صحيفة بريطانية: تنظيم كأس العالم لن يمحُ عن قطر صورتها السيئة

عربي ودولي

كأس العالم - أرشيفية
كأس العالم - أرشيفية


قالت صحيفة"إندبندنت" البريطانية إنه في مثل هذا الأسبوع بعد أربع سنوات، ستقام أول مباراة نهائية لكأس العالم في ديسمبر، و للمرة الأولى في التاريخ، سيقام أكبر حدث كروي في العالم في منطقة الشرق الأوسط.

 

وأوضحت الصحيفة البريطانية أن كأس العالم 2022 أصبح بالفعل الحدث الرياضي الأكثر إثارة للجدل منذ الألعاب الأولمبية في برلين عام 1936 في ألمانيا النازية، حيث حصدت قطر الصغيرة حق استضافة البطولة بعد منافسة مع إنجلترا والولايات المتحدة وأستراليا وأسبانيا والبرتغال وهولندا وبلجيكا وكوريا الجنوبية واليابان.

 

وأشارت الصحيفة إلى اتهام قطر بتقديم رشاوى لمسؤولين بالفيفا للحصول على أصوات بعد الكشف عن مدفوعات مشبوهة تبلغ قيمتها ملايين الدولارات واتهامات بادارة حملة سوداء لتشويه عروض المنافسة.

 

ولم يفت الصحيفة إلقاء الضوء على استغلال العمال المهاجرين، وعملهم في حرارة 50 درجة مئوية، ومصادرة جوازات سفرهم، والعيش في بؤس وتجريدهم من حقوق الإنسان الأساسية.

 

وتشير أحد التقديرات إلى أن 4000 عامل، الذين جاء غالبيتهم من الهند ونيبال على تذكرة في اتجاه واحد مليئة بالأمل الكاذب، قد ماتوا حتى وقتنا هذا. وكما قال رئيس النقابات العمالية النرويجية هانس-كريستيان غابريلسن في الآونة الأخيرة: "إذا كان علينا التزام الصمت لمدة دقيقة لكل وفاة تقديرية لأحد العمال المهاجرين بسبب تشييد كأس العالم في قطر، فإن أول 44 مباراة في البطولة سوف تلعب في صمت".

 

وتقول الصحيفة إنه ربما يكون من المفاجئ أن يكون تشاؤم الإعلام العالمي قد فاجأ بعض أقوى الشخصيات في قطر، الذين فشلوا في توقع دقة التحقيق الذي سيواجه بلدهم، حيث اعتقد بعض منظمي البطولة في البداية أن الاهتمام السلبي كان نتيجة ضرورية لاستضافة كأس العالم، وهو أمر من شأنه أن يساعد على إحداث تغيير ضروري للغاية؛ لكن صورة قطر تضررت بشدة لدرجة أنك تتساءل عما تأمل أن تحققه من استضافة البطولة.

 

وأوضحت الصحيفة أن قطر  أرادت استخدام كأس العالم لزيادة قوتها الناعمة، فبالنسبة لبلد صغير، شاب دون أي دفاع عسكري، فإن القوة المالية هي سلاحه الوحيد. لذا فإن قطر تريد أن تضع نفسها على الخريطة، لإثبات فعاليتها كدولة صغيرة، كما أنهاتريد التغلب على عدم وجودها، وليس هناك طريقة أفضل لتقديم نفسها إلى الجوار الدولي من عقد تجمع كبير ودعوة العالم.

 

واستدركت الصحيفة أن ربما هذا لم يعد الحال، حيث أصبحت استضافة الأحداث الرياضية الضخمة مثل كأس العالم والألعاب الأولمبية غير محبوبة على نحو متزايد في السنوات الأخيرة نظرا لارتفاع الإنفاق المالي وعدم وضوح المنافع الملموسة.

 

وبالإضافة إلى الضغوط المالية غير العادية، هناك ضرر محتمل على وضع البلد عندما تسوء الأمور. لقد أنفقت قطر مبلغًا كبيرًا من المال - من المتوقع أن تصل فاتورتها في كأس العالم إلى 90 مليار جنيه إسترليني - ومع ذلك قد يكون من الصعب سداد ديونها.

 

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور براناجان، الخبير في السياسة العالمية للرياضة والذي أجرى مقابلات مع كبار القطريين الذين ينظمون البرنامج: "ما يمكن أن تفعله الأحداث الكبرى للدول الصغيرة هو إلقاءهم على المسرح العالمي، لكن  توابع الظهور على المسرح العالمي هو ما يتم تسليط الضوء عليه".

 

وأضاف "تميل الحكومات إلى الاعتقاد بأنه إذا كنت تستضيف حدثًا فقط، صورتك الدولية هي المستفيد الوحيد، والأمر ليس كذلك على الإطلاق، حيث تم انتقاد دورة ألعاب الكومنولث لعام 2010 في دلهي  بسبب استخدام الأطفال العاملين، الأمر الذي دمر آمال الهند في استضافة الألعاب الأولمبية.

 

وتابع: "وقبل دورة الألعاب الأولمبية في عام 2008، كان هناك نهج الصين الغاشم في التعامل مع التبت، وقبل كأس العالم بالبرازيل، كان هناك أعمال الشغب، وقبل روسيا، كان التركيز على رهاب المثلية والعنصرية، كانت هناك حتى دعوات للزعماء السياسيين لمقاطعة هذا الحدث".

 

بالنسبة لقطر، فقد أدخلت الدولة قوانين عمل جديدة مع تعهّد كبير بتفكيك نظام الكفالة المثير للجدل الذي يمكّن من استغلال العمال. ولكن تم استجوابها من قبل الآخرين بما فيهم منظمة العفو الدولية.

 

وفي هذا الصدد، عبر الباحث في شؤون الخليج نيكولاس ماكجيان عن قلقه من أن قطر ستتباطأ في تنفيذ هذه الخطط بالكامل، قائلا: "هل تغير أي شيء ماديا؟ لا، كم عدد من يموتون؟ لا يعلنون الأرقام الحقيقة، لذلك لا نعرف. كيف يموتون؟ لا يقومون بإجراء تشريح، لذلك نحن لا نعرف. في الأساس، فإن السؤال هو "هل يمكن للعمال تغيير وظائفهم؟ الجواب لا يزال لا".

 

ويعتقد ماكجيان أن نجاح كأس العالم في قطر سيعني أن قوانين العمل الخاصة بها لا تتغير إلا بشكل سطحي، فالإصلاح الحقيقي لحقوق العمال هو الشيء الوحيد الذي يخشاه النظام القطري، مضيفا: "إن ذلك سيعطل اقتصاداً مبنياً على صناعات النفط والبناء، ويهدد سلطة الأسرة الحاكمة.. إنها دولة معزولة على أساس العرق وحالة العمال، وتفضل الدولة الاستمرار بهذا الوضع".