2023 عام شد الأحزمة في اقتصاد تونس وسط تحذيرات اقتصادية.. وتفاؤل حكومي

الاقتصاد

بوابة الفجر

تسعي الحكومة التونسية خلال العام المقبل 2023 في أن تخفض عجز الموازنة وترشد النفقات، وسط هبات ودعم ألماني للمشروعات القومية الحيوية وتتوقع تونس خفض عجز الموازنة إلى 5.5% العام المقبل من نحو 7.7% متوقعة للعام الجاري، بدعم من إجراءات تقشف قد تمهد الطريق للتوصل لاتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة إنقاذ.

 

 

 

الاقتصاد التونسي 

ويقول البنك الدولي في أحدث تقرير له إن الاقتصاد التونسي سجل نسب نمو ضعيفة على مدى الـ12 عامًا الماضية، إذ إنه خلال الفترة من 2011 إلى 2018 هبط معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي سنويًا إلى 1.7% بالمتوسط.

وأشار البنك في تقرير بعنوان "تونس تشخيص منهجي للبلد"، الصادر في نوفمبرالماضي، إلى انخفاض معدل الاستثمار السنوي من 17.4% خلال عام 2000 كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 14.9% بين عامي 2011 و2019.

وتراجع حجم المؤسسات من 28% عام 2013 إلى 14% عام 2019، مما تسبب في تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد، وهو ما تفاقمت معه أزمة البطالة مع النقص المستمر في عدد الوظائف المتاحة ليصل معدل البطالة بين خريجي التعليم العالي إلى 27% عام 2019، وكانت النسبة بين النساء 22.5% بينما عند الشباب 34.4%.

 

 

 

اتفاقيتي ألمانيا وتونس

ووقعت ألمانيا وتونس، اليوم الجمعة، اتفاقيتي تعاون لمنح الأخيرة هبة مالية قدرها 105 ملايين يورو (111.57 مليون دولار)، لدعم عدد من القطاعات التونسية الحيوية ووقع الاتفاقية عن الجانب التونسي وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج عثمان الجرندي، وعن الجانب الألماني سفير ألمانيا بتونس بيتر بريجل.

 

وذكر بيان لوزارة الشؤون الخارجية أن الاتفاقيتين تشملان مجالات تعاون حيوية كالتنمية المحلية ودعم اللامركزية وتشغيل الشباب ومشاركتهم في الدورة الاقتصادية والرقمنة وتشجيع الاستثمارات والتبادل التجاري، علاوة على التنمية الزراعية والريفية المُستدامة، ومجابهة التغيّرات المناخية وتشجيع استعمال الطاقات المتجدّدة.

 

وأكد الوزير أهمية تطوير برامج التعاون الثنائي وانفتاحه على مجالات مُتجدّدة ومُتنوّعة، خاصة في إطار الدورة الـ17 للمشاورات الحكومية التونسية الألمانية للتعاون من أجل التنمية التي عقدت يوميْ 29 و30 نوفمبرالماضي ببرلين، وأفضت إلى إقرار اعتمادات ألمانية بقيمة 120 مليون يورو (127.50 مليون دولار) لتنفيذ برامج تعاون مالي وفني مع تونس، إضافة إلى تخصيص مُساهمة ألمانية بـ 20 مليون يورو (21.25 مليون دولار) لتمويل المؤسسات الناشئة بتونس.

 

 

توقعات خفض عجز الموازنة

تتوقع تونس خفض عجز الموازنة إلى 5.5% العام المقبل من نحو 7.7% متوقعة للعام الجاري، بدعم من إجراءات تقشف قد تمهد الطريق للتوصل لاتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة إنقاذ وتحتاج البلاد بشكل عاجل إلى مساعدة دولية منذ أشهر، إذ تواجه أزمة في المالية العامة أثارت مخاوف من عجزها عن سداد الديون وأسهمت في نقص الغذاء والوقود، وفقا لما ذكره معارضون للحكومة.

 

وقالت وزارة الاقتصاد التونسية اليوم الجمعة إن النمو الاقتصادي سيبلغ 1.8% بالمقارنة مع 2.5% متوقعة للعام الجاري وستزداد احتياجات تونس من الاقتراض الخارجي العام المقبل بنسبة 34% إلى 16 مليار دينار (5.2 مليار دولار) وسط توقعات بارتفاع الدين العام 44.4% إلى 20.7 مليار دينار (29.16 مليار دولار).

 

وتوصلت تونس إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي من أجل حزمة إنقاذ تبلغ قيمتها 1.9 مليار دولار مقابل إصلاحات لا تحظى بتأييد شعبي، منها خفض دعم الغذاء والوقود وإصلاح شركات القطاع العام. وتسعى تونس للتوصل إلى اتفاق نهائي خلال أسابيع.

