة فى نحو 90% من المحلات، ولا تزال فى بعض المحلات بالمحافظات النائية أو المناطق الشعبية.

وعلى الرغم من انتشار المحمول فى مصر بنسب أكبر من دول متقدمة كثيرة، إلا أن شركات المحمول تعاملنا أسوأ معاملة فى حالة حدوث عيب، وقد اخترت شركات المحمول لأن مصر لها تجربة واقعية جدا فى توحش شركات المحمول على المصريين.

فى بداية عهد جهاز حماية المستهلك فى مصر تقدم مواطن بشكوى للجهاز ضد شركة أجهزة محمول شهيرة، وأكد المواطن أن الجهاز خضع للصيانة مرتين خلال فترة الضمان، ولا يزال يعانى من العيب نفسه، وأضاف المواطن أن الشركة ترفض استبدال الجهاز، وقام رئيس جهاز حماية المستهلك فى ذلك الوقت سعيد الألفى بإحالة الشركة للنيابة، وما أن نشر الخبر فى الصحف حتى قرر رئيس الشركة العالمية الحضور بنفسه لمصر، لمعرفة المشاكل القانونية التى تتعرض لها شركته فى سوق واعد جدا. وأكد رئيس الشركة استعداد الشركة لتطبيق ما تطلبه مصر بحسب قوانينها، واستعرض رئيس الشركة العالمية الإجراءات التى تتخذها الشركة فى عدد من الدول الأخرى. مثل إلزام الشركة باستبدال الجهاز بآخر جديد إذا تكرر العطل مرتين خلال الضمان، أو إذا ثبت أن العيب فنيا وليس من المستهلك، ولكن مسئولين كبار بالدولة رفضوا انتهاز الفرصة، وفيما بعد عرفنا أن الوكيل المصرى لهذه الشركة العالمية كان شريكا لابن الوزير المسئول عن الاتصالات فى شركة خاصة.

وبالمثل دخلت شركة محمول أخرى السوق وطبقت قاعدة عالمية، وهى إعطاء المستهلك جهاز محمول حتى يتم إصلاح جهازه. لأن الشركة العالمية يجب أن توفر للمستهلك بديلاً حتى يتم إصلاح الجهاز.

وبالطبع فى مصر القواعد لا علاقة لها بهذه القواعد العالمية، ولذلك يضطر المصريون لشراء جهاز جديد بدلا من البهدلة.

من القواعد المحرومين منها فى مصر هى سياسة تعويض أو الاعتذار العميل، وهى سياسة معمول بها فى كل أنحاء العالم إلا فى مصر. إذا اشتريت حذاء أو تى شيرت أو بدلة وظهر بها عيوب صناعة خطيرة بعد كام أسبوع، فإن الشركة لا يمكن أن تكتفى بمجرد استبدال أو إرجاع السلعة الفاسدة فقط، بل إنها تضيف هدية لتعويضك والاعتذار لك، وقد لجأ أحد المصريين للشكوى للشركة الأم للطابعات، وأخبر الشركة العالمية أن الطابعة لا تعمل والوكيل مصر على عدم استبدالها، فأرسلت له الشركة اميل اعتذار باسم رئيس الشركة، وطابعة جديدة وحديثة مع علب أحبار هدية.

ولذلك فأضمن وسيلة للتعامل مع وكلاء الشركات العالمية فى مصر للحصول على حقوقك هى التعامل مع الشركة العالمية رأسا.لأن معظم الوكلاء فى مصر يتعاملون معنا كمواطنين من الدرجة العاشرة وليس الثانية، ويرفضون منحنا أبسط حقوقنا.

أما الخدمات وحقوقنا المنهوبة فيها فحدث عنها ولا حرج وتحتاج إلى ملف خاص ملئ بعشرات القصص والتحذيرات والخداع الذى يتعرض له المواطن المصرى.

ومن بين مهام جهاز حماية المستهلك إتاحة المعلومات عن السلع والمقارنة بين خصائص السلع.