سيمنز تضع خطة للتحول إلى المترو والترام الذاتي الحركة

عربي ودولي


إيلاف- تهدد نقابة سائقي القطارات في ألمانيا منذ أيام بتنفيذ اضراب عام تأكيداً لمطالب رفع الأجور وزيادة مخصصات الساعات الاضافية. ويبدو أن الكشف عن خطة التحول إلى شبكة القطارات بلا سائقين، فضلاً عن منحاها الإلكتروني المستقبلي، يأتي رداً من أرباب العمل على هذه التهديدات. كشف عملاق الصناعة الإلكترونية والمحركات الألماني سيمنز عن خطة شاملة وتدريجية للتحول في ألمانيا من القطارات التي يقودها البشر إلى القطارات التي تحركها الكومبيوترات وأنظمة التحكم عن بعد. ويمكن للنظام أن يشمل قطارات نقل المسافرين كما هي الحال مع قطارات نقل البضائع. واقع الحال أن السائق الالكتروني حل محل السائق البشري على العديد من خطوط المترو في ألمانيا، وبطريقة تهدد بإضافة آلاف سائقي السكك إلى جيش البطالة في ألمانيا، إلا أن سيمنز تقول إن مشروع شبكة القطارات الآلية الحركة على جميع خطوط السكك في ألمانيا أصبح قابلاً للتحقيق في المستقبل القريب. وربما لا يقف عائقاً الآن أمام المشروع غير كلفة التحول من الشبكة البشرية القديمة إلى الشبكة الإلكترونية الحديثة. وكشفت سيمنز شيئاً من خططها للسكك الحديدية في تقرير عممته على الصحافة الألمانية، وتفترض التحول مستقبلاً إلى قطارات تسير بلا سائق، محطات تحت الأرض لا تزيد المسافة بينها عن 100 متر، وقطارات تتردد على المحطات كل 80 ثانية. ويقول خبراء الشركة إن زيادة عدد المحطات تسمح بتسيير قطارات أكثر بنسبة 50% مما تسمح به شبكات المترو التقليدية، وهذا كفيل بحل أزمة النقل والازدحام على الشوارع. ويمكن للأتمتة الكاملة لشبكة المترو والترام أن تجعل حركة القطارات دقيقة في مواعيدها، وأن تقلل إلى حد بعيد الضرر البيئي، وأن تقلل الكلفة. معروف أن السكك الحديدية الألمانية أكثر قطاعات الاقتصاد الألماني تحقيقاً للخسائر، وذلك رغم الارتفاع السنوي في الاسعار. ولا يأتي الاقتصاد بالكلفة نتيجة لتسريح العمال فحسب، لأن خبراء سيمنز قدروا انخفاض استهلاك الكهرباء في شبكات المترو والترام بنسبة 20% عما هي عليه الآن. ويستطيع النظام الإلكتروني الذي تعمل سيمنز عليه أن ينظم حركة وسرعة وتوقفات القطارات بدقة، وهو ما يقلل أيضاً احتمالات الحوادث، ويقلل أيضاً احتمالات العطب الذي يتسبب به البشر(السائقون). تجارب ناجحة في باريس وبكين وعمل المهندسون في سيمنز على تطوير تقنية وخطط خطوط المترو، التي تسير بلا سائق، التي سبق وأن استخدمت في العديد من مدن العالم المزدحمة. منها خط باريس بين شاتو وفينسن ولاديفينس الذي يبلغ طوله 17 كم ويتردد عليه 700 ألف راكب يومياً. وأطلقت سيمنز هناك أول قطار بلا سائق عام 2011 ثم تم تزويد كافة قطارات الخط، بعد سنة، بقطارات يشغلها الكومبيوتر. واعتبرت الشركة هذا النجاح انجازاً عالميًا في حينها. وكان الخط الواصل بين ساوباولو وبرشلونه، وأحد خطوط المترو في العاصمة المجرية بودابست، وفي العاصمة الصينية بكين، من تصميم سيمنز، وكلها خطوط تسير قطارات الانفاق دون سائقين. وبنت سيمنز أول هذه الخطوط في ألمانيا في نورمبيرغ في بافاريا عام 2008، وما زالت القطارات هناك تسير بلا سائقين منذ 5 سنوات على خط المترو رقم 3 دون مشكلة، وهو ما يشجع الآن على مد التجربة لتشمل مدينة كاملة قبل تطبيقها عل مستوى اتحادي. التمويل هو العائق الوحيد الآن وذكر البروفيسور ماركوس هيشت، المتخصص بتصميم شبكات المترو من برلين، أن العائق الوحيد امام الانتقال إلى الأتمتة الكاملة لشبكات المترو في ألمانيا هو التمويل. واعتبر هيشت شبكات المترو الألمانية القديمة عائقاً أساسياً ينبغي التغلب عليه، لأن السكك الحديدية لم توظف الكثير من المال في مجال الابتكار والتطوير كما فعلت شركات انتاج السيارات. قطعت السيارة شوطاً كبيراً على صعيد الأتمتة الكاملة، في حين تلكأت القطارات خلفها. فسيارة اليوم الحديثة مزودة ببرامج لرصف السيارة اوتوماتيكياً، أنظمة السلامة الأوتوماتيكية وأنظمة الفرملة الآلية...