خريطة ملفات الحكومة فى ٢٠٢٢

العدد الأسبوعي

الدكتور مصطفى مدبولي،
الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء

حسم مصير ١٢ قانونًا اقتصاديًا.. أهمها «العمل» و«التخطيط» و«التأمين» و«التكنولوجيا المالية»

قطاعات «التعليم» و«الصحة» و«الصناعة» و«الاتصالات» تحتاج مزيدًا من الدعم

حل أزمة انتعاش الإسكان الفاخر على حساب التصنيع

 

رغم الآثار الإيجابية لبرنامج الإصلاح الاقتصادى مع صندوق النقد الدولى، وتعامله الجذرى مع الاختلالات الرئيسية فى الاقتصاد المصرى، إلا أنه منح نصيبًا كبيرًا لمجموعة من الأنشطة الاقتصادية، أهمها الطاقة والنقل والإسكان الاجتماعى على حساب أنشطة أخرى.

وتخطط الحكومة خلال العام الجديد، للبدء فى تنفيذ المرحلة الثانية من البرنامج، والتى تستهدف تحويل مسار الاقتصاد المصرى ليصبح اقتصادا إنتاجيًا يستطيع المنافسة عالميًا، وتوطين الصناعة المحلية، ويحسن بيئة الاستثمار.

ولتحقيق ذلك هناك اتجاهان لا بد من اتخاذهما على التوازى للوصول إلى هذا الهدف، أولهما إصدار مجموعة من القوانين والتشريعات التى تمهد الطريق لبيئة الأعمال، وثانيهما التركيز على مجموعة من القطاعات التى لم تحصل على نصيبها الكافى من الاهتمام والدعم الحكومى خلال تطبيق المرحلة الاولى من الإصلاح الاقتصادى.

 

هناك العديد من القوانين التى لم تصدر بعد، ويجب أن تخرج إلى النور حتى تستطيع الحكومة تطبيق الإصلاحات المطلوبة فى العام الجديد، على رأسها قانون الإدارة المحلية، والذى يتضمن آليات رقابية قوية تقضى على البيروقراطية والفساد فى المحليات، والتحول إلى اللامركزية المالية والإدارية، ويمنح المحافظين اختصاصات وصلاحيات إدارية ومالية واسعة، وأيضًا للمجالس المحلية، حيث يخصص موازنات مالية مستقلة للمحافظات والوحدات المحلية، ويعمل على تعظيم مواردها لإقامة مشروعات استثمارية وتنموية.

القانون الثانى هو قانون التخطيط الموحد للدولة، والذى وافقت عليه لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب نهائيًا، ولكن لم يتم عرضه على الجلسة العامة لإقراره.

ويستهدف التحول أيضا نحو اللامركزية ونقل السلطات والمسئوليات بين المستويات المحلية المختلفة، وتحقيق استحقاقات الدستور فيما يخص الإدارة المحلية، وإنشاء مجلس أعلى للتخطيط والتنمية المستدامة والتنسيق بين الجهات المعنية بالتنمية.

والقانون الثالث هو قانون تنظيم استخدام التكنولوجيا المالية فى الأنشطة المالية غير المصرفية، والذى تمت مناقشته داخل لجنة الاتصالات بالبرلمان، لكن لم يتم إقراره بشكل نهائى.

ويهدف القانون للرقابة على الأنشطة المالية غير المصرفية التى تقدم من خلال التكنولوجيا المالية المبتكرة لحماية المتعاملين فى هذه الأسواق، وتقديم الاستشارات المرتبطة بها، وإجراءات التأسيس ومنح التراخيص.

القانون الرابع هو قانون إنشاء وتنظيم الاتحاد المصرى للمطورين العقاريين، وهو معروض من البرلمان على الحكومة لاستطلاع الرأى، ويهدف لتأسيس اتحاد منظم لمهنة المطور العقارى، وتنظيم عمله، ووضع ضوابط لسوق العقارات.

القانون الخامس هو قانون العمل الجديد، والذى يناقش حاليًا بمجلس النواب والشيوخ، وينتظره عمال مصر فى القطاع الخاص، حيث يعالج كثيرًا من الإشكاليات الموجودة بالقانون الحالى، بالإضافة إلى قانونى حرية تداول البيانات والمعلومات، وحماية الشهود والمبلغين الذين لهما علاقة مباشرة بقضايا محاربة الفساد والحوكمة، مع إصدار قانون التأمين الموحد، وحسم مصير قانون الإيجار القديم، إلى جانب عدة قوانين كانت الحكومة سحبتها من البرلمان، مثل مشروع قانون تنمية وتطوير صناعة المركبات والصناعات المغذية لها، وقانون تنمية التصدير، وقانون تنظيم المزارع السمكية.

