احمد شوبير يكتب : قصة الثلاثى الرهيب حول بيليه

مقالات الرأي



لم يكن لقائى بـ«بيليه» عاديًا على الإطلاق فهو أحسن لاعب فى القرن وهو الأشهر على مر التاريخ كما أنه مازال النجم الأول حتى الآن فى جيله رغم اعتزاله منذ حوالى 35 عامًا لذلك كانت سعادتى كبيرة عندما وقع عليّ الاختيار لأكون فى استقباله فى مطار القاهرة وإجراء أول حوار معه عبر شاشات الفضائيات أيضًا كان لى الحظ أن أجرى معه آخر حوار قبل سفره إلى البرازيل بعد زيارة لمصر امتدت ثلاثة أيام.. الحوار مع بيليه نفسه لم يكن صعبًا على الإطلاق فهو شخص فى غاية التواضع والاحترام يعشق الناس، يقبل الجميع لا يرد رغبة لأحد خصوصًا فى أخذ الصور التذكارية بل العكس هو الصحيح لأنه يشعر بأنه مازال نجمًا فوق العادة كان فى حالة انبهار بالشعب المصرى وخصوصًا الأطفال الذين تسابقوا لالتقاط الصور معه، وقال لى تخيل أنك بعد اعتزالك بأكثر من ثلاثين عامًا مازال الأطفال يعرفونك ماذا يعنى لك هذا ثم أجاب طبعًا يعنى أن ما قدمته لكرة القدم مازال عالقًا بأذهانهم وأن أسرهم عرفوهم من هو بيليه لذلك فإن أكثر ما يسعدنى هو اختفاء الأطفال بي، وهذا فضل من الله أشكره جدًا عليه سألته عن أهدافه وأغلاها وبطولاته وأهمها فقال لى إن أهداف أول كأس عالم تعنى له الكثير خصوصًا هدف الفوز فى الاتحاد السوفيتى لأنه كان مصابًا فى أول مباراتين ومع اشتراكه أمام الروس لم يصدق نفسه وهو يحرز هدف الفوز ولكنه عبر سريعًا إلى كأس العالم بالمكسيك عام 70 ليؤكد أنها البطولة الأهم فى حياته لأنه كان على أبوابًا لاعتزال الدولى وكل أمله أن يحرز البطولة مع البرازيل لذلك طار فرحًا مع كل هدف سجله ولم يصدق نفسه والبرازيل تحمل كأس البطولة سألته عن السبب فى رغبته الاعتزال عقب كأس العالم 66 بإنجلترا قال شعرت بالغضب الشديد والحزن أيضًا أولاً بسبب الإصابة ثانيًا لأن التحكيم حرمنا من التتويج باللقب ولكن بعد فترة قررت أن أعود لأشارك فى مباريات المنتخب فى محاولة للفوز بالكأس فى البطولة التالية فى المكسيك، وبالفعل نجحت فى ذلك وأنا فخور بشدة أننى حققت ثلاثة ألقاب لكأس العالم وهو رقم من الصعب تكراره سألته عن نيمار وهل يكون خليفة بيليه قال وهو يضحك لن يكون هناك بيليه جديد لأن أمى وأبى ماتا ولكن عاد فقال أن نيمار موهبة كبيرة وأنه سعيد باحترافه فى برشلونة بالتحديد لأنه سيجد معاونة من النجوم هناك وأنه قادر على صنع تاريخ جيد لنفسه وللبرازيل.. بيليه لا يخفى إعجابه الشديد بكريستيانو رونالدو ويعتبره أفضل لاعب فى العالم بجدارة مع احترمه الشديد لميسى إلا أنه يرى أن رونالدو عبارة عن فريق بمفرده مهاجم من الطراز الرفيع من الممكن أن تبنى تكتيك الفريق بالكامل عليه لذلك فهو عنوان فريق البرتغال والأمر نفسه مع ريال مدريد وإنجازاته واضحة جدًا لذلك كانى يعلم أنه سيتوج بلقب الأفضل فى العالم هذا العام، سألت بيليه عن دموعه التى أبكت العالم كله وهو يتسلم الكرة الذهبية من بلاتر قال لأنها كانت مفاجأة لى فأنا ذهبت إلى الاحتفال كى أقدم الجائزة لرونالدو ففوجئت بأننى أنا الآخر أحصل عليها وشعرت بتفاعل الحضور معى وسعادتهم الكبيرة لى لذلك كان انفعالى وتأثرى الشديد، بيليه أيضًا يقول تصور أنك بعد أن تخطيت السبعين تحصل على جائزة أفضل لاعب فى العالم كيف تكون مشاعرك كان طبيعيًا أن أبكى وأنا فى عز فرحتي.. سألت بيليه عن مارادونا ولماذا دائمًا تشعر بتوتر العلاقة بينهما.. كان صريحًا جدًا عندما أكد أن هناك توترًا ولكنه لم يصنعه بل صنعه الإعلام من وجهة نظره لا توجد مشكلة ولكن مارادونا لديه الكثير من المشاكل وعليه ألا يستمع للإعلام خصوصًا أنه -أى بيليه- يرى أن مارادونا موهبة رائعة كما ذكرنى بيليه أنه اشترك كضيف فى برنامج يقدمه مارادونا وهذا أكبر دليل على احترامه لمارادونا وزاد بيليه بقوله أنه لا يحزن من بعض العبارات التى تصدر من مارادونا على الإطلاق لاعتبارات كثيرة أهمها أنه مؤمن جدًا بموهبته ولكن مؤمن أيضًا بأن بيليه لا يقارن بأحد!!

