بالتفاصيل.. أسباب محكمة النقض في إعدام قاتل نيرة أشرف

حوادث

نيرة أشرف
نيرة أشرف

أودعت محكمة النقض حيثيات حكمها الصادر بتأييد حكم محكمة جنايات المنصورة برئاسة المستشار بهاء المري، بإعدام المتهم محمد عادل لقيامه بقتل زميلته نيرة أشرف.



المحكمة حققت صحيح القانون والمتهم يستحق الإعدام
 

وأكدت المحكمة -النقض- أن محكمة الموضوع- الجنايات- قد بين واقعة الدعوى بما تتوفر به كافة العناصر القانونية للجريمتين، وأورد على ثبوتهما في حقه ادلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه؛ وأن المحكمة قد طبقت القانون تطبيقا صحيحا سليما، وخلا من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه وتأويله، وصدر من محكمة مشكلة طبقا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه.

قالت محكمة النقض برئاسة المستشار محمد عيد محجوب وعضوية المستشارين محمد العكازي وعبد الله فتحي وعلاء البغدادي وعصام إبراهيم بحضور كيلاني محمود رئيس نيابة النقض بأمانة سر حسام الدين محمد، أنه بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونًا: وحيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون، وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح أبيض "سكين " دون مسوغ قانوني، قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، وانطوى على الخطأ في تطبيق القانون، والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه قد خلا من بيان واقعة الدعوى والظروف التي وقعت فيها ومضمون ومؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دين بهما، ولم يدلل تدليلًا سائغًا على توافر نية القتل، وجاء حديثه عنها مجرد سرد للوقائع المادية مما أسلمه إلى خطأ في التكييف القانوني للواقعة بحسبانها مجرد واقعة ضرب أفضى إلى موت، ولم يدلل تدليلًا كافيًا على توافر ظرف سبق الإصرار والتفت عن حالة الغضب التي انتابت الطاعن وقت ارتكاب الجريمة ورغبته في الانتقام من المجني عليها، كما عول على اعتراف الطاعن أمام قاضي المعارضات وشهادة حسن علي عباس أبو حسين والمعاينة التصويرية، وتقرير الصفة التشريحية دون أن يورد مضمون الشهادة والمعاينة التصويرية وتقرير الصفة التشريحية، كما دفع بانقطاع علاقة السببية بين فعل الطاعن وإصابات المجني عليها ووفاتها ذلك لقيام أحد الأشخاص بحمل المجني عليها عقب إصاباتها بطريقة غير صحيحة وهي لازالت على قيد الحياة مما يرجح أن يكون ذلك سببًا في وفاتها، وأطرح بما لا يسوغ دفاعه ببطلان اعترافه للإكراه المادي والمعنوي لشواهد عددها – كما عول على تحريات المباحث رغم أنها مجرد رأي لمجريها، ولم تجبه المحكمة إلى طلب سماع شهود الإثبات إبراهيم عبد العزيز مصطفى عبد الحميد - حارس أمن جامعة المنصورة، ووالد ووالدة المجني عليها، وأطرحت الدفاع القائم على عدم مسئوليته الجنائية عن الحادث لإصابته بمرض نفسي وقت ارتكابه الجريمة ولم تحقق المحكمة هذا الدفاع رغم جوهريته عن طريق المختص فنيًا لبيان مدى سلامة قواه العقلية واتزانه النفسي، واعتنقت المحكمة صورتين متعارضتين للواقعة، فضلًا عن أن ما أثبت بمحضر جلسة المحاكمة ٢٠٢٢/٦/٢٦ من اطلاع الدفاع على تقرير الطب الشرعي الخاص بالبصمة الوراثية وموافقة الدفاع على إخراج المتهم من القفص لسؤاله رغم أن ذلك لم يصدر عن الدفاع ومن ثم فإنه يطعن بالتزوير على ما أثبت بذلك المحضر، كما تناقض الدليل القولي والفني، وجاءت تحقيقات النيابة العامة قاصرة عن الكشف ملابسات عاصرت حدوث الواقعة كما أن من حضر مع الطاعن المحاكمة لم يكن مقيدًا أمام المحاكم الابتدائية ولم يبد دفاعًا حقيقيًا، كما تعجلت المحكمة الفصل في الدعوى دون أن تحقق دفاعه تأثرًا بالرأي العام، كما أفصحت الدائرة عن رأيها بالإدانة قبل إرسال الأوراق للمفتي كما صدر الحكم باطلًا لصدوره من دائرة رباعية ولم توفر له محاكمة عادلة وأن القانون 11 لسنة ٢٠١٧ فيما تضمنه من تعديل المواد 39، 44، 46 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وضرورة استئناف الحكم إعمالًا للمادة
٢٤٠ من الدستور الحالي، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.