 

هناك عدة ملفات يجب أن تركز عليها الحكومة الفترة المقبلة، على رأسها الاهتمام برأس المال البشرى (التعليم والصحة والحماية الاجتماعية)، ويأتى ملف التعليم فى البداية، ووفقا لتقرير التنمية البشرية لمصر لعام ٢٠٢١ مازالت معدلات القيد بمحافظات الصعيد فى التعليم قبل الجامعى أقل من باقى المحافظات، كما أن مخرجات التعليم الفنى ما زالت بعيدة عن توقعات قطاع الأعمال، وتتركز أكبر معدلات البطالة فى حملة المؤهلات العليا بسبب الفجوة بين التعليم والطلب فى سوق العمل، وذلك فى ظل نقص التمويل وانخفاض معدل إنفاق الحكومة مقارنة بالمعدلات العالمية، وهو ما يؤثر فى جودة الخدمات، فى ضوء الحاجة إلى مزيد من الأبنية التعليمية وضعف المرافق.

ويتطلب ملف الصحة التوسع فى الاستثمارات الحكومية فى مجال إنشاء المستشفيات والمؤسسات العلاجية، بما يواكب الزيادة فى الطلب على الخدمات الصحية الحكومية، الناتج عن الزيادة السكانية وارتفاع تكاليف الخدمات التى يقدمها القطاع الخاص.

وفى نفس السياق، يجب أن تضع الحكومة رفع دخول العاملين فى القطاع الصحى على سلم أولوياتها المهمة، حيث توضح نتائج التعداد الاقتصادى لعام ٢٠١٧/٢٠١٨، أن متوسط الأجر فى قطاع الصحة يقع فى أدنى سلم الأنشطة الاقتصادية، وهو ما يتعارض مع أهمية هذا القطاع الحيوى، وتعرض العاملون فيه لمخاطر العدوى، وبالتالى انخفاض جودة الخدمات الحكومية.

وفى ملفات الزراعة والصناعة، هناك ضرورة لزيادة معدلات نمو الصناعة والاستثمار الحكومى والخاص فى مجالات التصنيع المختلفة، بسبب أهمية قطاعى الزراعة والصناعة فى التنمية والتشغيل وإتاحة فرص العمل.

وتعانى مصر من ارتفاع صادرات البترول التى أصبحت تشكل النسبة الأكبر من الصادرات المصرية على حساب السلع تامة الصنع، رغم أن النسبة الغالبة من هذه الصادرات تخص الشريك الأجنبى ولا تذهب عوائدها لمصر.

وتشكل الواردات الوسيطة والاستهلاكية أكثر من نصف واردات مصر، وهو ما يتطلب الاهتمام بسياسة التصنيع من أجل النجاح فى إحلال جزء كبير من الواردات لتلبية احتياجات السوق، وتخفيف الضغط على الميزان التجارى مع تعظيم الاستفادة من الاتفاقيات التجارية التى وقعتها مصر.

هذا فى الوقت الذى صاحب تطبيق المرحلة الأولى من الإصلاح الاقتصادى تزايد كبير فى استثمارات الإسكان والعقارات، خاصة الإسكان الفاخر، فى حين لم ينمو الاستثمار فى الصناعة بالمعدلات المطلوبة، وهو ما أدى إلى تواضع نمو القطاع مقارنة بالقطاعات الأخرى.

وهناك ملف آخر يجب أن تعمل الحكومة عليه، هو قواعد البيانات الاقتصادية، والتى تعتبر تحديًا يواجه التنمية فى مصر، لأن ضعف هذه القواعد من إحصاءات ومؤشرات ينتج عنه عدم القدرة على استخدام مناهج تحليل وتخطيط متقدمة، وضعف القدرة على التنبؤ ببدائل السياسات المختلفة، وذلك حسبما أكد تقرير التنمية البشرية لمصر.

كما يجب أن تركز الحكومة جهودها على معالجة مشكلات اختلالات التنمية بين المحافظات، خاصة بالنسبة للصعيد حيث ترتفع نسبة مساهمة إقليم قناة السويس على حساب القاهرة الكبرى ومحافظات الصعيد فى الأنشطة الاقتصادية، ولذلك هناك ضرورة لزيادة الجهود والاستثمارات الموجهة للصعيد.

وهناك عدة ملفات تستكمل الحكومة العمل عليها، على رأسها ملف إعادة استغلال أصول الدولة من خلال وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والصندوق السيادى، وانتقال الوزارات للعاصمة الإدارية الجديدة، بالإضافة إلى ملف طرح الشركات الحكومية فى البورصة، وملف صناعة السيارات الكهربائية الذى تعمل عليه وزارة قطاع الأعمال العام، وملف تحويل الدعم العينى إلى نقدى من خلال وزارة التموين والتجارة الداخلية، بجانب استمرار العمل على ملف التحول الرقمى سواء فى منظومة الزراعة والكروت الذكية للفلاحين وميكنة منظومة التأمين الصحى الشامل، وإتاحة جميع الخدمات الحكومية بشكل إلكترونى للمواطنين.