سفير فنزويلا بالقاهرة: دولتنا لن تستسلم لأي أنواع الابتزاز

عربي ودولي

بوابة الفجر

نظمت سفارة فنزويلا بالقاهرة، احتفالا بالذكرى السنوية الثانية والثلاثين، لـ4 فبراير عام 1992، يوم الكرامة الوطنية، كجلسة حوارية بين السفير ويلمار أومار بارينتوس، سفير فنزويلا في القاهرة، وممثلى جماعات التضامن من الأحزاب السياسية والصحفيين والإعلاميين، وذلك لإيضاح أهمية الحدث فى تاريخ فنزويلا المعاصر وتأثيرة بأمريكا اللاتينية والعالم. 

وخلال كلمته، قال السفير: “منذ 20 يومًا بالضبط، اجتمعنا في فنزويلا لإحياء الذكرى الثانية والثلاثين ليوم الكرامة الوطنية، 4 فبراير 1992، واليوم أود أن أشيد مرة أخرى بهذا التاريخ بالغ الأهمية في تاريخ فنزويلا المعاصر”.

ففي الرابع من فبراير من ذلك العام، هزت ثورة عسكرية بقيادة القائد الأبدي هوجو تشافيز الهياكل البالية لنظام سيطرة الثنائية الحزبية في فنزويلا، والذي شكل الديمقراطية التمثيلية التي هيمنت على الحياة السياسية الفنزويلية منذ عام 1958 إلى عام 1998، أي حتى الانتصار الانتخابي للقائد وبداية الثورة البوليفارية.

ومع 4 فبراير، ولد من جديد أمل شعب استُبعد من توزيع الثروة الوطنية عبر التاريخ، الشعب الذي كان قد هب بالفعل مع الانتفاضة الشعبية التي حدثت في 27 فبراير 1989، لكنه وجد في ثورة الجنود الشباب الدعم والنور ليمسك للمرة الأولى بزمام السلطة السياسية في فنزويلا.

لقد كانت حركة الانتفاضة هذه مستوحاة من أفكار ومُثُل سيمون بوليفار، ومبادئ معلمه العظيم سيمون رودريجيس، وقوة الزعيم الفيدرالي الشعبي إسيكيل سامورا، مما كان بمثابة إرشادات تاريخية لوضع حد للحالة غير المستقرة والمأخوذة من نظام تمثيلي بعيد كل البعد عن احتياجات الأغلبية العظمى، حيث تم الاهتمام بالمنح والامتيازات الحزبية وحُرم الشعب الفنزويلي من حقوقه الأساسية في بلد يتمتع بموارد هائلة، خصصت فوائده كاملة لأقلية تعمل لخدمة المصالح الإمبريالية.

وقد وجهت أحداث 4 فبراير ضربة قاضية لأشكال الليبرالية الحديثة في فنزويلا مما شكل ضوء أمل لجميع شعوب أمريكا اللاتينية الخاضعة لتدابير التجارة الحرة المفروضة قسرًا. وبعد 6 سنوات أثبتت الثورة البوليفارية إمكانية إعادة توطيد رفاهية الدولة وتقدمها لمساعدة الشعب المستبعد تاريخيًا ولتركيز السياسات العامة على حماية الإنسان.

مما لا شك فيه أنه مع 4 فبراير، بدأت عملية لا رجعة فيها من أجل إعطاء الأولوية الأساسية لرعاية أولئك الذين تم نسيانهم في العالم، إذ إنه كان عملًا بطوليًا ونبيلًا لصالح تعزيز الاندماج الاجتماعي ضد تدابير الليبرالية الحديثة المفروضة والظلم وعدم المساواة. 

باعتباره حدثًا تاريخيًا بالغ الأهمية، كان يوم 4 فبراير بمثابة بداية الثورة البوليفارية وظهور زعامة القائد تشافيز، الذي يواصل الرئيس نيكولاس مادورو موروس عمله حفاظًا على المسار الثابت لبناء الاشتراكية البوليفارية، وطن اشتراكي بالقرن الحادي والعشرين، يسوده الإنصاف والعدالة الاجتماعية مستوحى من إرث والد الأمة سيمون بوليفار.