أوضحت المحكمة إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "وحيث إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة من سائر أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة، تتحصل في أن المتهم محمد عادل محمد إسماعيل عوض، وهو طالب جامعي بالفرقة الثالثة بكلية الآداب جامعة المنصورة متفوق في دراسته ومشهود له بين زملائه بالذكاء الحاد فكان من أوائل دفعته في عاميه الأخيرين مما حدا بزملائه الاستعانة به في أبحاثهم العلمية.. وتعرفت عليه المجني عليها زميلته بالفرقة الثالثة نيرة أشرف أحمد عبد القادر خلال العام الجامعي ٢٠٢٠ واستعانت به كباقي زملائه إلا أنه بخيال ذاتي اعتقد أنها أحبته، وتملكه هوى مسعور أوهم به نفسه واستمر في التودد إليها حتى أبدى رغبته في الارتباط بها قبل امتحانات العام ٢٠٢١ لكنها رفضته وانصرفت عنه، فراح يلاحقها برسائله عبر حسابات مسجلة باسمه وكذا الهاتفين النقالين رقمي ۰١٠٠٧٥٤٢٨50، ١١٢٥١٩٠۳۹۰. وتملكه إحساس جارف بحب التملك وأخذ يلاحقها رفض خطبته لها إلى أن تعرض لها وتحرر عن ذلك المحضر رقم ۱۰۸، ۱۰۹ لسنة ۲۰٢١ جنح اقتصادية ثان المحلة، والإداري رقم ١٩٥٣ لسنة ٢٠٢٢ إداري أول المحلة وتم عقد جلسة عرفية لمنعه من التعرض لها... إلا أنه إثر ذلك تولدت لديه الرغبة في الانتقام منها واستمر في تهديدها بالقتل حتى وضع اليوم الأول من شهر يونية ۲٠٢٢ اشترى سكينًا وانعقدت إرادته على تنفيذ جريمته في اليوم الذي حدده إلا أنه لم يتمكن من تنفيذ جريمته حتى كان يوم ٢٠٢٢/٦/٢٠ وهو في طريقه للجامعة وحائزا للسلاح حتى شاهدها في طريقها إلى بوابة الجامعة وبرفقتها زميلاتها وما أن تمكن منها حتى انهال عليها بالسكين من الخلف ثم كال لها طعنات بصدرها من جهة اليسار وجنبها الأيسر حتى خارت قواها وسقطت على الأرض وتمت خطته لقتلها.

وحاول شاهدين إنقاذها إلا أنه هددهما ملوحًا بالسلاح واتجه إليها مرة أخرى وقام بذبحها من عنقها، وتمكن فرد أمن الجامعة من القبض عليه والسلاح المستخدم في الحادث بعد تمام تنفيذ جريمته وإحداث إصابات المجني عليها المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياتها لما نجم عن تلك الإصابات من قطع بالرئة اليسرى وإصابتها الذبحية بخلفية العنق وما نجم عنها من خلع بين الفقرتين الثالثة والرابعة مما أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية والتقطت الكاميرات واقعة الطعن والذبح بتفاصيلها وبمواجهة المتهم بتلك اللقطات المصورة اعترف بأنه الشخص الذي يظهر بها وأنه القاتل للمجني عليها بعد تفكير وتدبير "، وقد استدل الحكم على صحة الواقعة وإسنادها للمتهم من اعترافه بتحقيقات النيابة العامة وأمام قاضي المعارضات ومن أقوال شهود الإثبات وتحريات الشرطة وأقوال مجريها، وكان ما أورده الحكم من أقوال الشهود وتحريات الشرطة وأقوال مجريها له أصله الثابت بالمفردات المضمومة وكذا ما نقله الحكم عن تقرير الصفة التشريحية والمعمل البيولوجي وفحص هاتف الطاعن وصور المحادثات بينه والمجني عليها والمعاينة التصويرية لمحاكاة الطاعن لكيفية ارتكابه واقعة طعن وذبح المجني عليه وما ثبت من محاضر الجنح والإداري والمبينة على النحو سالف البيان ومن ثم فإن الحكم يكون قد بين الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استند إليها في الإدانة ومحصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملًا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، ومنعى الطاعن على الحكم بالقصور ولا محل له. 

