هانى سامى يكتب: انتقام رانيا يوسف

الفجر الفني

هاني سامي
هاني سامي


ألقت النجمة رانيا يوسف بحجر كبير فى بحيرة مواجهة التحرش الراكدة تحت وطأة الخوف مما يعتبره البعض فضيحة ووصمة عار فى جبين المعتدى عليها! .. انتقمت الممثلة الشابة لكل نساء مصر ممن تعرضوا للتحرش على يد رجال، أو لنقُل أشباه الرجال، قررت عدم الصمت وخوض مواجهة عنيفة عبر طرح حقارات المتحرشين والإشتباك مع الازمة من جذورها بضراوة لترى وترصد ردة فعل الرأى العام عساها تخرج بأى حل لتلك الأزمة، ولم تقم وزناً لنجوميتها ووضعها كفنانة كان أفضل لها الصمت ، بل اتخذت القرار كأنسانة وامرأة يتم التحرش بها طوال الوقت وبأكثر من طريقة ووسيلة وإن كان ابرزها الرسائل الخاصة على حساباتها المختلفة بمواقع الواصل الاجتماعى وبالمناسبة هو حال نسبة كبيرة من فتيات ونساء مصر الذين يفضلن الصمت على هذه الجريمة التى ترتكب فى حقهن بسبب بعض الموروثات الاجتماعية العفنة التى تضع المرأة فى مكانة دنيا بعقل وتفكير الرجل.

وأبرز تلك الافكار على الإطلاق يتجسد فى أقوال حينما تتعرض أنثى للتحرش (ماهو كان لازم يتحرش بيكى بسبب لبسك المكشوف ده ، انتى مستنية أيه من الرجالة مدام صدرك مفتوح كده ، ماهو دى أخرة المحزق اللى انتى لابساه ، أكيد انتى اللى مش كويسة عشان كده عمل اللى عمله روحى استرى نفسك ياختى) المهم أن يتم اللوم على المرأة فى مجتمعات تدفع فيها النساء فواتير وثمن كل شىء حتى فى الجرائم التى ترتكب ضدها وتهدد أمنها وتستبيح كرامتها.


كل ما قامت به رانيا يوسف هو أنها نشرت على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعى رسائل المتحرشين بها عبر الرسائل الخاصة، والحقيقة اننى قرأت أحط وأحقر ما يمكن ، قرأت ما يعف اللسان والخاطر يجول بهما، وكانت ردة الفعل هائلة ممن تعرضن للتحرش وتجرأ أسرهن وتقدموا ببلاغات للنائب العام انتفض لها المجتمع بعد أن سبقت رانيا الجميع فى تلك الخطوة وتبع ذلك القبض على العديد من الأشخاص المتهمين بالتحرش أبرزهم صاحب دار نشر كبرى وعدد طلاب باحدى الجامعات بعد أن نشرت بعض الطالبات على مواقع التواصل الاجتماعى تجربتهن مع التحرش على يد ملائهن مما دعى رئيس الجماعة للإعتذار العلنى لهن وتحويل الوقائع للنائب العام والتحقيق داخل الشئون القانونية بالكلية المختصة.


كان رد الفعل الغريب على الاطلاق بعدما أثارته الممثلة الشابة هو تلك التصريحات التى صدرت من المدعو عبد الله رشدى أحد هواة الشهرة فى مسوح الدعاة وسط الأزمة التى استغلها ببراعة كعادته ليظهر فى الصورة حينما قال " ان التحرش جريمة نعم ولكن ملابس المرأة تثير الغرائز وهى السبب الاول فى التحرش " لتنتفض مؤسسات الدولة الدينية ضد رشدى وتعلن دار الافتاء فى بيان رسمى " أن إلصاق جريمة التحرش النكراء بقصر التهمة على ملابس المرأة ما هو إلا تبرير واهم لا يصدر إلا من النفوس المريضة " وتخرج مؤسسة الازهر فى نفس اليوم لتعلن فى بيان رسمى ايضا " تجريم التحرش والمتحرِش يجب أن يكون مطلقًا ومجردًا من أي شرط أو سياق، فتبرير التحرش بسلوك أو ملابس الفتاة يعبر عن فهم مغلوط؛ لما في التحرش من اعتداء على خصوصية المرأة وحريتها وكرامتها، فضلًا عما تؤدي إليه انتشار هذه الظاهرة المنكرة من فقدان الإحساس بالأمن، والاعتداء على الأعراض والحرمات" والسؤال الذى أود طرحه لهذا العبد الله رشدى وغير من اصحاب النفوس المريضة هو ( ما رأيكم فى التحرش بطفلة لم تتعدى الاربع سنوات وهو أمر كثيراً ما طالعتنا به أخبار صفحات الحوادث ؟ مارأيكم فى التحرش بأمرأة غطت جسدها كله بأى شكل سواء بالنقاب أو غيره؟! " فأين دور ملابس المرأة هنا فى الإثارة المزعومة للمتحرش ؟!!! حقاً نفوس مريضة كما تم وصفها.

تضامن المؤسسات الدينية انسانياً مع قضية التحرش كان له عظيم الأثر فى نفوس كل نساء مصر ودافعاً جديداً لزيادة عدد البلاغات ضد المتحرشين بمكتب النائب العام الذى زاد أطمئنان الجميع بإعلان سرية بيانات المجنى عليهن من مقدمى البلاغات وعدم تداولها اعلامياً بأى طريقة.

رانيا يوسف لا تتراجعى وجميعنا نساند وندعم فأنتم أمهاتنا وشقيقاتنا وبناتنا وزوجاتنا ولن نرضى فيكن ابداً ما يؤذى أو يجرح أو حتى يمس حريتكن وكرامتكن وعرضكن وخصوصيتكن ولن نرضى لكن فى وطنكن إلا الأمان سبيلاً.