إلخ، في حين لم تشهد سوى بعض القطارات الحديثة مثل هذه المراحل المتدرجة(حسب تعبير هيشت) وصولاً إلى الأتمتة الكاملة. وقال هيشت إن التحول إلى شبكات القطارات العاملة بالكومبيوتر يتطلب أيضاً التغلب على العامل النفسي من الموضوع. فالسيارة تجاوزت هذا الحاجز بسبب الأتمتة المتدرجة والاستخدام اليومي من قبل سائق السيارة نفسه، في حين يجد الإنسان صعوبة في تقبل حالة صعود قطار بلا سائق. وربما تعزز بعض مشاهد الأفلام الهوليوودية الخوف من هذه القطارات عند المواطن، لكن نظرة إلى تجربة استراليا في أتمتة حركة القطارات، تكفي للتخلص من هذا الخوف. إذ نجحت شركة ريو تنتو الاسترالية هناك بتسيير بعض قطارات نقل البضائع بلا سائقين على خط من السكك يبلغ طوله 1700 كم، وستنتقل إلى مرحلة تسيير كافة القطارات على هذا الخط اوتوماتيكياً خلال سنة، ومع ذلك لم تصادف الشركة أي سيناريو رعب هوليوودي. الكومبيوتر أقل عرضة للخطأ من السائق يشعر الناس باطمئنان أكبر وهم يشاهدون السائق جالساً في قمرة القاطرة التي تسحب القطار، في حين أن عمل السائق، منذ سنوات، هو مراقبة عمل الأنظمة الالكترونية ومراقبة خطوط السكك فقط. وتتقلص إمكانية السائق على المناورة وتجنب الحوادث والفرملة إلى الصفر تقريباً حينما يسير القطار بسرعة تزيد عن 250 كم/ساعة، لأن الأنظمة الإلكترونية تتولى ذلك. وتثبت احصائية دائرة السكك الألمانية أن الكومبيوتر أقل عرضة للخطأ من السائق البشري، وكانت أسباب معظم حوادث السير، في مجال السكك، هي أسباب بشرية ناجمة عن أخطاء السائقين. وبدلاً من عيني السائق المتعبتين، الذي قد ينام للحظات وهو يقود القطار، يستخدم الكومبيوتر كاميرات الفيديو، والمجسات، وأنظمة الاستشعار المختلفة، والكاميرات العاملة بالليزر، وأنظمة تحديد المواقع بالتعاون مع الأقمار الصناعية، في تأمين سلامة الطرق. وإذا كان البعض يشيرون إلى احتمال العطب الإلكتروني، فإن السائق معرض أيضاً للعطب بفعل الجلطات القلبية والنوبات المرضية المختلفة، والتعب والإرهاق. لا مجال للتخلي عن العامل البشري في البدابة وتبدو مديرية السكك الحديدية الألمانية مقتنعة بان عليها عدم تجاهل التكنولوجيا الحديثة، وأن أنظمة سيمنز يمكن أن تكون البديل للسائق البشري، ولكن تطبيق مثل هذه الأنظمة سيتطلب مرحلة أولى يجري فيها، كما في السيارات، دعم السائق بأنظمة مختلفة وجعله يشرف عليها. كما أن على الأنظمة الإلكترونية أن تكون بمستوى تطور سرعة سير القطارات التي ما انفكت تتزايد. وعمومًا، يتطلب الانتقال الكامل إلى أنظمة السكك بلا سائقين، خطة شاملة لتغيير السكك ومحطات القطار والقطارات نفسها، وهذه كلفة عظيمة لايمكن تحملها إلا على مراحل. تجريب أول باخرة نقل بلا طاقم في ميناء هامبورغ الألماني، تجرب شركةDNV GL المتخصصة بتقنيات البواخر أول باخرة مصغرة تسير بلا طاقم، ويجري التحكم بها عن بعد. ويفترض أن تكون هذه الباخرة جزءاً من اسطول بحري يضم مئات البواخر المماثلة التي تتخصص بالنقل القصير المدى والابحار قرب الشواطئ. ويحمل المشروع اسم ريفولت ، وكان حجم النموذج الآلي الذي تم تجريبه منها، يعدل 1:20 من حجم الباخرة الأصلية التي يبلغ طولها 60 متراً ويبلغ عرضها 14,5 متراً. تسير بطاقة الكهرباء ولها بطارية بقدرة 3000 كيلوواط ساعة، وهو ما يكفيها لقطع 185 كم في البحر. هنا لا مجال لمقارنة الملاح لإلكتروني بنظيره البشري، لأن الإحصائية العالمية تشير إلى ان القباطنة البشر مسؤولون عن 85% من حوادث النقل البحري. ويمكن لباخرة ريفولت، بحسب تقرير الشركة، أن تقتصد بنحو 34 مليون دولار للشركة التي تستخدمها خلال 30 سنة.