حصاد 2023... لبنان تعيش في رعب والشعب يخشى حرب مدمرة

تقارير وحوارات

أزمة لبنان
أزمة لبنان

على مدار عام 2023، شهد لبنان تفاقم الأزمة السياسية، حيث تحولت الدولة إلى حالة تصريف أعمال وسياسة الاستمرارية والإصلاحات السطحية سادت المشهد، لا يزال منصب رئيس الجمهورية شاغرًا منذ أكتوبر 2022، وانتقلت السلطة والإدارة إلى المؤسسات والإدارات الحكومية التي تعمل بشكل مؤقت أو بتمديد لفترة قيادتها.

أزمة لبنان في 2023

تستمر الأزمة المالية والاقتصادية الحادة التي يعاني منها البلد منذ عام 2019، دون وجود أي خطط جدية للانتعاش الاقتصادي، وتأجيل أي تطور حتى يتم ملء المنصب الرئاسي الشاغر، في نهاية العام، شهدت لبنان تطورات أمنية وعسكرية مهمة، حيث قرر "حزب الله" تحويل جبهة الجنوب اللبناني إلى جبهة دعم لقضية غزة، في ظل تهديدات إسرائيلية بتوسيع نطاق الصراع إذا لم يتراجع الحزب إلى منطقة شمال الليطاني ويعود لتنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 1701 الذي أنهى الحرب بين "حزب الله" وإسرائيل في عام 2006 واستمرت 33 يومًا.


الملف الرئاسي في لبنان يبقى مجمدًا

خلال العام الماضي، لم يشهد الملف الرئاسي في لبنان أي تغييرات جوهرية رغم الجهود المحلية والمبادرات الدولية لإيجاد حلًا، استمر "الثنائي الشيعي"، المتمثل في حزب الله وحركة أمل، في التمسك بمرشحهما سليمان فرنجية، زعيم تيار المردة.

بالمقابل، قررت قوى المعارضة التخلي عن ترشيح ميشال معوض، زعيم حركة الاستقلال، والتوافق على ترشيح جهاد أزعور، وزير سابق في حكومة التيار الوطني الحر، ومع ذلك، أدى هذا التعادل السلبي إلى تعثر العملية الانتخابية.

في السابق، كانت فرنسا تدعم ترشيح فرنجية كجزء من مبادرة تهدف إلى انتخابه رئيسًا، مقابل تعيين السفير السابق نواف سلام رئيسًا للحكومة، ومع ذلك، تراجعت فرنسا عن هذا الموقف بعد مشاورات مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وقطر ومصر، ضمن إطار اللجنة الدولية الخماسية المعنية بالشأن اللبناني، ويتردد حاليًا ترشيح قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، الذي تم تمديد فترة ولايته لمدة عام كامل، إلى جانب فرنجية.

و يرى المتابعون أن أي تطورات جوهرية في الملف الرئاسي قد ترتبط بمصير الصراع في غزة ونتائجه، وتحديدًا بالتسوية الشاملة التي قد تنجم عنها وتشمل لبنان أيضًا.


الشغور يتوسع في لبنان

تسبب الفراغ الرئاسي في عدم استقرار مؤسسات الدولة وانعدام التواصل العام، استمرت حكومة الأعمال العامة في العمل بشكل محدود، في حين تراجعت أعمال المجلس النيابي بشكل غير مسبوق نتيجة رفض الأحزاب السياسية المسيحية العديدة استئناف الجلسات العادية، حيث تعتبر انتخاب رئيس البلاد مهمتها الأساسية.

نتيجة للوضع الراهن، تعذر على الحكومة تنفيذ التعيينات العسكرية والأمنية والقضائية والمالية المطلوبة، بعد تقاعد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في بداية مارس الماضي، تم تعيين اللواء إلياس البيسري كمدير عام جديد للأمن العام، وعندما انتهت ولاية محافظ مصرف لبنان رياض سلامة في أغسطس الماضي، تم تعيين نائب المحافظ الأول وسيم منصوري لشغل المنصب.

في الأيام الأخيرة، وبعد صراع سياسي كبير، قرر مجلس النواب تمديد ولاية قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية لمدة عام كامل، بما في ذلك ولاية قائد الجيش الذي كان من المفترض أن تنتهي في العاشر من يناير القادم.

تم تأجيل انتخابات المجلس النيابي للمرة الثانية خلال عامين، حيث كان مقررًا عقدها في أقصى حالة في شهر مايو الماضي بحد أقصى حتى تاريخ 31/5/2024.