فمنذ 4 فبراير، شهد المجتمع الفنزويلي تحولًا عميقًا، وهو اليوم مرجع عالمي للشعوب التي تناضل من أجل المساواة والعدالة والحق السيادي في تقرير المصير بحرية دون أي تدخل استعماري من مراكز السلطة المهيمنة التي عفا عليها الزمن.

زملائي الأعزاء، أود أن أغتنم هذه الفرصة لأتناول أبرز الأحداث التي جرت مؤخرًا في فنزويلا، مع إيلاء اهتمام خاص للرسالة الإدارية السنوية التي قدمها إلى الجمعية الوطنية الرئيس الدستوري لجمهورية فنزويلا البوليفارية، فخامة السيد نيكولاس مادورو موروس، ولإلغاء الأهلية السياسية للسيدة ماريا كورينا ماتشادو.

وسأبدأ بهذه النقطة الأخيرة، لأنه في 26 يناير 2024، أعلنت الغرفة السياسية الإدارية لمحكمة العدل العليا في فنزويلا "عدم قبول" الدعوى التي رفعتها زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو، لتهمة ارتباطها بـ "مؤامرة فساد" يقودها النائب السابق خوان جوايدو، الذي نصب نفسه رئيسًا في عام 2019.

وفي قرارها، أكدت المحكمة ذات السلطة العليا في الجمهورية "دستورية المادة 105 من القانون الأساسي للمراقب العام للجمهورية بامتلاكه، أي المراقب العام، سلطة فرض عقوبات فقدان الأهلية، مما يعنى أنه تم إلغاء أهلية المواطنة ماريا كورينا ماتشادو باريسكا (...) لمدة 15 عامًا لتورطها في هذه الأحداث، ولمشاركتها في مؤامرة الفساد التي دبرها المغتصب خوان أنطونيو جوايدو".

ويضيف حكم المحكمة أن ماريا ماتشادو روجت للحصار المفروض على البلاد، و"نزع ملكية" الشركات الحكومية في الخارج، ومن بينها شركة سيتجو القابضة وشركة سيتجو للبترول، "بقيمة تبلغ ما يقرب من 34 ألف مليون دولار"، فضلًا عن شركة مونوميروس كولومبو بينيسولانوس الفنزويلية، التي "أفلست" خلال إدارة جوايدو المؤقتة.

وتشير أيضًا إلى أن الزعيمة المعارِضة "لم تمتثل" للأحكام المنصوص عليها في الدستور، لا سيما تلك التي تنص على "أن النواب في الجمعية الوطنية (البرلمان أحادي التمثيل) غير قادرين على قبول أو شغل مناصب عامة دون أن يفقدوا مناصبهم" سوى في الأنشطة التعليمية أو الأكاديمية أو العرَضية أو لتقديم الرعاية، ما دام أنها ليست بتعيين دائم".

وكما كان متوقعًا، هبت حكومة الولايات المتحدة للدفاع عن السيدة ماريا كورينا ماتشادو، إلا أن فنزويلا استنكرت لمحاولات الابتزاز والتدخل في شؤونها الداخلية، لأنها تشكل إنذارًا نهائيًا ضد المجتمع الفنزويلي برمته، إذ إن الولايات المتحدة، من خلال الإكراه والتهديد، تسعى إلى فرض نزعات انقلابية، وتجاهل مؤسسات الجمهورية، وتطبيق إجراءات قسرية جديدة، وزعزعة استقرار الاقتصاد الفنزويلي ورفاهية شعبها.

وفي هذا الصدد، رفضت فنزويلا رفضًا مطلقًا وبشكل لا لبس فيه سياسة التدخل الاستعمارية الجديدة التي تحاول واشنطن فرضها على دولة مستقلة تمارس سيادتها الوطنية بشكل كامل ولها الحق في اختيار مصيرها دون الضغط المستمر والعدوان من جانب حكومة متواطئة في المذبحة والإبادة الجماعية في غزة، بتاريخ دموي من انتهاكات حقوق الإنسان في القارة الأمريكية، وسجل من القمع ضد سكانها الأصليين وأولئك المنحدرين من أصل إفريقي والمهاجرين.