"النية"
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين نية القتل لدى الجاني على نحو كاف وسائغ، كما عرض لظرف سبق الإصرار وانتهى في منطق سائغ إلى توافره في حق الطاعن وعلى النحو المعرف به في القانون، ومنعى الطاعن في هذا الشأن ولا محل له. 

هذا فضلًا عن أن دفاعه بأن الواقعة مجرد ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون مجرد منازعة في صورة الدعوى التي اعتنقتها المحكمة وجدلًا موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة التي اقتنعت بها وارتسمت في وجدانها مما تستقل به بغير معقب عليها. 

لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ وتقطع بأنالمحكمة ألمت بوقائع الدعوى ومضمون ومؤدى الأدلة التي استندت إليها في الإدانة من واقع الأوراق - على ما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة – ودللت على توافر نية القتل بما ينتجها كما جاء حديثها عن سبق الإصرار من واقع الأوراق كافيًا في استظهاره وردت المحكمة في حكمها على دفاع الطاعن فلا محل للحديث عن فساد الحكم في الاستدلال واختلال صورة الواقعة لديها لأن ذلك ينطوي على منازعة موضوعية تستقل بها محكمة الموضوع دون معقب عليها ومنعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. 

"الباعث"
لما كان ذلك، وكان الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركنًا من أركانها أو عنصرًا من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث أو الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة ومن ثم فلا محل للحديث عن حالة الغضب التي انتابت الطاعن حال ارتكاب الجريمة. 
 

"الاعتراف"
أشارت المحكمة أنه لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في الإدانة على اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة واعترافه أمام قاضي المعارضات والمعاينة التصويرية لكيفية ارتكاب الواقعة وإقراره بصحة الصور المسحوبة من الكاميرات لواقعتي الطعن والذبح وشهادة شهود الإثبات وتحريات الشرطة وأقوال مجريها فلا محل لتعييب الحكم لأنه جاء قاصرًا في إيراد اعتراف الطاعن أمام قاضي المعارضات على النحو الوارد بأسباب الطعن لأنه حتى مع استبعاد الاعتراف أمام قاضي المعارضات يبقى الحكم سليمًا وتظل الأدلة الأخرى كافية للإدانة. 
"أقوال الشهود"
لما كان ذلك، وكان لا يلزم قانونًا إيراد النص الكامل لأقوال الشهود الذي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها أطرحت ما لم تشر إليه منها لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به، وإذ كان ما أورده الحكم من أقوال الشهود ومنهم حسن علي عباس أبو حسين والمعاينة التصويرية واعتراف الطاعن أمام قاضي المعارضات يحقق مراد الشارع الذي استوجبته المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من ضرورة بيان مؤدى الأدلة التي استند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصل مضمونها بطريقة وافية ومنعى الطاعن ولا محل له. 

