"ختان الإناث" ممارسات ضارة يحكمها التقاليد.. قصص شخصية ونضال للتغيير في قرى قنا

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

يعد ختان الإناث، أحد الظواهر الثقافية والاجتماعية المتوارثة منذ قديم الزمان، والذي نشأ في إفريقيا والشرق الأوسط وبعض أجزاء من آسيا، وهو إحدى الممارسات والانتهاكات الخطيرة لحقوق المرأة والفتيات، لما له العديد من الأضرار النفسية والجسدية.

رصدت "الفجر" الجهود المبذولة من أعضاء المجتمع المدني، والجمعيات الأهلية والحقوقيين، الذين يبذلون جهود مضنية، في سبيل وقف تلك الانتهاكات ومكافحة ختان الاناث، من خلال توعية المواطنين في شتى القرى والنجوع، وتعزيز مفاهيم التعليم والوعي الصحي والتثقيف.

تباينت أراء المواطنين حول ختان الاناث، إلا أن النسبة الأكبر أصبحت ذات ثقافة ودراية كافية بأضراره، إلا أن النسبة الباقية تمثلت في بعض السيدات العجائز والجدات، اللاتي يرين في أن الختان أساسًا للهوية الجنسية والاجتماعية وشرطًا للزواج والقبول في المجتمع، كما أنه في اعتقادهن أنه يوفر حماية من الشهوة الجنسية الزائدة، ويحافظ على النقاء والطهارة.

صورة تعبيرية

قرية خالية من الختان

 

إحدى القيادات المجتمعية في قرية بشلاو بمركز نقادة، أوضحت نعمة سيد، وهي عضو نشط في حملة مكافحة ختان الإناث وزواج الأطفال، أن القرية سيتم إعلان خلوها من الختان والزواج المبكر قريبا.

 وتابعت نعمة، بأنهم قاموا بجهود كبيرة بالتعاون مع جميع المؤسسات المجتمعية للتصدي لهذه العادات الضارة، من خلال عقد عدد كبير من الندوات التوعوية للسيدات والفتيات لتوعيتهن بمخاطر الختان وزواج الأطفال.

 

الجدة والتعليم 

 

وأكدت عضو حملة مكافحة ختان الإناث، الأسباب التي ساهمت في تقلق الظاهرة، والتي كان من أهمها نسبة التعليم في القرية، وجعلت مهمتهم ليست سهلة وليست صعبة بسبب توافق الجدات وكبار السن على الختان وزواج الفتيات الصغيرات. 

وأشارت نعمة، إلى أن الفريق كان يستخدم الإقناع وإبراز الحالات التي تعرضت للموت بسبب النزيف جراء الختان وتضييع حقوق الفتيات الصغيرات، وقد جعل هذا الأمر العديد من الأهالي يشاركون في التصدي لتلك الظاهرة والعادة الضارة.

وعن النسبة الحالية، أوضحت "نعمة" أن نسبة عدم الختان أو عدم الاقتراب منها تصل إلى نحو 97% تقريبًا، وأن الأطباء في القرية يرفضون تمامًا إجراء ختان للبنات، وهذا الأمر متفق عليه من الجميع، مشيرة إلى استمرار الندوات التي تشمل رجال الدين الإسلامي والمسيحي وأخصائي نفسي من أجل تغيير الفكر، وتساعد في زيادة نسبة التعليم في القرية إلى نحو 100%.

صورة تعبيرية

حملات لمناهضة الختان

عضو لجنة حماية الطفل بمركز نقادة، ومدير تنفيذي بجمعية الشروق لتنمية المرأة الريفية، أم كلثوم الصوابي، إحدى سيدات قرية الأوسط قمولا في مركز نقادة بقنا، أوضحت أنه عند بداية حملاتنا لمناهضة ختان الإناث، واجهتنا صعوبات كبيرة، بسبب تعرض الأغلب من السيدات للختان، إلا أنه بمرور الوقت، وبمتابعتنا المستمرة، بدأ الأهالي بالتغيير وتقبل الأمر.

تابعت الصوابي، أنه تم العمل على التوعية حول هذه الظاهرة بالاستعانة بالأمهات وتوعية الجدة وأولياء الأمور، وكنا دائما نستعين بإمام مسجد، وطبيب لتوصيل الفكرة للأهالي بشكل أفضل، فإمام المسجد، كانت أهم وسيلة من الناحية الدينية لإقناعهم، وأيضا الطبيب من الناحية الجسدية والنفسية في الطب.

دعم الزوج

وتحكي الصوابي، تجربتها الشخصية، مع بناتها فيما يتعلق بختان الإناث، فتقول: "لدي خمس فتيات، وكانت أولهن تواجه مرحلة الختان، في نفس الوقت الذي كنت أعمل فيه على تنظيم ندوات والتوعية حول ضرورة القضاء على ختان الإناث وإنهاء هذه الممارسة الضارة، فقررت رفض ختان بناتي، ولقد دعمني زوجي في هذا القرار.

صورة تعبيرية

أضرار ومضاعفات

النزيف الشديد، الألم المستمر، صعوبة التبول، المضاعفات أثناء الولادة، الاكتئاب، القلق تأثير ما بعد الصدمة، وصعوبات التكيف الاجتماعي الذي يؤثر على الحياة الزوجية، كل هذه أضرار جسدية ونفسية رصدها الأطباء في الفتيات التي تعرضن للختان.

تذكر سمية أحمد، والدة لفتاة، أنها عرضت طفلتها على طبيب للتعرف على الرأي الطبي في ختانها أم لا، إلا أن هذا الطبيب رفض الأمر، مشيرة إلى أنها اقتنعت بما قاله لها وشرحه للأضرار النفسية والجسدية على المدى القريب والبعيد، لتبتعد عن التفكير في ختان طفلتها الصغيرة.

صورة تعبيرية

تعديت على جسدي الصغير

بينما يروي "محمود"، موظف، مأساة نجلته مع الختان، مشير إلى أنها تعرضت للختان وهي صغيرة، قبل معرفة الأضرار الضارة بسببه، ولكن كان هذا يرجع إلى قلة الوعي ولم يجد أي شخص يقوم بتوعيته، في ظل الالحاح الدائم من والدته التي هي جدة الطفلة، وقصصها المستمرة عن العفة والطهارة، ومازالت أتذكر وجه طفلتي وهذا المشهد لن يمحوه الزمن، عندم أخذتها للطبيب لختانها، وكأنها كانت تستغيث في صمت أو رسالة مفادها لقد تعديت على جسدي الصغير.