إن فنزويلا لن تستسلم بشكل حاسم وحازم لأي نوع من أنواع الابتزاز. وستواصل مؤسساتها الامتثال للقوانين والدستور الوطني، وفقًا لتفويض الشعب الفنزويلي، كما أنها ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة لمواصلة مسار النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية الذي قامت به بجهودها الخاصة، في ظل الأعمال العدائية الاقتصادية الممارَسة ضد مواطنيها.

وفيما يتعلق بالرسالة الرئاسية، من المهم الإشارة إلى أن الرئيس نيكولاس مادورو أكد أن التعبئة الشعبية هي عنصر أساسي في التطور التاريخي لهذه السنوات الثلاثين في فنزويلا، منذ صحوة ذلك التمرد في 27 فبراير 1989، ذلك التمرد المناهض للإمبريالية وحكم الأقلية منذ 4 فبراير 1992، إلى يومنا هذا؛ حيث كنا دائمًا في تعبئة مستمرة نابعة من الضمير والقوة والقيم والأخلاق والروحانية.

استهل الرئيس مادورو وثيقة "الذكرى والحساب" بالتفكير في النموذج التشاركي والرائد، المنصوص عليه في دستور جمهورية فنزويلا البوليفارية؛ والمستمد من العملية التي بدأت في عام 1999 ممتدًا إلى جميع أنحاء الوطن، لإعادة ابتكار وصياغة المفهوم الحقيقي للديمقراطية كمبدأ أخلاقي وممارسة سياسية وشعبية، وكمفهوم قانوني لا يمكن فصله عن الحقوق الفردية والاجتماعية والمساواة في الظروف والفرص للجميع واحترام التنوع الثقافي والعرقي والحزبي في عالم كان وما زال يعاني من ضعف الديمقراطية الحقيقية أمام نموذج اللليبرالية الحديثة العدواني والإقصائي والديكتاتوري والمدمر للحياة على الكوكب.

ووفقًا للرئيس مادورو، فإن نموذجنا للديمقراطية التشاركية المباشرة والقيادية لم ينجح فحسب، كما رأينا وكما ثبت في كل هدف من أهدافنا التي حققناها، بل إنه حاليًا يزداد أهمية في العالم لتجنب الكوارث الاجتماعية.

وكمثال على الظروف المعاكسة، أشار الرئيس مادورو إلى أن فنزويلا توقفت عن إنتاج ما يعادل 323 مليار دولار، أي إجمالي خسائر الاقتصاد الوطني في القطاعين العام والخاص؛ أما الناتج المحلي الإجمالي، فقد انخفض بين عامي 2015 و2022 بقيمة تقدر ب 642 مليار دولار. إن هذا يعد إبادة جماعية، ومجزرة اقتصادية؛ وإن أولئك الذين نادوا من أجل فرض عقوبات على فنزويلا هم المذنبون، أولئك الذين طلبوا بل وطالبوا بذلك لمذنبون ومتواطئون في هذه الإبادة الجماعية وهذه المذبحة الاقتصادية التي تعاني منها فنزويلا منذ عام 2015 إلى يومنا هذا.

وعلى الرغم من الإنجازات، ففي عام 2023، ظلت هذه العقوبات سارية، مما أضر وقيّد أداء الاقتصاد والمالية العامة والتجارة الخارجية، فضلًا عن قدرة الفنزويليين على الحركة بحرية حتى الآن.

و استمرت بالفعل، في عام 2023، العقوبات المفروضة على شراء الأدوية من السوق الدولية، وكذلك على المدخلات والمعدات اللازمة لتقديم الخدمات العامة؛ ومع ذلك، أكد الرئيس مادورو أنه يتعين علينا مواصلة توفير جميع الأدوية وجميع الإمدادات وجميع قطع الغيار وجميع المعدات اللازمة لعمل النظام الصحي ولتشغيل الخدمات العامة، وهو ما يضاعف السعر الذي تدفعه أي شركة أو دولة لتلك المدخلات ثلاثة أو أربعة أضعاف. 

