مع ارتفاع أسعار الذهب 2024.. اكتم عن الناس "ذهبك وذهابك ومذهبك"

منوعات

بوابة الفجر

في التراث الديني والعربي، ستجد كلمات تـحُـثُّـكَ على الرشادة في الإنفاق والتفكير، لا سيما وقد أصبحنا في زمان تغلو فيه البضائع، ويواجه العالم الأزمات والمشكلات الاقتصادية، لا سِيَّما وقد أصبحت قيمة المعدَنِ الأصفر تزدادُ وتتأرجحُ في خِضَمِّ أعلى التسعيرات والأرقام العالمية. فمن داخل التراث تقرأ كلمة للإمام بن الجوزي - رحمه الله - تقول “اكتم عن الناس ثلاث:  ذهبك وذهابك ومذهبك؛ لترى أنَّ للرجل فلسفة تُعين المرء على اتخاذ خطوات متأنِّية.

كيف استطاع ابن الجوزي أن يكون واعظ عصره؟
صورة تخيلية للإمام بن الجوزي - من جوجل

في تفسير ذهبك، نجد أن كل نعمة تأتي من الله تعالى هي عبارة عن هبة قيمة لا تُحصى، يمنحها الله عزَّ وجلّ، حيث تتباين هذه الارزاق والمنح والعطايا من شخص لآخر، فيتفاوت التقدير وتختلف حِسبَة كلٍّ منَّا. فبجانب الرزق الخفي والروحي الذي لا يُرى بالعين المجردة، الذي يملأ القلوب رضا وقناعة، تأتي الثروة المادِّة جزء لا ينفصل عن واقعٍ مُجتمعي تقوم فلسفتِه على تأمين وأمان اقتصاديِّ للفرد لا ينفصلُ عن مبادئه الفطرية السليمة. 

بناءًا على ذلك يجب على المرء أن يحافظ على موارده التي لديه، فلا يُسرف، بل يلجأ إلى كل طريق ترشيدي، يدعم اقتصاد الفرد في المال والممتلكات، لا سيَّما ما خف حمله وغلا ثمنه "الذهب".

عندما نتحدث عن "ذهابك"، فإننا نشير إلى كل ما تنوي فعله في حياتك وكل خطوة تقوم بها، بغض النظر عن طبيعتها. تعكس مواقف الحياة هذا المفهوم بوضوح، حيث يمكن أن تواجه معارضة من بعض الأشخاص الذين يحاولون إفساد خططك أو إحباطها. بينما يمكن أن يتبنى البعض الآخر الكيد أو الشماتة بفشلك. ومن هذا أيضًا درس مستفاد فذهابك وما تنوي فعله والتصرُّف فيه من سفريات أو رحلات معينة، إن لم يَنْبَنْ على الرشادة والترشيد، لربما كان ضياعًا لكلِّ مُممتلك، فيصير هباءًا منثورًا، وربما حسرات وقت الغلاء على ما أُنفِقَ دون حساب في أوقات الرخاء. 

أما عن "مذهبك"، فهي ليست ببعيدة عمَّا سبق، فالكلمة تشير نحو رغباتك واتجاهاتك، فإلى أي فئة أن تنتمي،  إلى فئة المسرفين الذين يضيِّعُن كلَّ مَوْرِدٍ على ما لا فائدة منه أو ما يحقق متعة لحظية، ام كنتَ من المدبِّرين والساعين نحو استثمار جيد  ذي قيمة. فتكتُم أفكارك ونصائحك سوى عمَّن يطلبها منك، ولا تتحدث كثيرًا فتُفسِد خططك وما تنوي السير عليه كاستراتيجية لمستقبلك الخاص. 

إنَّ العالم مع ارتفاع أسعار النقد والسلع، لا سيَّما الذهب، يتطوَّر في طريقة التفكير والإدارة، وعليه لابُدَّ وأن تتطور أفكار الأفراد في أُمُورٍ لا تنفصل - أيضًا - عن طريقة الإدارة الشخصية للأموال والممتلكات - عظُمَ أو ندُرَ شأنها - حوزته الشخصية، فكما هي جزء من حياته، هي جزء من بناء مجتمعيٍّ كاملٍ مرغُوب، يَسْعَى نحو الكِفَايَة وتحقِيق الكفالة المعيشية للإنسان.

ختامًا، قد لا تجدُ نفسك سوى فكرة تسير على الأرض تحْمِلُ فِي طيَّتات حافظة في الجيب واتجاه في الوجدان، هذه الفكرة تحمل الذهب والذهاب والمذهب.. فإلى أيِّها تسعى؟!