 

 

أسباب التضخم في تونس

وفسرت أسباب التضخم بأن تونس تستورد كل احتياجاتها من الخارج مثل الحبوب والزيوت النباتية والأعلاف وبقية المواد الأولية، إضافة لأن الأسعار العالمية سجلت ارتفاعا وكلفة الشحن كذلك تضاعفت 7 مرات في عديد من القطاعات وكذلك سعر الصرف وأكدت الرابحي أنه "لا يمكن حل هذه الأزمة إلا بالعودة إلى العمل والإنتاج وتدعيم التصدير وخلق الثروة والتقليص من الكلفة".

وتابعت "نسعى للتحكم في ارتفاع الأسعار عبر العديد من الآليات من أجل تعديل السوق" ويرى مراقبون للوضع الاقتصادي التونسي أن نسبة التضخم المسجلة خلال شهر نوفمبرتعد أعلى نسبة تحققها تونس منذ ديسمبر1984 التي بلغت 10،8 بالمائة.

 

 

 

 

نقص السلع الاستهلاكية في تونس

وأكدت وزيرة التجارة أن جميع المواد الغذائية التي تسجل نقصا في السوق سيتم توفيرها بصفة طبيعية في غضون أسابيع قليلة وعلى رأسها مادتا الحليب والسكر.

وقالت الوزيرة إن "ارتفاع كلفة الأعلاف وتهريب الأبقار إلى البلدان المجاورة هما السبب في نقص مادة الحليب ونسعى لعودة الإنتاج للنسق العادي".

 

وشددت على أن الوزارة تسعى إلى إعادة النسق الطبيعي لتوزيع الحليب وإلى توفير حاجات تونس من السكر خلال الأسابيع المقبلة رغم صعوبة استيرادها من الأسواق العالمية بسبب خلل سلسلة الإمدادات وتعاني تونس من استمرار نقص بعض السلع الاستهلاكية على غرار الحليب والسكر وبعض الأدوية، إضافة إلى الارتفاع الحاد لأغلب الأسعار.

وقد قام الرئيس التونسي قيس سعيد في ساعة متأخرة من ليلة الإثنين بزيارة إلى مصنع الحليب في المنطقة الصناعية بسليمان بمحافظة نابل شمال شرقي تونس وتساءل عن سبب نقص الحليب من نوع نصف الدسم مقابل توفّر كامل الدسم رغم أنّه الأغلى سعرا، مشددا على ضرورة زيادة الإنتاج للقضاء على الاحتكار في هذه المادّة ومنع البيع المشروط.

وتابع سعيد "نحن في حالة حرب ضدّ الاحتكار ومن يخلقون الأزمات، ويجب توفير الإنتاج بالقدر الكافي لمنع هذه الظاهرة والقضاء عليها".

 

 

 

 

إصلاحات مؤلمة

وفقا لميزانية العام المقبل التي نشرتها وزارة الاقتصاد، فإن تونس تعتزم خفض الإنفاق على الدعم 26.4% إلى 8.8 مليار دينار (12.40 مليار دولار)، كما تسعى الحكومة إلى زيادة الإيرادات الضريبية 12.5% إلى 40 مليار دينار (56.35 مليار دولار) مع زيادة النسبة لبعض الوظائف إلى 19% من 13%.

 

وقال الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يضم نحو مليون عضو إنه سيرفض قانون المالية في حالة إقراره، مضيفا أنه قد يتسبب في انفجار اجتماعي في الوقت الذي يعاني فيه التونسيون من الفقر والتضخم الذي سجل 9.8% الشهر الماضي.

 

 

كم يستهلك التونسي من القمح سنويا؟

ويستهلك التونسي سنويا أكثر من 250 كلغ من القمح، وهو ما يجعل تونس في صدارة لائحة الدول المستهلكة للحبوب في العالم، الأمر الذي يستوجب إنتاج كمية لا تقل عن 20 مليون قنطار سنويا.

 

بينما تبلغ قيمة دعم الخبز في تونس نحو 350 مليون دينار سنويا (نحو 150 مليون دولار)، يتم ضخها من الصندوق العام للتعويض، وهو صندوق تخصصه الدولة لدفع الفارق بين الأسعار الحقيقية للمنتجات والسعر المعروض للبيع للعموم وفي أكتوبر الماضي نفذ أصحاب المخابز إضرابا عاما مفتوحا استمر ليوم واحد بعد توصل عشية اليوم ذاته إلى اتفاق مع وزارة التجارة تمّ بمقتضاه تعليق إضراب المخابز بتمكين أصحابها من دفعة من مستحقات الدعم لدى الدولة.