ومع ذلك، فإن التهديد والعدوان والمخطط الإمبريالي لم ولن ينجح أبدًا مع بلدنا فنزويلا، وقد تمكنت دبلوماسيتنا الدؤوبة من جعل الولايات المتحدة تفهم أن العقوبات تؤثر أيضًا على الاقتصاد العالمي، وعلى وجه الخصوص اقتصاد أمريكا الشمالية، وبذلك نكون قد حققنا محادثات ومفاوضات أخذت خطوات أولى في الاتجاه الصحيح لرفع بعض الانتهاكات، ولكن هدفنا الأساسي كان ولا يزال واحدًا، وسنحقق الرفع الكامل لجميع العقوبات ضد جمهورية فنزويلا البوليفارية، لأننا لسنا مستعمرة تكتفي بالتراخيص الجزئية.

وفي حقيقة الأمر، فقد حقق شعبنا، مع الثورة البوليفارية، نموًا يفوق بكثير الغالبية العظمى من شعوب أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي والجنوب، ولهذا السبب شنوا تلك الهجمات لوقف نموذجنا للإضرار به ولوقف نمونا؛ إذ إن القوى المهيمنة لن تسمح لدولة في أمريكا اللاتينية، دولة اشتراكية ومعادية للإمبريالية، بإثبات إمكانية بناء نموذج بديل للرأسمالية المتوحشة والمتبعة لمنهج الليبرالية الحديثة وجميع أشكال الاضطهاد المستمدة من النموذج الرأسمالي الهمجي.

وقد كان عام 2023 بمثابة المفصلة في فنزويلا، لأنه وحّد فترتين؛ وحّد فترة الجهود الهائلة والنتائج الأولى لخطة الإنعاش الاقتصادي التي تم تنفيذها في خضم هجوم عام 2018، مع المرحلة الجديدة من القوة والتحول الاقتصادي والسياسي في البلاد. لقد كانت فترة رافقتنا فيها خبرة واعتدال جميع الأطراف الفاعلة في الحياة الوطنية، وقد سمح لنا هذا الاستقرار والتنسيق الذي حققناه في عام 2023 بإنهاء تلك الفترة العصيبة وتصحيح العمليات واستئنافها دون إيقاف المسيرة.

وعند تقديم ملخص للإنجازات النوعية والكمية، أوضح الرئيس مادورو أنها ليست محض صدفة، بل هي نتيجة ملموسة لخطة استراتيجية ورؤية فريق وشعب متحد سمح لنا، منذ عام، بتحديد مسار العمل، أي في عام 2023. 

ومن بين خطوط العمل التي تم تطويرها خلال عام 2023، يبرز كأولوية الاستقلال الشامل وإنهاء الاستعمار في فنزويلا؛ ومن المؤكد أن التقدم في مجال الاستقلال العلمي والتكنولوجي والثقافي والإقليمي يكمله هدف قوي انبثق من دفاعنا عن إقليم جوايانا إسيكيبا. 

ومن خطوط العمل الأخرى ذات الأولوية هي تعزيز الرؤية الجيوسياسية للوطن الكبير وكسر العزلة الدولية التي فرضتها الإمبريالية على فنزويلا، وعلى الرغم من أنهم لم يتمكنوا من عزلنا تمامًا، إلا أنهم تسببوا في الكثير من الضرر من خلال تشويه صورة بلادنا. وفي عام 2023 شاركنا وقدمنا مساهماتنا القوية لتعزيز مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (CELAC)؛ وأيضًا، التحالف البوليفاري لشعوب أمريكتنا (ALBA)، ونحن نساهم في الجهود المبذولة لاستئناف اتحاد أمم أمريكا الجنوبية (UNASUR).

لقد تمكنت فنزويلا هذا العام من الحصول على موافقة كشريك لمجموعة البريكس في قمة جنوب إفريقيا. وفي عام 2024، تمت دعوتنا لحضور قمة البريكس في روسيا، ولدينا الطموح الحقيقي بأن تنضم فنزويلا في عام 2024 إلى البريكس بشكل كامل.

وكما يتبين من الدعم المستمر والمتتابع والدائم منكم جميعًا، فإن فنزويلا ليست وحدها، ولم تكن وحدها قط. ففي الأوقات الصعبة والمعقدة اعتمدنا على الشعوب الشقيقة. ولذلك فإن كل هذه اللقاءات والقمم والاجتماعات والاتفاقيات على المستوى الدولي تظهر أننا نسير على الطريق الصحيح، طريق الدعوة إلى علاقات تقوم على التضامن والاحترام والاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها، طريق يقودنا إلى ترسيخ عالم متعدد الأقطاب أكثر عدالة وإنسانية.

