"الثقافة وبناء الإنسان: روح التسامح".. ندوة على هامش معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب

محافظات

جانب من الندوة
جانب من الندوة

 شهدت مكتبة الإسكندرية ندوة بعنوان "الثقافة وبناء الإنسان: روح التسامح"، اليوم الثلاثاء، بحضور الدكتور محمد المهدي؛ أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، والدكتور نظير عياد؛ أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، والقمص أثناسيوس جورج؛ راعي كنيسة ماري مينا بالإسكندرية، والدكتور محمد المحرصاوي؛ رئيس جامعة الأزهر سابقًا، وأدار الجلسة الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، وذلك على هامش معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب في دورته الثامنة عشر.


أكد الدكتور أحمد زايد أن التسامح هو الأساس الذي تقوم عليه الحياة الاجتماعية وكل جوانب الحياة في المجتمع، وتاريخ الأنبياء يزخر بقصص هائلة من التسامح، مضيفًا أنه على الرغم من اختلاف بعض المحللين حول مفهوم التسامح إلا أنه يظل مثل أعلى وليس مجرد سلوك. 


وأشار "زايد" إلى اهتمام مكتبة الإسكندرية بهذه القضية حيث أقامت من قبل مؤتمر كبير عن التعايش، وتأتي هذه الندوة على هامش معرض الكتاب ضمن استراتيجية المكتبة. وانتقد زايد ما وصفه بالتباعد الاجتماعي الذي يشهده المجتمع، حيث يتقوقع الكثيرين حول أفكارهم، قائلًا: "نحتاج أن نتسامح فيما بيننا فالإنسانية تبقى هي الملاذ لنا". 


وتحدث الدكتور محمد المحرصاوي عن جهود مشيخة الأزهر الشريف في السنوات الأخيرة لنشر ثقافة التسامح والسلام، حيث نُظم مؤتمر دولي عام ٢٠١٧ عن الحرية والمواطنة، وفي هذا المؤتمر رفض شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب مصطلح الأقلية الذي يشير إلى الانعزالية، وطالب أن يتم استبداله بمصطلح المواطنة، هذا المصطلح الذي يعتبر استدعاء لأول مجتمع أسسه الرسول في المدينة.


وأضاف "المحرصاوي" أنه عقب ذلك بشهرين نظم الأزهر الشريف مؤتمر حول السلام بحضور بابا الفاتيكان، وفي عام ٢٠١٨ كان شيخ الأزهر في ضيافة بابا الفاتيكان، وطرحت وثيقة الأخوة الإنسانية التي لم تكن صدرت عقب ذلك في فبراير ٢٠١٩، ومن ثم أنشأ حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد لجنة لتحقيق مبادئ الوثيقة.


وشدد "المحرصاوي" على أن مبادئ حقوق الإنسان الذي ينادي بها العالم الآن وضعها الإسلام منذ ١٤٠٠ عام، فهو دين السلام وحرية العقيدة واحترام عقيدة الآخرين، كما أنه عالج قضية العنف، مؤكدًا أن مبدأ المواطنة لن يتم إلا بالتسامح.


فيما قال القمص أثناسيوس جورج إن التسامح يساهم في بناء الإنسان ويأتي ضمن المفاهيم الأساسية للمواطنة، ودونها لن يكون هناك تنمية أو حياة وحوار وتعارف، ولن تستقر بلادنا العزيزة مصر إلا بالتسامح، مشيرًا إلى أن أهم ما يميز الإنسان هو التسامح، وأن السيد المسيح دعا إلى التسامح.


وأكد أن التعايش ليس جديدًا على مصر، ومواطنيها يتعايشون معًا منذ آلاف السنين، والتسامح هو الأبقى والأعظم وهو أساس العيش المشترك، مضيفًا أن المجتمع ينقصه في الوقت الحالي التسامح مما يسبب التفكك الأسري والانهيار المجتمعي.


وأشار إلى أن الديانات ليست مجرد نصوص جامدة ولكن لا بد من أن يتم تطبيقها بشكل ملموس، موضحًا أشكال التسامح سواء الثقافي أو الديني وحرية العقيدة والشعائر ورفض التمييز العنصري، وعلى رأسهم التسامح الأخلاقي لأن الكثير من الشباب لديهم رؤى أخلاقية مختلفة يحتاجون لمن يضمهم وينصحهم.


وانتقد "جورج" سلوك البعض بالحكم على عقيدة الآخر، ودعوات بعض المتطرفين برفض معايدة المخالفين لنا في العقيدة، وهذه الطبائع ليست مصرية وعلى الجميع أن يعلم أبنائه حب الآخر. 


فيما أشاد الدكتور نظير عياد؛ بدور مكتبة الإسكندرية في إقامة الندوة التي تناقش قضية مهمة تهم المجتمع المصري، موضحًا أن الثقافة وبناء الإنسان النتيجة المنطقية لها زرع التسامح في نفسه، من أجل إيجاد إنسان سوي في السلوك والتعاون والمقصد.


ولفت "عياد" إلى أن نصوص جميع الشرائع السماوية اتفقت فيما بينها على أمور مشتركة، وجاء الدين الإسلامي للتأكيد على أنه يتوقف عليها الحياة، وهي: الدين والعقل والنفس والنسل والمال، كما حرصت على تزكية الإنسان وتنبيهه للتعامل مع هذه الكليات الذي يحقق المحافظة عليها التسامح. 


وتابع: "جميع الأديان تقف على قاسم مشترك حيث اتفقت على أساس عقائدي، واهتمت بالبناء العلمي والبدني لتحقيق نوع من التكامل داخل المجتمع"، موضحًا أن النصوص السماوية أراد الله أن يتم تطبيقها، ومن يلجأ إلى التطرف والعنف إما لديه خطأ في الوجهة أو يهدف إلى تحقيق مصلحة شخصية أو يحمل أجندة خارجية. 


بينما أوضح الدكتور محمد المهدي أن الأزهر الشريف أصبح مشتبكًا مع المشكلات التي تواجه المجتمع، وفي عام ٢٠٢٢ تم اختيار المركز العالمي للفتوى الإلكترونية كأفضل مؤسسة حكومية.


وتحدث "المهدي" عن ظاهرة الإلحاد ونشأتها؛ مشيرًا إلى أنه في عام ١٩٥٠ صدر عدد لمجلة التايمز يتطرق إلى أن البشرية في حاجة إلى أن تتخلى عن الأديان وأن تتوجه إلى حياة إنسانية محايدة، وأن يصبح البشر في القرن العشرين لا دينين وتوقعوا أن ينشر حالة من السلام بين البشر ويوقف الحروب.


وأضاف: "المشروع جذب إعجاب المثقفين، ولكن عند التخلي عن الأديان يصبح البشر أكثر قسوة، ومع ذلك مازالت هناك دعوات للإلحاد واللا دينية".

جانب من الندوة
جانب من الندوة
جانب من الندوة
جانب من الندوة
جانب من الندوة
جانب من الندوة