آخر انتخابات نيابية جرت في لبنان في عام 2016، على الرغم من أنه من المفترض أن تُجرى كل ست سنوات، تعترض عدة عوامل، منها اللوجستية والمالية، عملية إجراء هذه الانتخابات على الرغم من الدعوات الدولية للالتزام بالجدول الزمني المحدد.


التحديات المتعلقة بالنازحين السوريين في لبنان

لا يزال ملف النازحين السوريين يشكل تحديًا مستمرًا في لبنان، وقد تصاعدت التوترات في بداية شهر أكتوبر الماضي، مما تسبب في وقوع عدة حوادث تصادم بين اللبنانيين والنازحين السوريين وأسفرت عن وقوع جرحى.

شهد العام الماضي حملات سياسية وشعبية متزايدة ضد النازحين السوريين في لبنان، حيث توجد تقاربات كبيرة حول ضرورة عودتهم إلى بلادهم نظرًا للأعباء الاقتصادية والمالية الهائلة التي يتحملها لبنان.

ومع اتخاذ الجيش اللبناني إجراءات صارمة على الحدود لمنع دخول السوريين بطرق غير قانونية، بدأت المؤسسات الرسمية اللبنانية، وخاصة وزارة الداخلية، في اتخاذ خطوات عملية لتقليل وجود النازحين بشكل غير قانوني تحت طائلة المسائلة القانونية، وطلب وزير الداخلية بسام المولوي من البلديات تقديم تقارير دورية كل 15 يومًا توضح الإجراءات التي اتخذتها فيما يتعلق بالنازحين السوريين في مناطقها.

وفي وقت متأخر، قامت مفوضية شؤون اللاجئين بتسليم قاعدة بيانات النازحين السوريين إلى المديرية العامة للأمن العام بعد مطالبة لبنان الرسمية بالحصول على هذه البيانات لتنظيم وجود اللاجئين السوريين في البلاد، ولم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن تسليم البيانات إلا في أغسطس الماضي بعد أكثر من عام من المفاوضات.

تنقيب الغاز في لبنان وتطورات قضية رياض سلامة

تعرضت لبنان لصدمة كبيرة بعد إعلان عدم اكتشاف أي كميات من الغاز خلال عمليات الحفر في أحد الآبار في البلوك 9 البحري اللبناني، بعد بدء عمليات الحفر في أغسطس الماضي بجوار الحدود البحرية التي تم التوصل إليها في العام السابق بوساطة أمريكية بين لبنان وإسرائيل، جاءت النتائج مخيبة للآمال، على الرغم من تأكيد وزارة الطاقة أن هذه النتائج لا تستبعد وجود غاز في آبار أخرى في نفس البلوك.

فيما يتعلق بالقضايا القضائية، نجح رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان السابق، في تفادي الاعتقال على الرغم من الملاحقات القضائية الموجهة ضده في لبنان والخارج. يتهم سلامة بارتكاب جرائم الاختلاس وغسل الأموال وتحويلها إلى حسابات خارجية، بالإضافة إلى تهمة الإثراء غير المشروع. قدم سلامة دعاوى قضائية تعطلت التعاون بين لبنان والقضاء الأوروبي وتعطلت أيضًا إجراءات الملاحقة الجارية ضده في لبنان، قام بذلك من خلال رفع دعوى قضائية ضد رئيس محكمة الاستئناف في بيروت، القاضي حبيب رزق الله، وبالتالي تجميد الملف لفترة طويلة، حيث يتولى رزق الله تعيين أو تنصيب هيئة قضائية للنظر في قضية سلامة.

 

لبنان يدخل مرحلة جديدة من التوتر مع إسرائيل

 في ظل اشتداد الصراع في غزة. قرار "حزب الله" بتحويل جبهة الجنوب إلى جبهة دعم للمقاتلين في غزة أدى إلى تصاعد المواجهات مع إسرائيل. قواعد الاشتباك التي اتفقت عليها تل أبيب و"حزب الله" منذ 2016 تلاشت، ودخلت مجموعات فلسطينية ولبنانية في المعركة إلى جانب "حزب الله". تزايدت حدة التصعيد، ويتساءل البعض عن إمكانية توسيع إسرائيل للنزاع إلى لبنان، خاصة بعد التحذيرات الدولية لـ "حزب الله". يُحذر من أن اتخاذ إسرائيل قرارًا بالتوسع قد يعيد الأطراف إلى احترام القرار الدولي 1701، ولكن حتى الآن، يظل الصراع الدائر يعكس قسوة المواجهات في غزة ورفض "حزب الله" العودة إلى هذا القرار.