"الصفة التشريحية"
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد تفصيلًا إصابات المجني عليها وانتهى إلى أن الوفاة حدثت نتيجة الحالة الإصابية الحيوية الطعنية بالصدر وما نجم عنها من قطع بالرئة اليسرى وكذا إصابتها الذبحية بخلفية العنق وما نجم عنها من خلع بالفقرتين الثالثة والرابعة مما أدى إلى هبوط حاد بالدورة الدموية والتنفسية انتهى بالوفاة، وكان هذا الذي أورده يكفي بيانًا لتقرير الصفة التشريحية وبيانًا لسبب الوفاة وتتحقق به أيضًا علاقة السببية بين الإصابات التي أحدثها الطاعن بالمجني عليها طعنًا وذبحًا والنتيجة الإجرامية وهي وفاة المجني عليها نتيجة تلك الإصابات. 
لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف للإكراه المادي أو المعنوي، وكان هذا الدفاع لا يجوز إبداؤه أمام محكمة النقض، مادامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته لأنه من الدفوع الموضوعية التي تقتضي تحقيقًا موضوعيًا تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة –محكمة النقض – فلا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة – محكمة الموضوع – عدم الرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل التحدي بهذا الدفاع أمام محكمة النقض. 
"التحريات" 
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستند إلى التحريات، باعتبارها دليلًا للإدانة إنما مجرد قرينة مستمدة من أقوال الضابط مجري التحريات ومنعاه في هذا الشأن ولا محل له.
لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يدعي أن دفاعه قد سلك الطريق الذي رسمته المادة ٢٧٧ من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون 11 لسنة ٢٠١٧ الذي جرت المحاكمة في ظل سريان أحكامه ومنعى الطاعن في هذا الشأن مجرد دفاع قانوني ظاهر البطلان. 
شدد المحكمة على أن تقدير حالة المتهم العقلية أو النفسية من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها، إلا أنه يتعين لسلامة الحكم إذ ما أثار المتهم هذا الدفاع أن تجري تحقيقًا من شأنه بلوغ غاية الأمر فيه فإذا لم تعين خبيرًا للفصل في هذا الدفاع إثباتًا أو نفيًا تعين عليها أن تتناول هذا الدفاع وترد عليه من واقع التحقيقات التي تمت في الدعوى وموقف المتهم منها سيما عند استجوابه أو مناقشة الأدلة في مواجهته ومن الظروف السابقة على الواقعة وترتيبه لارتكابها وتدبيره لاقترافها وكيفية ارتكابها وتوقيت ارتكابها والأداة المستخدمة وطريقة استخدامها وصولًا إلى النتيجة التي ابتغاها من النشاط الإجرامي الذي اقترفه وكانت المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها التقديرية ومن أوراق الدعوى تمتع الطاعن بالوعي والتمييز والقدرة على حسن الإدراك وسلامة التدبير العقلي وقت ارتكاب الجريمة وذلك من واقع مسلك الطاعن وأفعاله وأقواله سواء ما كان سابقًا على الطعن والذبح أو أثناء ارتكاب واقعة الطعن والذبح أو من بعد مقارفته للجريمة – من أقواله بالتحقيقات واعترافه بالجريمة وسلوكه أثناء المعاينة التصويرية واعترافه بقتل المجني عليها أثناء عرض ما تم تصويره من وقائع الطعن والذبح عن طريق الكاميرات الخاصة بالجامعة – ومن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم ردًا على هذا الدفاع من أن الطاعن كان محافظًا على شعوره وإدراكه ومستقرًا نفسيًا ولا يعاني من أي اضطراب نفسي وقت الحادث يكون كافيًا وسائغًا ومنعاه ولا محل له. 
هذا فضلًا عن أن المرض العقلي والاضطراب النفسي الذي تنعدم به المسئولية الجنائية وعلى ما جرى به نص المادة ٦٢ من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سببًا لانعدام المسئولية، فإن ما انتهى إليه الحكم من سلامة حالته العقلية والنفسية وصحة إدراكه بدرجة تتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذي وقع منه يكون صحيحًا في القانون، وكانت المحكمة غير ملزمة بندب خبير في الدعوى تحديدًا لمدى تأثير المرض النفسي على مسئوليته الجنائية بعد أن وضحت لها وقائع الدعوى وذلك أن الفصل في الحالة النفسية والعقلية للمتهم من الأمور الموضوعية الخاضعة لتقدير محكمة الموضوع ومنعاه ولا محل له. 
"صحة الإجراءات"
لما كان ذلك، وكانت العبرة في الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالفها إلا بالطعن بالتزوير وكان الطاعن لم يسلك هذا السبيل في خصوص ما أثبت بمحضر جلسة المرافعة الأخيرة من أن المحكمة أثبتت الاطلاع على تقرير الطب الشرعي بشأن البصمة الوراثية واستخراج الطاعن من محبسه لاستجوابه ودون اعتراض من الدفاع يكون غير مقبول. هذا فضلًا عن أن ما يثيره الطاعن من أنه يطعن بالتزوير على محضر جلسة ٢٠٢٢/٦/٢٦ بشأن الدعوى الأصلية إنما هو غير متصل بقضاء الحكم المطعون فيه ومنعاه لا يكون مقبولًا. 
لما كان ذلك، وكان جماع الدليل القولي المستمد من اعتراف الطاعن وأقوال الشهود والتحريات وأقوال مجريها يتفق تمامًا مع ما ورد بتقرير الصفة التشريحية من طعن وذبح للمجني عليها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن يكون ولا محل له. 
"الرأي العام"
أوضحت المحكمة أن ما أثير حول تأثير الرأي العام لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا في صورة الدعوى التي ارتسمت في وجدان المحكمة ومحاولة لتجريح الأدلة التي اقتنعت بها المحكمة واقامت الإدانة على استخلاص من تلك الأدلة فضلا عن أن القاضي وهو يحكم في الدعوى يكون مستقلا امام سوى من أوراق الدعوى ومداولة الأعضاء في الدائرة وخشية المولى عزوجل والبحث عن الحقيقة، فالقاضي فيه من صفات الله العدل، ومن صفات الأنقياء الحيدة والنزاهة والشفافية من خلال أسبابه التي تنطق بالحكم قبل أن ينطق به القاضي، فالأسباب كانت دائما وسوف تظل تحمل مشروعية الحكم، ومن ثم فلا محل للقول بتأثير الرأي العام على القاضي في حكمه.