د.حماد عبدالله يكتب: " قهاوي " المهنيين " و"مقاهي" " المثقفين " !!!!

مقالات الرأي

بوابة الفجر


 

المقهى " القهوة " – لها دور بالغ في الحركة الثقافية المصرية –ففى المقاهي – كان يلتقي الأصدقاء وزملاء المهنة – " أية مهنة " – لكي  يناقشوا أحوال حياتهم – ومتاعب أعمالهم – علي دخان المعسل " الجوزة " سابقًا – والأن " الشيشة " والشيشة أنواع منها " التفاح " – ومنها " الكريز " ومنها " الشمام " وكل أنواع المعسل المخلوط بالفاكهة – ومع أكواب الشاي بالنعناع أو الشاي باللبن أو السحلب أو الينسون أو الجنزبيل أو القرفة ( سادة وبلبن ) وغيرها من المشروبات الساخنة وطبعًا الباردة...
ونعود للمقاهي ( القهاوى ) ودورها في الحياة الاجتماعية والسياسية، والثقافية المصرية – فهناك " قهوة" النقاشين -وقهوة النجارين " المسلح " حرفة في  الإنشاءات وقهوة الحدادين – وفي هذه القهاوي يلتقي أصحاب المهنة ويمكن أن يتعاقد " الزبون " مع  الاسطي الحرفي علي مهنة ما في القهوة – لكي تبدأ العلاقة بين صاحب عمل والمهني  المطلوب.

وفي بعض مقاهي هذا الزمن ( القديم ) – كان يلتقي الفنانون والموسيقيين، وكذلك الأدباء – وأشهرهم الأستاذ نحيب محفوظ ( قهوة ريش ) بشارع سيلمان باشا ( طلعت حرب حاليا ) أو المرحوم الأستاذ توفيق الحكيم في قهوة " باب اللوق " – وهناك قهوة    " متاتيا " في العتبة الخضراء – وفي هذه المقاهي ( القهاوي ) كانت بداية كل الإبداعات الأدبية والفنية.

ومازالت بقايا هذه المقاهي بعد قليل من التطوير موجودة – مثل " مقهى زغلول " في شارع القصر العيني -ويلتقي فيه نخبه من المثقفين المصريين ( القاهريين ) والصحفيين خاصة وأنها ملاصقة لأحد اقدم دور النشر المصرية والعربية وهي روزاليوسف.

وتطورت المقاهي في الزمن الرديء سمعنا عن مقاهي يتم فيها الإتفاق علي الفساد (والعمولات ) – والجرائد والحوادث – نشرت تفاصيل عن هذه المقاهي وعن أجهزة الرقابة التي استخدمت تلك المقاهي للإيقاع بهذه الفئة المنحرفة في المجتمع – ولعل أسماء تلك المقاهي وخاصة في مدينة نصر وبجانب مول العقاد – قد جاء سيرتهم في تلك الأحداث.
ثم تحولت المقاهي إلى شبة مطاعم – وكافتيريات علي كورنيش النيل أو على ضفاف البواخر الثابتة إلى محلات وسط البلد – والمهندسين – مصر الجديدة والمعادي – والهرم – إلى مراكز لتدخين الشيشة مع كل ما يقدم علي المائدة من أطعمة شعبية ولعل ما أستحدث الآن – هو وجود تلك المقاهي المتنقلة في سيارات نصف نقل – حيث يتم فرشها علي الكباري الكبرى في القاهرة – والجيزة – وأهم هذه الكباري – كوبري المنيب، وكوبري الوراق وأجزاء من كباري الطريق الدائري.

وقد نقل المصريون هذه الشعيرة الخاصة جدا بالأدب الشعبي المصري إلى الدول التي هاجروا إليها -فوجدت في روما مقهي " تراسي تيفري " تقدم الشيشة " الحجر " الواحد بـ 50 يورو – ووجدت ذلك في لندن في شارع العرب " إدوارد استريت "  وكذلك في " بيكاديلي ستريت " – وفي فرنسا في أهم شوارع باريس " الشانزليزية " في قهوة ومطعم الديوان – تقدم الشيشة مع أشهى المأكولات العربية !!
ومازالت المقاهي – هي مركز تجمع للمهنيين – سواء كانت المهنة ( حرفة ) أو المهنة 
( فن ) أو المهنة ( رأي وأدب  )ولكن الجديد هي مهنة ( قلة الأدب ) والفساد – فقد اصبح لها أيضا مقاهي خاصة !!!!!
8