رحيل أحمد إدريس صاحب الشفرة النوبية في حرب أكتوبر ليلحق بالمشير طنطاوي.. الرئيس السيسي كرمه خلال ذكرى انتصارات التحرير.. "زندنابي واسلانجي" كلمات حيرت العدو الصهيوني (صور)

منوعات

أحمد إدريس صاحب الشفرة
أحمد إدريس صاحب الشفرة النوبية


"صاحب الشفرة النوبية".. هكذا لقب الراحل الصول أحمد إدريس، ابن النوبة، الذي وافته المنية اليوم، في نفس يوم وفاة ابن النوبة المشير محمد حسين طنطاوي، ويعد "إدريس" صاحب فكرة الشفرة النوبية في حرب أكتوبر، وتوفي بمحل إقامته داخل محافظة الإسكندرية، عن عمر يناهز 84 عامًا. 


وتطوع أحمد إدريس، فى الجيش المصرى عام 1954م، كجندى فى قوات حرس الحدود، وخلال فترة خدمته فى القوات المسلحة، تردد بجواره أن الرئيس الراحل أنور السادات، يتحدث عن فكرة جديدة لمحاربة العدو الصهيونى، فعرض عليه استخدام اللغة النوبية التى لا يعرفها أحد غير النوبيين.


إدريس


وكان قد صدق الرئيس السيسي، على منح صاحب الشفرة النوبية حرب أكتوبر، وسام النجمة العسكرية، لما قدمه من خدمات جليلة من أجل الوطن.


الصول أحمد محمد أحمد إدريس، ابن النوبة من قرية توماس وعافية بمحافظة أسوان، صاحب فكرة استخدام اللغة النوبية كشفرة فى حرب أكتوبر، ولم يكن أحد يعلم بخطة شفرة حرب أكتوبر باعتبارها من الأسرار العسكرية حتى جاء تكريم الرئيس السيسى على جهوده فى هذه الحرب.


الرئيس السيسى مع الصول أحمد إدريس


وكانت مصر تعيش ظروف صعبة للغاية بعد نكسة 67، ووصل الإحباط لدى الشعب إلى أقصى درجاته واعتقد الجميع أن الرئيس السادات غير قادر على الحرب، ولكن المفاجأة التى كانت يخطط لها الرئيس الراحل هو إقناع المصريين والعالم أجمع بأن السادات لا يرغب فى الحرب مع إسرائيل وغير مستعد لها، كنوع من الخدع التكتيكية قبل الحرب.


وشفرة الحرب كانت من ضمن المسائل الشائكة أثناء الحرب، خاصة أن إسرائيل فى هذا التوقيت كان لديها أحدث أجهزة التصنت وكشف المكالمات والاتصالات، فكان لابد من التفكير فى وسيلة يتم استخدام الشفرات بين الجيش المصرى وفى الوقت نفسه يمنع وصول هذه الإشارات لجيش العدو.





دخل الصول أحمد إدريس الجيش عام 1954 عسكرى متطوع وحضر حرب العدوان الثلاثى، وظل فى صحراء سيناء منذ عام 57 حتى  حرب اليمن وبعدها دخل حرب 1967، وكان يعرف جميع مناطق صحراء سيناء شبر شبر، وكان مهمته ضبط الحدود ومكافحة المخدرات.


وبعد تولى الرئيس السادات الحكم بحوالى 3 أشهر، كان كل ما يتم إرسال إشارة يتم فكها من جانب اليهود، وظل الجيش حوالى 7 أيام مش عارفين يرسلوا إشارات داخلية من الجيش المصرى للجيش المصرى، لأن اليهود يأخذون خبر، وهنا برز دور الصول أحمد إدريس الذة أبلغ اللواء ورئيس الأركان بفكرته وخطته السهلة فى استخدام اللغة النوبية فى إرسال الإشارات وأبناء النوبة يتكلمون اللغة النوبية ولا يكتبونها وبالتالى يتم إرسال واستقبال الإشارات ويتم ترجمتها للعربية وبناء على ذلك لم يتمكن اليهود من فك الشفرة.





والقيادات أخذوا الفكرة ونقلوها إلى قائد الجيش والذى طلب استدعاء "إدريس" ودار حديث بين الطرفين، وبعدها اتصل قائد الجيش بالرئيس السادات وأبلغه بالفكرة، وعندما علم السادات بالفكرة سئل قائد الجيش: من سمع هذا الكلام ؟ فقال له قائد الجيش: أنا وقائد اللواء ورئيس الأركان والشاويش فقط، فقال له اعتبره سرا ولو خرج ستحاكمون وهاتوا الشاويش ليا بكره "مكلبش بالحديد".


والتقى ابن النوبة بالرئيس السادات ولم يكن يعلم شيئا عن المقابلة قبلها، وذلك بسبب أنه تم اقتياده "مكبلا" إلى مكان مجهول لم يكن يعلمه فى بادئ الأمر، وجاء فى اعتقاده أنه تم التحفظ عليه مع الجواسيس الذين يقيدونهم بنفس الطريقة، وبعدها أخبروه بأنه سيقابل الرئيس السادات وهو ما زاد من قلقه وخوفه، وكان مرعوباً وانتظر أكثر من ساعة ولا يدرى ماذا يقول عندما يقابل رئيس جمهورية، وقال السادات له "اقعد يابنى إيه حكاية اللغة النوبية، فقص له القصة ومن بعدها ضحك السادات بطريقة هيستيرية، وطلب منه ألا يخبر أحدا بهذا السر حتى لأقرب الناس له.





واللغة النوبية كانت تنطق ولا تكتب ولذلك كان صعب تعلمها وانتشارها فى ذلك الوقت، وكان من ضمن المصطلحات التى تم استخدامها فى الحرب، هى "قور" وهى كلمة نوبية تعنى نملة وتشير إلى الدبابة، كما يطلق على الدبابة أيضًا "تمساح" وبالنوبية تسمى "أولوم"، وكانت تسمى العربات الحربية المجنزرة "ثعبان" ويطلق عليها بالنوبية "اسلانجى"، وتسمى الطائرة بـ"الناموسة" ويطلق عليها بالنوبية "زندنابى". 


وكانت هناك أوامر الحروب مثل "أوشريا" يعنى اضرب، و"اوسكو" يعنى تحرك، وغيرها من الشفرات التى كانت تنقل عبر جهاز اللاسلكى بين المجندين النوبيين وتترجم إلى قادة الوحدات، والقوات المسلحة تدرس استخدام اللغة النوبية بفروعها الأربعة وهى "فاديجكيا والماتوكية" وهما نوبيتان فى مصر، و"المحس ودنقله" وهما نوبيتان فى السودان.


صور إدريس فى شوارع أسوان


حفظ "إدريس" السر ما يزيد عن 40 سنة، حتى أنه لم يثرثر به مع أحد من أسرته، وأعلن فى سنة 2010 عن أنه صاحب استخدام اللغة النوبية أثناء حرب أكتوبر، وذلك لأن هناك شخص ظهر فى عدد من القنوات التليفزيونية وأدعى أنه صاحب هذا الاقتراح، واتضح أنه لا يعرف اللغة النوبية أصلاً، ولم يلتحق بالجيش من الأساس، ثم أعلن "إدريس" ذلك وكرمه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى احتفالية ذكرى نصر أكتوبر.