المشروعات الخاصة.. ملاذ الشباب الآمن في ظل الأزمات الاقتصادية

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

بدأ إبراهيم حسني، وهو شاب في العقد الثالث من عمره، منذ 13 عاماً أن يخطو أولى خطوات طريقه في العمل الحر، من خلال مشروع صغير لبيع أجهزة الهاتف المحمول، واستكمل طريقة في ردهات العمل الحر، حتى أصبح حالياً يملك شركة للسياحة الداخلية، إضافة إلى عدد من المشروعات الأخرى.


يقول إبراهيم في حديثه لموقع "الفجر" إن انخفاض الرواتب في القطاعين العام والخاص في ظل الظروف المعيشية والأوضاع الاقتصادية العامة، دفعه أن يتخذ قرار العمل الحر، فخاض أكثر من تجربة لمشروعات بسيطة شكلت من شخصيته وأضافت لخبراته.


وعلى الرغم من أنه بدأ بأكثر من مشروع مختلف إلا أنه لا يعترف بالفشل. ويقول: " كل المحاولات في النهاية تحقق هامش ربحي معين، سعيت لتحقيقه لتنمية استثماراتي.. فكانت التجارب جميعها بمثابة محطات في رحلتي".


بيع أجهزة المحمول وافتتاح مطاعم صغيرة ومركز تجميلي أو محل لبيع الإكسسوارات أو تأسيس شركة للمقاولات، جميعها تجارب استثمارية خاضها إبراهيم، نجح في أغلبها واستمرت، بينما انتهت أخرى بفعل تغير احتياجات السوق بين الحين والآخر، وفي هذا السياق يقول: "في الوقت الذي تتغير فيه اهتمامات السوق أبحث عن الجديد وأعمل فيه".


"لو بتفكر في مشروع ابدأ حالًا متضيعش (لا تضيع) وقت كتير في إنك تفكر"، هكذا نصح إبراهيم الشباب الذين يفكرون بأن يتخذون تلك الخطوة، من خلال واقع تجربته، ليضيف إلى تلك النصيحة الرئيسية عدداً آخر من النصائح، من بينها البدء بوضع خطة بسيطة على أمد قريب، على أن تكون بتكلفة بسيطة، فبعد ذلك المشروع سيحقق نموًا ذاتيًا.


إضافة لتلك النصيحة الهامة نصح أيضًا بعدم التشتت، ودراسة اهتمامات الشارع، ودراسة جدوى المشروع ووضع توقعات ربحية بسيطة وليست مبالغ فيها، ذلك أنه يُفضل عدم إعلاء سقف التوقعات، على أن يكون ذلك خلال أمد بسيط، ويتم تطوير الدراسة مع الوقت لتكون على أمد طويل ليستمر ويكون له ربح كبير .


وتتجول إسراء سلطان، في شوارع القاهرة بصندوق خشبي صغير يحتوي على مجموعة من الإكسسوارات المصنوعة يدوياً، حيث لم يحبطها عدم نجاحها في التسويق لمنتجاتها من خلال عرضها في بعض "المعارض" كوسيط، فقررت النزول بنفسها والاعتماد كلياً على جهودها الذاتية في الإنتاج والتسويق.


إسراء فتاة مصرية في العقد الثاني من عمرها، درست التربية الفنية، بدأت مشروعها الخاص وهي طالبة جامعية بأقل الإمكانات المتاحة، وعملت في تصميم مشغولات يدوية وإكسسوارات.
تقول لموقع "الفجر" إنها لم تتكلف في البداية سوى الخامات التي تصنع منها المنتج، وقد تمكنت لاحقاً من اكتساب خبرات أوسع في الإنتاج والتسويق من خلال احتكاكها بالناس في الشارع، وبعد أن حددت نقاط القوة والضعف الخاصة بها، وما يحتاجه الزبائن من أفكار جديدة.


"واحدة واحدة المشروع بيكبر مع النزول لأرض الواقع.. مش لازم (ليس شرطاً) تكون جوانب المشروع كاملة وقت البداية فيه.. ولا منطقي إني أبدأ مشروع بمبلغ كبير قد أخسره".


إبراهيم وإسراء إثنين ضمن الكثير من الشباب الذين قرروا خوض تجربة "العمل الحر" التي تشهد نمواً ملحوظاً في الفترات الأخيرة، لا سيما في ظل الضغوطات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، وجملة الاضطرابات الناجمة عن مجموعة الأحدث المتلاحقة بداية من تبعات كورونا ثم الحرب في أوكرانيا وغزة.
مستقبل العمل والنمو
في هذا السايق يوضح أستاذ الاقتصاد المستشار بالبنك الدولي، الدكتور محمود عنبر، أن ارتفاع معدلات التضخم أدى إلى انخفاض الاستثمارات الحكومية ومشروعات شركاتها العامة، وهي التي يتم من خلالها توفير فرص توظيفية، فبالتالي أصبح معدل التوظيف منخفض، مما يدفع الشباب للبحث عن فرص عمل بشكل حر.


ويفيد خلال حديثه مع موقع "الفجر" بأن جميع الدول اتخذت توجه منح القطاع الخاص دور أكبر، وكذلك اللجوء للاستثمارات بشكل أو بآخر وذلك بهدف استيعاب الكم الأكبر من العمالة، وتقليل البطالة.


ويشهد الاقتصاد العالمي عديداً من المخاطر التي تجعل الوضع متذبذباً؛ وعلى رأسها الحرب في أوكرانيا، علاوة على والخلافات الأميركية الصينية، فضلاً عن محاولات بعض الدول صياغة نظام اقتصادي غير قائم على الهيمنة الأميركية، وهو ما يجعل لدى البعض تخوفاً من المغامرة بالاستثمار، بحسب عنبر.


ويؤكد أن نمو العمل الحر واقتصاد المشاركة يعكس أنه أصبح مستقبل العمل والنمو، خاصة وأنه بات يعيد رسم خريطة القوى العاملة العالمية، فهو يحدث حالة من التغيير في واقع التوظيف العالمي. وتبعاً لذلك، يقدم أيضاً أستاذ الاقتصاد المستشار بالبنك الدولي، مجموعة من النصائح لهؤلاء الذين يفكرون في الإقدام على خطوة العمل بشكل حر:


-لابد أن يكون الشخص على دراية كاملة بطبيعة المشروع، وأن يجري له دراسة جدوى تشمل أربعة أركان أساسية، وهي دراسة تسويقية وأخرى فنية ومالية وتمويلية.
-أن يكون متفهماً لطبيعة السلعة أو الخدمة التي يقدمها من خلال هذا المشروع، وأن يكون معدل المرونة الخاص بها مناسب، ذلك بأن تكون سلعة أقرب إلى السلع الأساسية التي يحتاجها ويستهلكها المواطن بشكل متكرر، فإذا كانت سلعة كمالية أو رفاهية مع الضغوط الاقتصادية سيتم الاستغناء عنها.
-لابد أن يكون على دراية بالقطاعات التي تشجعها الدولة الموجود فيها وفرصها الاسثمارية المتاحة؛ لأن كل دولة لديها قوانينها الخاصة بكل قطاع سواء خدمي أو استثماري، لذا لابد أن يعلم جيداً خطة الدولة وتوجهاتها.
-أن يحدد الجهة التي سوف تمول المشروع، وإذا ما كان سيموله بشكل شخصي أو من خلال بعض الجهات الخاصة بالتمويل، ففي بعض الدول تتوفر مؤسسات تتبنى المشروعات الحرة بدء من تمويلها أو حتى إدارتها.