وفي نهاية عام 2023، حققنا انتصارًا آخر لدبلوماسية السلام البوليفارية، دبلوماسية ذكية وجريئة وعادلة وذات خبرة، إذ إننا تمكنا في 20 ديسمبر 2023 من إنقاذ مواطننا أليكس صعب موران من الخطف الذي أمضى فيه 1280 يومًا، أي40 شهرًا، مختطفًا ومعذبًا، رغم مكانته كعضو كامل ومفوَض في لجنتنا للحوار الوطني.

كما اعتبر الرئيس مادورو أنه من الضروري الحديث عن السلام العالمي، وعن دبلوماسية السلام البوليفارية العادلة والمستقلة والصحيحة. لدينا صوتنا الخاص في العالم، ولسنا مضطرين إلى الاتصال بواشنطن لإعلان مواقفنا، ولنعبر عن حقائقنا، كلا... مواقفنا هي مواقفنا نحن الفنزويليون؛ فهذا أفضل ما يمكن أن يمتلكه الإنسان؛ تخيلوا إذا ما كان يتعين على الشخص الاتصال بوزارة الخارجية الأمريكية لمعرفة ما إذا كان بإمكانه التعليق على حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.

كيف يمكن أن نبقى صامتين أمام أعظم وأفظع جريمة ترتكب في القرن الحادي والعشرين؟ لا يمكننا أن نصمت، ولن نصمت؛ وستواصل فنزويلا النداء بصوتها لتقول: أوقفوا الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني! أوقفوا إطلاق النار في غزة! لا مزيد من القصف! لا مزيد من جرائم القتل! السلام لفلسطين! الحياة لفلسطين!

وفي هذا الصدد، طالب الرئيس مادورو، من أعماق قلبه، الجمعية الوطنية، باسم الشعوب العربية، الشعوب العربية الشقيقة، الشعوب العربية الحبيبة؛ لقد طلب ذلك نيابة عن الشعب الفلسطيني؛ ونيابة عن إخواننا المسلمين، وعن المسيحيين والكاثوليك واليهود والجميع، وبوجه خاص الجمعية الوطنية وشعب فنزويلا، طالبهم ببذل المزيد من الجهد لإنهاء الإبادة الجماعية ضد شعب فلسطين، ومن أجل ضمان السلام والحق في الحياة لشعب فلسطين.

وأخيرًا، أعرب الرئيس عن أنه لا يمكننا التراجع في عام 2024، بل يجب أن يكون عامًا مفعمًا بروح معركتي خونين وأياكوتشو وبروح معارك التحرير الحاسم تحت رايات البوليفارية، واشتراكية القرن الحادي والعشرين. إن كل هذا ضروري لأن الشعب هو بطل هذه الملحمة.

ومن هذا المنطلق، أطلقنا خطة التحولات السبعة، خطة ال 7T لعام 2030، التي تتسق تمامًا مع مسيرتنا التاريخية، ومع واقعنا الوطني وأحلامنا وتطلعاتنا وحقوقنا. وهي مستمدة من مزيج توافقات الآراء الوطنية الخمسة التي حققناها مع الأهداف الخمسة الكبرى لخطة الوطن، والتي وضعها القائد هوجو تشافيز. إنها لمزيج من الرؤى والجهود والأولويات.

والتحول الكبير الأول: هو التحول الاقتصادي لتحقيق نموذج تصديري إنتاجي جديد.

أما التحول الثاني، فهو الاستقلال الكامل للبلاد في جميع مجالات تطورها.

والتحول الثالث: هو التحول والتعزيز الحاسم لنموذج السلام والسلامة الإقليمية لفنزويلا، من خلال تحسين النموذج الذي تم إنشاؤه لضمان التعايش بين المواطنين، ولضمان العدالة الحقيقية، وللتمتع الكامل بحقوق الإنسان، والحفاظ على السلام الاجتماعي والإقليمي، ولضمان استرداد فنزويلا الكامل لإقليم جوايانا إسيكيبا.

