د. محمود جلال يكتب: نظرة على منهجية التصنيفات العالمية للجامعات

مقالات الرأي

الدكتور محمود جلال
الدكتور محمود جلال

تنبع أهمية التصنيفات العالمية للجامعات من الدور الرئيسي للجامعات نفسها في تغذية سوق العمل بالخرجيين المؤهلين وحل المشاكل المجتمعية والتطور التكنولوجي وحل مشاكل الصناعة والتنمية الأقتصادية، كما تكشف كيف يتغير مشهد التعليم العالي العالمي، مما جعلها محل اهتمام الطلاب والأكاديميين وقادة الجامعات والصناعة والحكومات.

ولكن ما هي منهجية التقييم في هذه التصنيفات العالمية سواء على مستوى الجامعة أو على مستوى التخصصات بها حتى نتمكن من فهم كيفية تفوق جامعة على أخرى وما يتطلبه الأمر لتكون الجامعة في القمة، ونستوعب نقاط التفوق لتحقيق المزيد منها ونقاط الضعف فنعمل على معالجتها وكذلك لفهم متعمق لأهمية ودور هذه التصنيفات في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة المصرية، ونتعرف عليها في الآتي:

منهجية التقييم في تصنيف كيو إس العالمي للجامعات (QS):

تعتمد كيو إس تصنيف الجامعات من خلال تحديد الأهداف الأساسية للجامعات ذات المستوى العالمي وهي جودة البحوث، وقابلية توظيف الخريجين، وخبرة التدريس والآفاق الدولية، ويضم التصنيف 1،500 جامعة على مستوى 104 دولة حول العالم، وتعتمد النتائج على تحليل 17.5 مليون ورقة بحثية وآراء الخبراء لأكثر من 240 ألف من أعضاء هيئة التدريس وأصحاب الأعمال. ويتصدره للعام الثاني عشر على التوالي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (الولايات المتحدة)، يليه جامعتي كامبريدج وأكسفورد (المملكة المتحدة)، ويتصدره عربيا جامعة الملك عبد العزيز (السعودية) بالمرتبة 143 عالميًا، وإفريقيا جامعة كيب تاون (جنوب افريقيا) بالمرتبة 173. ومنهجية التقييم بالتصنيف من خلال المؤشرات الثمانية التالية:

* السمعة الأكاديمية (30٪): استبيان عالمي لأكثر من 94 ألف أكاديمي حول السمعة الأكاديمية للجامعة من حيث جودة التدريس والبحوث.

* السمعة بسوق العمل (15٪): استبيان عالمي لما يقرب من 45 ألف من أصحاب الأعمال الذين وظفوا خريجين من الجامعات التي توفر أفضل الخريجين هم الأكثر كفاءة وابتكارًا وفاعلية.

* نسبة أعضاء هيئة التدريس إلى الطلاب (10%): انطلاقا من أن التقليل من عبء التدريس على كل فرد أكاديمي يعمل على تحسين جودة التدريس.

* الاستشهادات من هيئة التدريس (20%): لقياس جودة المخرجات البحثية من خلال عدد الاستشهادات المدرجة بقاعدة بيانات سكوبس (Scopus) التي تلقتها الأبحاث التي أنتجها الجامعة بالنسبة لعدد أعضاء هيئة التدريس.

* نسبة أعضاء هيئة التدريس والطلاب الدوليين (5% لكل منهما): لقياس السمعة الدولية القوية التي تتمتع بها الجامعة بالقدرة على جذب أعضاء هيئة التدريس والطلاب من جميع أنحاء العالم.

* شبكة البحوث الدولية (5%): مدى ارتباط أبحاث الجامعة دوليًا ونطاق البحوث التعاونية.

* نتائج التوظيف (5%): مدى قابلية التوظيف لخريجيها.

* الاستدامة (5%): استبيان عن الدور الذي تلعبه الجامعة في رسم المسار ودفع التغيير نحو مستقبل أكثر استدامة، مثل معالجة القضايا التي تتعلق بالمناخ.

منهجية التقييم في تصنيف كيو إس العالمي للتخصصات الجامعية:

يغطي التصنيف 51 تخصصا وذلك لتحديد الجامعات الرائدة في المجالات المختلفة من خلال تقييم السمعة الدولية وتأثير البحوث والتعاون البحثي الدولي بالجامعات لكل تخصص، من خلال المؤشرات الخمسة التالية:

* السمعة الأكاديمية: سؤال استقصائي لأكثر من 130 ألف أكاديمي من جميع أنحاء العالم لتحديد أفضل الجامعات المحلية والدولية بالبحوث في تخصص معين.

* السمعة بسوق العمل: سؤال استقصائي لأكثر من 75 ألف من أصحاب الأعمال في جميع أنحاء العالم الذين وظفوا خريجين لتحديد الجامعات المحلية والدولية التي يفضلون التوظيف منها في ذات التخصص.

* الاستشهادات لكل ورقة بحثية: وفيه يتم قياس الاستشهادات لكل ورقة بحثية مدرجة بقاعدة بيانات سكوبس.

