خبير آثار يطالب بحملة توعية بيئية فى إطار استضافة مصر للمؤتمر 27 للتغيرات المناخية

خبير أثري يطالب بتوعية بيئية: "لو عمل أجدادنا لأنفسهم لما وصلتنا الحضارة"

أخبار مصر

مقياس النيل بجزيرة
مقياس النيل بجزيرة روضة المنيل

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن استضافة مصر للمؤتمر السابع والعشرين  للدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة للتغيرات المناخية المعروف بـ (27 COP) بمدينة شرم الشيخ نوفمبر 2022  هو مكسب كبير على كل المستويات يجب أن نعمل له من الآن كل فيما يخصه فعلى المستوى السياحى سيحقق رواجًا سياحيًا كبيرًا للمنتج السياحى المصرى ويفتح آفاقًا جديدة للاستثمار السياحى  ويسلط الضوء على المشاريع القومية فى مصر.


ومن هذا المنطلق يطالب الدكتور ريحان بحملة كبرى تشارك فيها وسائل الإعلام والأحزاب السياسية والنقابات والمدارس والجامعات من الآن بتوعية المجتمع بأهمية البيئة ومخاطر إفسادها على المستوى المحلى والدولى وتوضيح معنى الاستدامة فى كل شئ حيث ترك لنا الأجداد حضارة عظيمة تأثيرها مستمر حتى الآن ولو عمل أجدادنا من أجل أنفسهم فقط لما وصلت إلينا هذه الحضارة وتعريف المجتمع بقوانين البيئة ومنها قوانين صارمة ولكنها غير مطبّقة لعدم علم الناس بها فالشخص الذى يرش المياه العذبة أما  منزله أو محله لا يدرك أن هذه جريمة كبرى ومن يلوث مياه النيل فهذه خيانة عظمى تستوجب الإعدام ومن يكسر شعاب مرجانية تكونت عبر ملايين السنين ليحتفظ بها فى منزله علاوة على مظاهر التلوث السمعى من السماعات المنتشرة فى أفراح وسرادقات الشوارع وافتتاحات المحلات وغيرها من مظاهر إفساد البيئة ناجم عن عدم الوعى البيئى وعدم تطبيق القوانين وعدم كفاية الردع فى بنود القوانين.


وطالب الدكتور ريحان بتعريف المجتمع بقوانين البيئة والبدء فى تطبيقها والإسراع فى سن قوانين جديدة رادعة خاصة فيما يتعلق بإهدار المياه والطاقة والغذاء خاصة فيما تلقيه الفنادق والمحلات الكبرى من أطعمة تكفى لمعالجة مشاكل الجوع فى مناطق كثيرة من العالم وأن تكون موضوعات التعبير فى امتحانات هذا العام عن أهمية البيئة وكيفية الحفاظ عليها ومصاحبة التلاميذ فى رحلات عملية لتعريفهم بأهمية البيئة وكيف حافظ أجدادهم على نهر النيل وكل مفردات البيئة حولهم  والذى دعى المؤرخ اليونانىّ «هيرودوت»  لأن يقول مِصر هبة النيل وقد صدق قوله فنهر النيل هو شريان الحياة لمصر والمصريين وهو من أهم مصادر المياه التى تعتمد عليها مصر في توفير احتياجاتها من المياه وهو أطول أنهار العالم وسمى بأبي الأنهار الأفريقية وقد جاء في الكتاب المقدس أنه حين أراد الرب أن يصف أرضًا خصبة قال عنها (كجنة الرب كأرض مصر) "تك ١٣:١٠" 
 

وينوه الدكتور ريحان إلى تقديس النيل في مصر القديمة واستخدام مياهه للتطهر من أجل الطقوس الدينية وغسل المتوفى وكانت عملية الاغتسال بماء النيل علاوة على المعنى الملموس للنظافة تمثل رمزًا لطهارة النفس روحيًا من كل شائبة والتى استمرت في الحضارة القبطية فيما بعد ويشير نص قديم إلى أن "من يلوث ماء النيل سوف يصيبه غضب الآلهة" وهناك اعترافات للمصرى القديم في العالم الآخر بما يفيد عدم منعه جريان الماء درءًا للخير، كما ورد في الفصل ١٢٥ من نص "الخروج إلى النهار (كتاب الموتى)" لم أمنع الماء في موسمه، لم أقم عائقًا (سدًا) أمام الماء المتدفق، وفي نص مشابه على جدران مقبرة "حرخوف" في أسوان عدد صفاته أمام الإله من بينها "أنا لم ألوث ماء النهر...لم أمنع الفيضان في موسمه... لم أقم سدًا للماء الجاري... أعطيت الخبز للجوعى وأعطيت الماء للعطشى" وارتبطت أسماء معبودات بنهر النيل أشهرهم الإله "حعبي"، الذي يمثل فيضان النيل سنويًا ومصدر الحياة الأولى (بداية الخلق) ومصدر الحياة الأولى للمصري القديم.
 

ويتابع الدكتور ريحان أن نهر النيل تجسّد بشكل فعلى ورمزى في الفن القبطى وقد رتبت الكنيسة صلوات اللقان في ثلاث مناسبات كنسية في عيد الغطاس المجيد وصلوات خميس العهد وصلوات عيد الرسل وفي هذه المناسبات يوضع اللقان وهو حوض ماء مملوء بمياه النيل ففي لقان عيد الغطاس يصلي الكاهن ويقول (نهر جيحون "أي النيل" أملأه من بركاتك ؛بارك اكليل السنة بصلاحك؛ يارب اسمعنا وارحمنا).
 

واختصت الكنيسة القبطية بصلوات القداس الإلهي الخاصة بمياه الأنهار حيث يصلي الكاهن "اصعد المياه كمقدارها كنعمتك؛ فرح وجه الأرض؛ ليروى حرثها؛ ولتكثر أثمارها؛ أعدها للزرع والحصاد؛ ودبر حياتنا كما يليق؛ بارك اكليل السنة بصلاحك؛ من أجل فقراء شعبك؛ من أجل الأرملة واليتيم والغريب والضيف من أجلنا كلنا نحن الذين نرجوك ونطلب اسمك القدوس لأن أعين الكل تترجاك لأنك أنت الذي تعطيهم طعامهم في حين حسن؛ أصنع معنا حسب صلاحك يا معطيا طعاما لكل ذي جسد؛ أملأ قلوبنا فرحًا ونعيمًا لكي إذ يكون لنا الكفاف في كل شيء؛ نزداد في كل عمل صالح". 
ويوضح الدكتور ريحان أن نهر النيل كان له مكانة كبرى في العصر الإسلامى واهتم به حكام مصر للحفاظ على جريانه وضبطه بما يكفل لهم حياة آمنة فأقاموا السدود والجسور عندما كان يطغى ويزيد عن الحد الذي يكفل لهم حياة وزراعة آمنة وأنشأوا مقاييس للنيل أشهرها مقياس النيل بالروضة واحتفلوا الاحتفالات البهيجة الرائعة بمواسم فيضانه وأقاموا النظم لربط سنتهم الهجرية بالسنة الشمسية التي تسير عليها مواعيد فيضان النيل والزراعة ودعا الإسلام إلى الحفاظ على الأنهار ومنها نهر النيل، فقد أجمع فقهاء المسلمون على أنه لا يجوز البناء على شاطئ النهر للسكنى ولا لغيرها إلا القناطر المحتاج إليها ولا يجوز التعدى على النهر.