أما التحول الرابع فهو معنيّ بالتحول الاجتماعي، وسيكون هدفه الأساسي هو التجديد الشامل لنموذج الحماية الإنسانية والاشتراكية لشعب فنزويلا، وسيكون تجديدًا شاملًا بتعزيز القيم المسيحية والإنسانية للاشتراكية البوليفارية.

بالنسبة للتحول الخامس، فهو تحول سياسي في الأساس، سياسي بأحرف كبيرة، إذ إننا نعني سياسة الإدماج والشمول، سياسة المشاركة. إنه يتعلق بالسياسة التي يُنظر إليها على أنها خدمة عامة يقوم بها الجميع، حول السياسة التي يُنظر إليها على أنها بطولة المواطنين، وليس حول سياسة القادة والنخب والأحزاب السياسية فحسب.

أما التحول السادس فهو التحول البيئي، وهو تولي مسؤولية الحفاظ على الكوكب، والبدء في إعداد بلادنا لمكافحة أزمة المناخ، وحالة الطوارئ المناخية، مع حماية منطقة الأمازون في فنزويلا وأمريكا الجنوبية وجميع محمياتنا الطبيعية من شراهة الرأسمالية الضارية.

وأخيرًا، التحول السابع في خطة ال 7T هذه، سبع سنوات حتى عام 2030، وهو يتعلق بجعل فنزويلا مزدهرة وعامرة بالرفاهية، إنه التحول الجيوسياسي السابع للانضمام النهائي لفنزويلا وقيادتنا في التكوين الجديد لقوى العالم متعدد المراكز ومتعدد الأقطاب، وسنقوم بهذا عن طريق الحفاظ على دبلوماسيتنا البوليفارية للسلام وتطويرها؛ ونحن نضع نصب أعيننا استمرار مساهمة القيادة الفنزويلية في إعادة بناء تكامل أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي من خلال تعزيز مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (CELAC)، واستئناف اتحاد دول أمريكا الجنوبية (UNASUR)، وتطوير التحالف البوليفاري لشعوب أمريكتنا (ALBA)، وتعزيز مجموعة البريكس، والانضمام النهائي لفنزويلا في مجموعة البريكس للمضي قدمًا في الخطوط الإستراتيجية كي ندرج أنفسنا ضمن العالم الناشئ وبلدانه، هذا العالم الجديد الذي ولد، إذ إن فنزويلا تنتمي إلى العالم الجديد وسنستمر في بذل الجهود كي نصبح في المقدمة بخطتنا، خطة ال 7T لعام 2030.

إنها سبعة تحولات ضرورية وملائمة وممكنة، وسبعة أهداف عظيمة للسنوات السبعة المقبلة حتى عام 2030، وهو العام الذي يُبعث فيه بوليفار ويولد من جديد إلى الأبد من أجل أمريكتنا، من أجل قوة فنزويلا كما حلم بها والد الأمة، والدنا، فنزويلا المنعمة بالرخاء والرفاهية والاستقرار والسلام الذي نستحقه نحن، أبناؤها وبناتها وأجيالها القادمة الواعدة والمستمرة للأبد.

أيها الرفاق الأعزاء، نحن في فنزويلا نمر بمرحلة من الولادة الجديدة والهجوم الثوري. إننا ديمقراطية راسخة ومعززة، ولا ينبغي لنا أن نكون في موقف دفاعي.

وبتحليل خطة ال 7T، يمكننا أن نرى أن التحول السابع يتعلق بنا، ويرتبط بشكل مباشر بالجغرافيا السياسية الوطنية، ولهذا؛ فإننا نعقد سلسلة من الاجتماعات من أجل خطة الحكومة الجديدة 2024 - 2030.

وفي هذا الصدد، فإننا نقدر المساهمات القيمة المقدمة من قبلكم فيما يتعلق بالتحولات السبعة، لا سيما في تعزيز التحول السابع، أي أننا نود أن نسألكم عن التوصيات التي يمكنكم تقديمها لنحقق الانضمام النهائي لفنزويلا وقيادتنا في التشكيل الجديد للعالم متعدد المراكز ومتعدد الأقطاب، إذ إننا نهدف إلى إرسال تلك الآراء إلى فنزويلا كجزء من المشاورات الكبيرة على المستويين الوطني والدولي التي نقوم بها من أجل الحصول على مساهماتكم القيمة.