* مؤشر هيرش (H-index): وفيه يتم قياس تأثير عدد الأبحاث (المنشورة من الطاقم الجامعي لهذا التخصص) والاستشهادات منها.

* شبكة البحوث الدولية (مؤشر IRN): ويقيس المؤشر الشراكات البحثية الدولية المقامة في ذات التخصص مع الجامعات الأخرى حول العالم.

وتختلف نسبة كل مؤشر من الدرجات الإجمالية للتصنيف طبقا والتخصص نظرا لإختلاف معدلات النشر، حيث نجدها مرتفعة للغاية في حالة تخصص الطب ومنخفضة في حالة تخصص التاريخ وبالتالي تمثل المؤشرات المتعلقة بالأبحاث 25% في الحالة الأولى و15% في الحالة الثانية، كما أن بعض التخصصات مثل الفنون والتصميم عدد الأبحاث المنشورة بها قليلة جدًا بحيث لا تكون ذات دلالة إحصائية، ويعتمد التصنيف في هذه الحالة على الاستقصاءات من أصحاب الأعمال والأكاديميين.

منهجية التقييم في تصنيف شنغهاي الأكاديمي للجامعات العالمية (ARWU):

يقوم بتصنيف الجامعات من خلال مؤشرات تعكس الأداء الأكاديمي والبحثي، ولكل مؤشر يتم منح 100 درجة للجامعة التي حصلت على أعلى الدرجات، ويتم احتساب الجامعات الأخرى كنسبة مئوية من أعلى الدرجات، وبه يتم تصنيف أكثر من 2،500 جامعة ويتم نشر أفضل 1،000 جامعة فقط. ويتصدره جامعتي هارفارد وستانفورد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (الولايات المتحدة)، ويتصدره عربيا جامعة الملك سعود (السعودية) بالمرتبة 101 – 150 عالميًا، وإفريقيا جامعة كيب تاون (جنوب افريقيا) بالمرتبة 201 – 300. ومنهجية التقييم بالتصنيف من خلال المؤشرات الستة التالية:

* جودة التعليم: عدد خريجي الجامعة الحائزين على جوائز نوبل وأوسمة فيلدز (10%).

* جودة الكلية: (أ) الجوائز: عدد أعضاء هيئة التدريس الحائزين على جوائز نوبل وأوسمة فيلدز (20%)، (ب) مؤشر HiCi: عدد باحثيها الذين تم الاستشهاد بهم بشكل كبير والذين اختارتهم قاعدة بيانات كلاريفيت (Clarivate) في قائمتها للباحثين الأكثر استشهادًا (20%).

* المخرجات البحثية: (أ) عدد أبحاثها المنشورة في مجلتي الطبيعة والعلوم وهما من بين المجلات الأكثر استشهادا وتأثيرا في العالم (20%)، (ب) عدد أبحاثها المدرجة بمؤشر الاستشهاد العلمي الموسع (SCIE)  ومؤشر الاستشهاد في العلوم الاجتماعية (SSCI)  (20%).

* نصيب الفرد من الأداء الأكاديمي للجامعة: وهي تمثل إجمالي درجات المؤشرات الخمسة السابقة مقسومة على عدد أعضاء هيئة التدريس (10%).

منهجية التقييم في تصنيف شنغهاي للتخصصات الجامعية (GRAS):

يقيم التصنيف أداء أكثر من 1800 جامعة عالمية في 54 تخصصا من خلال المؤشرات الخمسة التالية واعتمادا على قواعد بيانات Web of Science وInCites، وتحسب القيمة لكل جامعة كنسبة من الجامعة التي حصلت على أعلى الدرجات:

* مخرجات البحوث: عدد الأبحاث التي نشرتها الجامعة بالمجلات العلمية المرموقة في هذا التخصص ضمن فئة Q1 (وهي أعلى 25% مجلة في معامل التأثير – Impact Factor – نظرا لتحقيقها أكبر عدد من الاستشهادات).

* تأثير البحوث: نسبة الاستشهادات من الأبحاث المنشورة من خلال الجامعة في هذا التخصص إلى متوسط الاستشهادات للأبحاث المثيلة عالميًا.

* التعاون الدولي: النسبة المئوية للأوراق البحثية المشتركة عالميًا من إجمالي الأبحاث التي نشرتها الجامعة في هذا التخصص.

* جودة الأبحاث: عدد الأبحاث التي نشرتها الجامعة في هذا التخصص في أفضل المجلات والمؤتمرات العلمية.

* الجوائز الأكاديمية الدولية: إجمالي عدد موظفي الجامعة الحائزين على جائزة كبيرة في هذا التخصص.

