نسمات يوم الجمعة.. صباح الإيمان ذاك أفضل

إسلاميات

نسمات يوم الجمعة
نسمات يوم الجمعة

مع نسمات يوم الجمعة، تجد نفسك تتنفس من جديد، وكأنه راحة من شقاء وانشغال طيلة الأسبوع، بأيَّامه وساعاته المُكتظَّة بالمسؤوليات والمهام، التي تجد تكلفتها من الحياة، من مأكل ومشرب، وسعى نحو استمرارية، وضمان استدامة وجودك المادي على الأرض.

الذكر يوم الجمعة

نسمات يوم الجمعة.. صباح يوم هادئ

وفي صباح يومٍ هادئ، ومع شقشقة الفجر ترنو روحك بترتيل آيات اللذكر الحكيم في سورة الكهف، أو حتى تستمع لها عبر المذياع، فتتجدد بركة تستشعرها جنبات روحك المُنهكة، في رحَاب الله، وفي ذكر الله، في بُحبوحةِ النور.

قد تفضِّل - أيضًا - أن تستعين ببعض نسمات العطر من البخور، فتجدد تلك الخلية النائمة بداخل طاقتك التي تقرُبُ على النفاد، فيستيقظ ذلك المتشبث والمغتم، فيأنس ويُدَغْدِغَهُ جميل الأمل.   

فاسعوا إلى ذكر الله

الاستعداد للصلاة، وتطهير الثياب، والمثول في أبها حُلَّة؛ تلبية لدعوة ربَّانية، ومن ثمَّ الذهاب للمسجد، غروب بروحك عن هذا العالم، لتشرق أنت في داخلك..

قال الله عَّز وجلَّ في مُحكَّمِ التنزيل: “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ"، وما إن تسبحا نفسك وروحك مع هذه النسمات، وأنت تلبي دعوة من رب العالمين لخلقه؛ من أجل السعي نحو حُضور أجلَّ حلقة من الذكر، حلقة تريح هذه النفس المُتعبَة والتي ترجو اطمئنانًا تجتازُ بها كل ما يحيطها.

يخرج هذا الإنسان الذي هو انا وأنت، إلى فسيح من الإيمان والذكر والتُكلان على الحي القيوم، ذلك الفسيح الذي يملأ نورانيات قلبك، ربما تسمع وعظ، أو تتذكر آية خلال الخطبة، تتجدد لديك معالم أنَّك بأعيُن ربٍّ عظيم جليل، يرعاك، ويحفظك، ويداوي هذه الروح، ويزيدها اطمئنانًا، بأن يد الله دوما تحرُسك، فتحرص على أن تعيش هذه اللحظات التي يمنحها لك الإله كل ستة أيَّام.

الاطمئنان بكر الله

يقول الإمام الطبري، وهو من أئمة أهل السنَّة والجماعة، في تفسيره "فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ"، أي امضوا إلى ذكر الله، واعملوا له؛ وأصل كلمة “السعي" في هذا الموضع هو "العمل"؛ ليخبرنا المولى عزَّ وجل "ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ"، أي سعيكم إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة إلى ذكر الله، وترك البيع خير لكم من البيع والشراء في ذلك الوقت، إن كنتم تعلمون مصالح أنفسكم ومضارّها.

فإذا قُضيت الصلاة.. وصية رسول الله

وعن العباس بن أَبي طالب، قال: ثنا عليّ بن المعافى بن يعقوب الموصليّ، قال: ثنا أبو عامر الصائغ من الموصل، عن أَبي خلف، عن أنس، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في قوله: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ) قال: " لَيْسَ لِطَلَبِ دُنْيَا، وَلَكِنْ عِيَادَةُ مَرِيضٍ، وَحُضُورُ جَنَازَةٍ، وَزِيَارَةُ أخٍ فِي اللهِ".

صلاة الجمعة في المسجد

تستطيع أن تستشعر كيف تكون في عون أخاك بعد الصلاة، كيف يكون صباح الإيمان، وأيضًا مسائه، تكشف عن نفسك غطاء الأنا، تذكُر الآخر، تنتعش تلك الآدمية بروح إنسانية لطيفة، يجددها الخالق فيك، يأتي هذا المُحِب، يخطف من دواخلك المنشغل، تصفو نفسك، تعرف حجمك، وقدرك عند الذي ربَّاك، ورعاك. 

نسمات يوم الجمعة، ليست فقط الذهاب إلى الصلاة نؤديها ونرجع، إنَّما هي الروح لو نعلم، وأنَّها إعادة المسار السليم الذي جعلنا الله عليه، وتخطفنا الحياة منه، ستة أيَّام.