طارق الشناوي: حضور المرأة المبدعة في السعودية يعنى أن المجتمع صار يرحب بالسينما

طارق الشناوي يكتب: مهرجان الفيلم السعودي

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي

 

انتهت قبل ساعات النسخة الثامنة من مهرجان الفيلم السعودي بمدينة (الخُبر)، لم ألحق فى المهرجان سوى بحفل الختام، توافقت بداية المهرجان مع ختام مهرجان (كان).

 

طبقت على مهرجان (الفيلم السعودى) قاعدة (ما لا يدرك كله لا يترك كله) وقررت أن ألحق بالمحطة الأخيرة (حتى لا أتركه كله) في رحلة لم تتجاوز 36 ساعة، قضيتها فى مدينة (الخبر) مقر المهرجان، احتفظت ذاكرتي بلمحات جميلة ومضيئة.



بداية الرحلة كانت شاقة جدًا اكتشفت قبل الصعود للطائرة بثوان أن الحجز كان قبلها بـ24 ساعة، حدث خطأ، طلبت من إدارة المهرجان أن أسافر الأربعاء وأعود الجمعة، اكتشفت أن الحجز يقضي بالسفر ليلة الثلاثاء والوصول فجر الأربعاء للسعودية، والقرار الأقرب والأسهل قطعًا هو العودة للمنزل، الحل الآخر، أن أقطع تذكرة من القاهرة إلى جدة على أن يتولى فريق العمل بالمهرجان حجز الثانية من جدة إلى الدمام، واخترت الثانية والتي تعنى أن الرحلة التى لا تتجاوز 3 ساعات ستصل إلى 12 ساعة بسبب (الترانزيت) وما أدراك ما (الترانزيت).



لم تغادرني حتى الآن روح المغامر، التي أسدد ثمنها قطعا من ساعات نومي، هكذا أنا منذ بداية المشوار، لا أستسلم لما يراه البعض مستحيلا. 

 

المهرجان بدأ عام 2008 في عز الضربات التي وجهت لتحريم الفن بالمملكة، يرأسه الشاعر والسينمائي أحمد الملا، ولأول مرة أجد من يهتف في الصالة باسم رئيس المهرجان حبًا وإعجابًا.

 

كلمة (سينما) أو (فيلم) أو حتى (مهرجان) مجرد نطقها كان يعتبر اقتحامًا للخط الحمر، تذكر فقط أنه قبل خمسة أعوام كانت قد أغلقت كل دور العرض بالمملكة وبالتالي لا توجد سينما، برغم أن الرائد الأول للسينما هو عبد الله المحيسن الذى تحمل جائزة (العمل الأول) بالمهرجان اسمه، قدم أول أفلامه (اغتيال مدينة) في منتصف السبعينيات، وعرض في الدورة الأولى لمهرجان (القاهرة) السينمائى عام 1976.



إلا أن المسيرة بوجه عام تعثرت، بسبب الضربات المتلاحقة التى كانت تنال من كل الفنون، ومن كل الأنشطة الاجتماعية بسبب جماعة (الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر)، وغيرها من الجماعات الأخرى المتشددة، التى كانت ترى أن الفنون عموما (رجس من عمل الشيطان)، كانت الضربات تأتى متلاحقة، وتعثرت المسيرة حتى جاء أحفاد (المحيسن) مع بدايات الألفية الثالثة ليكملوا المسيرة وبرز اسم هيفاء المنصور فى عام 2012 مع فيلم (وجدة) الذى يعتبر أول فيلم سعودى روائى طويل يرشح لجائزة أوسكار، كانت أحلام الفتاة بطلة الفيلم أن تركب (الدراجة) فى الشارع مثل كل الأطفال، الآن وجدنا المرأة تقود السيارة.

 

وتتابعت أسماء عديدة من المخرجات هند كامل وهناء العمير وغيرهما، الحيز الأكبر من الصورة يؤكد أن حضور المرأة المبدعة فى السعودية بات حقيقة نتابعها كلنا، ولا يعنى أن المخرجين الرجال لم يتحققوا، حضور المرأة يعنى أن المجتمع صار يرحب بالسينما وبالفن عموما، المهرجان تنظمه جمعية السينما بشراكة مع مركز الملك عبد العزيز الثقافى (إثراء) بدعم من هيئة الأفلام، ومنح المكتبة السينمائية ذخيرة حية من الكتب السينمائية.

 

الحضور الفني في المملكة، في السينما والمسرح والغناء والموسيقى والفن التشكيلى وغيرها، له ولا شك مردود عربي، يلعب دورًا إيجابيًا في زيادة منسوب الفن برمته، وأول دولة تنتعش من كل هذا الزخم هي مصر، وتلك حكاية أخرى.

[email protected]

المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).