سألت بيليه عمن يتوقع أن يفوز بكأس العالم قال بالطبع أتمنى البرازيل، ولكن هناك منتخبات قوية جدًا مثل الأرجنتين وإسبانيا وفرنسا وألمانيا لذلك ستكون المنافسة صعبة للغاية على هذه الكأس بيليه لا يتوقع نجاحًا للمنتخبات الأفريقية فى البرازيل لأنها على حد قوله فى مرحلة النهاية لذلك لن يفجروا مفاجآت كبيرة وإن كان من الممكن أن يصعد منتخب أو أكثر للدور الثانى خصوصًا غانا ونجيريا والحقيقة أننى وجدت بيليه لا يعرف الكثير عن الكرة العربية ولا عن نجومها فعندما سألته عن رأيه فى انتقال محمد صلاح لتشلسى الإنجليزى وجدته لا يعرف محمد صلاح من الأصل وإن كان قد جاملنى ببعض الكلمات الرقيقة عن مصر ومستقبل لاعبيها الشباب، بيليه أيضًا سعيد جدًا بأنه السبب الرئيسى فى دخول كرة القدم إلى أمريكا ويعتبر أن ما قدمه للكرة الأمريكية يعد إنجازًا كبيرًا وهو فخور بأن المنتخب الأمريكى تطور إلى هذه الدرجة ولسان حاله يقول أنا صاحب الفضل على الولايات المتحدة ولولا بيليه لما دخلت كرة القدم إلى أمريكا.. سألت بيليه عن أفضل مدافع لعب ضده الإجابة كانت دون تردد بيكنباور فهو يراه نموذجًا رائعًا للمدافع ويعتز بصداقته ويرى أنه من الصعب تكراره بيليه أيضًا يكن تقديرًا خاصًا لزين الدين زيدان ويرى أنه اعتزل مبكرًا ورغم أنه يحترم قراره إلا أنه يرى أنه كان أمامه عامان على الأقل من التألق فى الملاعب، بيليه ليس له أى طموح فى تولى مناصب إدارية فى الاتحاد الدولى أو البرازيلى أو أى مكان فى العالم فهو يعتبر نفسه سفيرًا للكرة حول العالم وهو أكبر منصب يمكن أن يناله كما أنه وعلى حد قوله ليس مهتمًا بجمع المال لأنه لو أراد ذلك لاحترف فى أوروبا منذ زمن خصوصا أنه تلقى أكثر من عرض من فرق أوروبية كبيرة ولكنه فضل البقاء فى المكان الذى يعشقه وهو سانتوس وفى البلد الذى يحبه البرازيل أيضًا تشعر وأنت جالس معه أنك تجلس مع مواطن مصرى ابن بلد جدع متواضع للغاية رغم الحصار العنيف من الثلاثى الرهيب الذى يصاحبه فى كل مكان أولهم طويل عريض أسود البشرة غانى الأصل كان سعيدًا للغاية بفوز غانا على مصر ورغم أنه ودود ولطيف إلا أنه صارم جدًا خصوصًا فى التوقيتات والمواعيد الإعلامية أيضًا هناك شابة جميلة من شرق آسيا تعتبر هى كل شيء لبيليه مسئولة عن أدق التفاصيل لابد وأن تطلع على الأسئلة وترفض بعضها ترفض تمامًا الحديث معه فى السياسة تقف ومعها الساعة لتذكرك كل خمس دقائق بالوقت المتبقى لك لا عاطفة لها ولكن بيليه يحبها ويثق فيها مثل ابنته أخيرًا شاب لطيف جدًا من أوكرانيا هو الأسهل فى التعامل معه لأنه أوروبى والطريف أنه اشتكى بشدة من قناة الجزيرة لأنها على حد قوله تزيف الحقائق حول ما يجرى فى بلده من مظاهرات ويؤكد أنها مظاهرات محدودة جدًا إلا أن وسائل الإعلام الغربية تبالغ بشدة فيما يحدث فى أوكرانيا.. أخيرًا وهذه حقيقة أبلغنى بيليه بأن اشكر الشعب المصرى كله لأنه جاء إلى مصر وهو يعرف عددًا قليلاً جدًا من الأصدقاء ولكنه سيسافر ومعه أكبر عدد من الأصدقاء وقال إنكم شعب طيب وجميل وعاطفى وأنه سعيد جدًا لأنه استمتع بالزيارة لعدة أيام عكس الزيارتين السابقتين حيث لم تستغرقا سوى يوم واحد طلب منى إرسال قبلاته لكل الشعب المصري، وأكد أن مصر بلد عظيم جدًا وأن أحدًا لن يستطيع أن يهزمها قالها بالحرف لا أحد يستطيع أن يهزم المصريين.. فهل يعرف المصريون معنى ومغزى هذه الكلمات التى اختتم بها بيليه زيارته لمصر.. أتمنى ذلك.