منهجية التقييم في تصنيف التايمز للتعليم العالي (THE):

يشمل التصنيف 1،904 جامعة من 108 دولة ومنطقة، والتي استوفت معايير الإدراج بالتصنيف وهي أنها تقوم بالتدريس للطلاب الجامعين، وإنتاجها البحثي يزيد عن ألف بحث في مجالات تخصصها خلال السنوات الخمس الماضية بحد أدني 150 بحث سنويًا، وتستبعد الجامعة إذا كان 80% أو أكثر من مخرجاتها البحثية تنحصر في تخصص واحد فقط. ويتصدره جامعة أكسفورد (المملكة المتحدة) ثم جامعة هارفارد (الولايات المتحدة)، يليهما جامعة كامبريدج (المملكة المتحدة)، ويتصدره عربيا جامعتي الملك فهد للبترول والمعادن (السعودية) وأبو ظبي (الإمارات) بالمرتبة 201 – 250 عالميًا، وإفريقيا جامعة كيب تاون (جنوب افريقيا) بالمرتبة 167. ويقوم التصنيف بتقييم الجامعات في جميع مهامها الأساسية وهي التدريس والبحوث ونشر المعرفة والآفاق الدولية، وتعتمد النتائج على تحليل أكثر من 134 مليون استشهاد عبر 16.5 مليون ورقة بحثية بقاعدة بيانات سكوبس واستبيان 68،402 باحثًا على مستوى العالم. ويتم التقييم من خلال 18 مقياسًا للأداء تم دمجها في المجموعات الخمس التالية:

* بيئة التعلم (29.5%): وتشمل مؤشرات استبيان السمعة الاكاديمية (15%)، نسبة الموظفين إلى الطلاب (4.5%)، نسبة الحاصلين على الدكتوراه إلى البكالوريوس (2%)، نسبة الحاصلين على الدكتوراه إلى أعضاء هيئة التدريس (5.5%)، الدخل المؤسسي بالنسبة إلى أعداد أعضاء هيئة التدريس (2.5%). 

* البيئة البحثية (29%): وتشمل مؤشرات السمعة البحثية كاستبيان للتميز البحثي للجامعة بين أقرانها (18%)، الدخل البحثي بالنسبة إلى أعداد أعضاء هيئة التدريس (5.5%)، إنتاجية الأبحاث من خلال عدد أبحاثها المنشورة (5.5%).

* جودة البحوث (30%): وتشمل مؤشرات تأثير الاستشهاد من خلال متوسط عدد الاستشهادات من أبحاثها المنشورة (15%)، قوة البحوث من خلال نسبة تأثير الاستشهاد المرجّح بالتخصص (FWCI) والمعبر عن مقارنة عدد الاستشهادات من أبحاثها في ذات التخصص مع متوسط عدد الاستشهادات التي تلقتها جميع الأبحاث المماثلة الأخرى (5%)، التميز البحثي من خلال عدد الأبحاث ضمن أفضل 10% في مؤشر FWCI (5%)، التأثير البحثي من خلال عدد الاستشهادات من أبحاثها ذات الموضوعات البحثية الهامة (5%).

* الآفاق الدولية (7.5%): وتشمل مؤشرات نسبة الطلاب الدوليين (2.5%)، نسبة الموظفين الدوليين (2.5%)، التعاون الدولي من خلال قياس نسبة الأبحاث المشتركة عالميًا من إجمالي الأبحاث التي نشرتها الجامعة (2.5%).

* الصناعة (4%): وتشمل مؤشرات دخل الصناعة من خلال الدخل البحثي الذي تكسبه الجامعة من الصناعة بالنسبة إلى أعداد أعضاء هيئة التدريس (2%)، براءات الاختراع من خلال عدد براءات الاختراع من أي مصدر يستشهد بالأبحاث التي أجرتها الجامعة (2%). 

نقاط التميز لكل تصنيف من تصنيفات الجامعات (QS ، ARWU، THE)

- تصنيف كيو إس العالمي للجامعات (QS): هو الأفضل في تحديد الجامعات التي تحظى بتقدير كبير من قبل الشركات والأكاديميين الآخرين، والتي يحصل خريجوها على رواتب جيدة بعد تخرجهم.

- تصنيف التايمز للتعليم العالي (THE): الأفضل في تحديد الجامعات الأفضل بناءً على تأثيرها البحثي وسمعتها، كما يتميز في أنه يقيس قدرة الجامعة على توفير التدريس على أعلى مستوى ومساعدة الصناعة ومدى دعمها للاقتصاد الوطني من خلال نقل التكنولوجيا.

وكلا التصنيفين يقيسان بشكل فعال مدى عالمية الجامعة وسمعتها الأكاديمية، لذا فهما الأفضل للطلاب الذين يهدفون إلى الدراسة خارج بلادهم، ولكن هذه التصنيفات لا تأخذ في الاعتبار العوامل الأخرى مثل الرسوم والمنح الدراسية وجودة التدريس والمرافق البحثية والدخل والموقع والمناخ.

- تصنيف شنغهاي الأكاديمي للجامعات العالمية (ARWU): يقوم بتقييم أداء الجامعة بشكل أكثر ثقلًا بالنسبة للمقاييس التقليدية للمكانة في البحوث، والباحثين الأكثر شهرة في العالم، كما أنه الأفضل في تحديد الجامعات التي تتمتع بسجل قوي في إنتاج أبحاث عالية الجودة باستمرار.