حسام السعيدي يكتب: تخلقوا بأخلاق المُشجعين!

مقالات الرأي

حسام السعيدي
حسام السعيدي

كُنت ولازلت أحد مُشجعي كُرة القدم، ولكن هذه الأيام أصبحت أرى الأمور من زاوية أخرى، وأسأل نفسي ماذا لو تخلق الناس بأخلاق المُشجعين، نعم كما قرأتم (ماذا لو تخلق الناس بأخلاق مُشجعي كُرة القدم؟).

مُشجع كُرة القدم، يتمنى الخير وكُل الخير لفريقه الذي يُشجعه، ولاعبي فريقه، ومجلس إدارة فريقه، وكُل ما يخص فريقه، فتجده يضع (رجل على رجل) في المقهى، وهو بالكاد يملك حق كوب الشاي الذي يجلس من خلاله في هذا المكان، ليقول لمشجع الفريق المُنافس (انت عارف اللاعب بتاعنا اتباع بكام، ده أغلى لاعب في مصر)، أو يفتخر بان لاعب فريقه حصل على جائزة شخصية كأحسن لاعب في بطولة أو مباراة، وكأنه هو من حاز على الجائزة وكأنه تحصل على مكسب من وراء بيع لاعب فريقه.

المُشجع يُحب الخير للاعبي فريقه لدرجة أنه يضطر إلى سبهم ولعنهم إذا ما رأى تراجع في مستواهم، ولا يرتاح حتى يراهم الأفضل في أي مكان يلعبون فيه، فالمشجع لا يكتفي بتشجيع لاعب فريقه وينتهى من تشجيعه إذا ما رحل عن فريقه للاحتراف، بل يستمر في تشجيعه والافتخار به والدفاع عنه في كُل مكان لمُجرد أنه ارتدى في يوم من الأيام قميص فريقه، فتجده يفتخر لأن لاعب فريقه السابق أصبح أغلى لاعب في تاريخ مصر، ويعنفه على مواقع التواصل إذا ما رأى منه تراجع في مستواه.

مُشجع كُرة القدم يفتخر لمُجرد أن فريقه تحصل على حقوق رعاية هي الأعلى في تاريخ مصر، ولا يُضاهي فريقه أي فريق آخر، فالسعادة تملأ وجهه، وكأن هذا النجاح يعود إليه وكأنه حقق إنجاز لنفسه، رغم أنه كمُشجع هو العُنصر الوحيد في منظومة كُرة القدم الذي لا يتحصل على أي مكاسب من اللعبة، بل يدفع من جيبه الخاص تذاكر وبنرات وأدوات تشجيع، ويعتبر أحد أبرز قوى الفريق دون مُقابل يدفعه النادي.

المُشجع قد يتنازل عن اي خطأ أرتكبه لاعب في حقه، لمُجرد ان هذا اللاعب قرر ارتداء تيشرت فريقه، فتجد السخرية منه تتحول إلى إشادة، والهجوم عليه إلى دعم، وكُرهه إلى حُب مُنقطع النظير، ومن وصفه بلاعب فاشل إلى أحسن لاعب وغير ذلك من التغيرات من النقيض إلى النقيض.

كُل هذا الحُب الذي يُعطيه المُشجع للاعبي فريقه، يأتي رغم أنه لا يعلم أي شئ عنهم غير أنهم يرتدون تيشرت فريقه، لا يهمه دينهم أو لونهم أو جنسيتهم، المُهم أنه يلعب بقميص فريقي ويُدافع عن ألوانه.

وفي المُقابل لا تجد في الغالب هذا الحُب بين أناس يعرفون بعضهم بعض جيدًا، سواء على مستوى القرابة أو الجيرة أو الصداقة أو الزمالة أو غير ذلك، فالقليل من يسعد لغيره أو يفرح لغيره، لتعيينه على سبيل المثال في مكان مرموق ببضعة آلاف، بالرغم من أنه يفرح ويسعد ويفتخر باحتراف لاعب فريقه بملايين الدولارات، أو تجديد فريقه عقد أحد لاعبي الفريق بملايين الجنيهات ليصبح أغلى لاعب في مصر.

ولا تجد من يُدافع عن شخص يعرفه جيدًا بعد انتشار شائعات حوله تخص أخلاقه أو زمته وما إلى ذلك وكأنه ينتظر سقوط هذا الشخص ويُسارع في تصديق الشائعات والقيل والقال، رغم أنه يُدافع بكل ما أوتى من قوة عن لاعب فريقه المعروف بسهراته الحمراء وسقطاته الأخلاقيه، لمجرد أنه يلعب في صفوف فريقه، فتجد المُشجع يوبخ من يقول (ربع كلمة) عن لاعب فريقه صاحب السيرة السيئة، فكُل الأخطاء مقبولة ما دام ترتدي تيشرت فريقي.

وفي الأخير انتهى بما بدأت به.. تخلقوا بأخلاق المُشجعين، حبوا الخير لبعض، دافعوا عن من تعرفوهم إذا ما سمعتم شائعات حولهم، إفرحوا إذا ما عرفتم أن احدًا تعرفونه نجح في مكان ما أو تقلد منصب ما أو رزقه الله (عز وجل) أيًا من زرقه، تخلقوا بأخلاق المشجعين.