عضو الجمعية الأمريكية للقانون الدولي: إثيوبيا تتعامل بعشوائية مع ملف سد النهضة ومصر لن تقبل شراء حقها في مياه النيل (حوار)

عربي ودولي

سد النهضة الإثيوبي
سد النهضة الإثيوبي - أرشيفية

لا يزال ملف سد النهضة على صفيح ساخن، فما بين يوم وآخر تقوم إثيوبيا ببعض التصرفات التي تحاول من خلالها جذب الانتباه الدولي وكذلك استفزاز دولتي المصب "مصر والسودان" بكارت السد وحصة كلا الدولتين في مياة نهر النيل.

فعلى مدار الـ 10 سنوات الماضية قامت أديس أبابا بالعديد من الخطوات الفردية في هذا الملف وبشكل خاص عمليات الملء لسد النهضة، ولكن كان اللافت للانتباه هو توقف توربينين عن العمل بداية من شهر سبتمبر الجاري وكذلك غلق إثيوبيا لبوابتي التصريف.

ولمعرفة ما يجري داخل أديس أبابا وما ستؤول إليه الأوضاع والخطوات التي من المتوقع أن تقوم بها دولتي المصب، أجرى موقع "الفجر" حوار مع الدكتور محمد محمود مهران متخصص في النزاعات الدولية والحدودية وخاصة منازعات الأنهار الدولية والمياه بشكل عام وعضو الجمعية الأمريكية للقانون الدولي وكذلك عضو الجمعية الأوروبية للقانون الدولي.

وكان نص الحوار كما يلي:

1- لماذا أغلقت إثيوبيا بوابتي التصريف بالتزامن مع توقف توربينين في سد النهضة كان قد تم تشغيلهما في أغسطس الماضي والتي التقطتها الاقمار الصناعيه؟

"يرجح أن ذلك حدث بسبب وجود خلل فني بالتوربينين، علاوة على وجود الكثير من التشققات والعيوب الفنية الجسيمة بجسم بالسد، والتي قد تؤدي إلى تسريب كميات كبيرة من المياه، وقد يرجع أيضًا ذلك لعدم وجود الكميات الكافية من المياه المخزنه التي تطلبها عملية تشغيل التوربينين، وهذا ما يؤكد عدم وجود دراسات فنية دقيقة وأن الجانب الاثيوبى يتعامل بعشوائية في هذا الملف، وأنه غير قادر علي إدارة وتشغيل السد بمفرده."

2- ما عدد عمليات الملء التي تتوقعها لاكتمال تخزين 74 مليار متر مكعب؟

"يختلف الأمر إذا ما تم عقد اتفاق بين الأطراف المعنية بشأن مواعيد الملء والتشغيل وتحديد سنوات محددة، أو ما إذا استمرت إثيوبيا في اتخاذ قرارات أحادية الجانب، فقد يترتب علي هذه الفرضية الثانية العديد من السيناريوهات التي لا يمكن تدارك اضرارها، فلا يمكن تحديد مدة زمنية محددة في الوقت الراهن، بالإضافة إلى أن إثيوبيا حتى الآن بلغت ثلاثة مراحل، وقد أعلنت عن شروعها البدء في الملء الرابع في الفترة المقبلة، ولكن الواقع أثبت أن الأمر يحتاج المزيد من الوقت لأن إثيوبيا تدعي أن الإنشاءات انتهت بنسبه تصل لأكثر من 80٪ ولكن الحقيقة اثبتت عكس ذلك حيث أن إثيوبيا في المرحلتين الاولي والثانية لم تحقق الكمية المستهدفة من المياه، كما أنها في مرحلة الملء الثالث لم تتوصل أيضا إلا إلى ملء نحو 10 مليار متر مكعب حسب ادعاءها، وهناك تضارب في الكميات المخرنه الآن في كافة المراحل ما بين 18، 22 مليار متر مكعب، فضلًا عن أن أعمال السد الإنشائيه لم تكتمل ومازالت عمليات تعلية جسم السد قيد التنفيذ، بالإضافة إلى أن صور الأقمار الصناعية أظهرت عبور المياه وتدفقها من أعلى الممر الأوسط." 

المستشار محمد محمود مهران 

3- هل أصبح سد النهضة أمرًا واقعا أمام مصر والسودان ويستحيل التدخل العسكري معه الآن؟

"للأسف إثيوبيا استغلت فترة الانفلات الامني وعدم وجود الدولة عقب ثورة يناير، وبدأت في تشييد السد عام 2011، ومصر الآن لا تعترض علي فكرة السد ولا نهضة إثيوبيا إن صحت، ولكن الخلاف يدور حول مواعيد ملء وتشغيل السد، وهو ما يستوجب عقد اتفاق قانوني ملزم لكافة الأطراف المعنية وفقا للقانون الدولي للمياه، يحدد تلك المواعيد بما يتناسب مع مصالح الجميع وفقا للقواعد والمبادئ المعمول بها في القانون الدولي." 

4- ماذا عن السد الركامي أو سد السرج؟

"سد السرج أو ما يعرف بالسد الركامي هو السد المكمل لسد النهضة الرئيسي، وقد تم الانتهاء من تشييده بالفعل، وهو يهدف إلى زيادة سعة بحيرة سد النهضة من 18 مليار متر مكعب إلى 74 مليار متر مكعب، غير أن هذا السد لا يحتوي علي أي توربينات ولكنه يساعد علي تخزين كمية المياه، وبدونه لن تكتمل مراحل ملء السد المقبلة." 

سد النهضة الإثيوبي 

5- هل عملية الملء الثالث لسد النهضة لم تؤثر على مصر؟

"حتي الآن لم تتاثر مصر بمراحل الملء الثلاثة بشكل واضح، إلا أن هذا لا ينفي وجود أضرار من عمليات الملء لأن حجز أي مياة خلف سد النهضة ينتقص من حصة دولتي المصب مصر والسودان، وقد لاحظنا أن الدولة اتخذت كافة التدابيرالاحتياطية لتنمية الموارد المائية والبحث عن وسائل بديلة، وحتى لا يشعر المواطن بأي ضرر، وهناك فضل كبير يرجع للعناية الإلهية التي تحفظ شعب مصر العظيم، كما أن العيوب الفنية للسد خففت من تلك الأضرار في الوقت الحالي نتيجة تأخر الجانب الاثيوبى في مراحل الملء وعدم الوصول للكميات المستهدفة والمخطط لها، لكن الأمر يشير إلى خطر أكيد يهدد أمن مصر المائي والذي يستحق التحرك بشكل عاجل للحفاظ على حقوق مصر المائية المكتسبة". 

6- كيف ترى ما يتردد بشأن سعي إثيوبيا لبيع مياه النيل لمصر؟

"بالتأكيد لن تقبل مصر شراء حقها في مياه النيل، وأي حديث عن بيع المياه لمصر أو السودان يعد هراء، ويمثل مخالفة صريحة للقواعد المتعارف عليها في القانون الدولي للمياه، ويجب أن يعي الكافة أن النيل للجميع، ولكل الدول المشتركة في الحوض أو النهر الدولي حق الانتفاع به ولا يجوز ان تستأثر به دولة دون الاخري". 

7- هل ترى أن السد العالي هو من أنقذ مصر من الوقوع في كارثه كبيرةة بسبب سد النهضة؟

"بالتأكيد للسد العالي دور كبير في هذا الأمر، نظرًا لتخزين السد العالي كميات كبيرة من المياه، وقد يستفاد من ذلك بتعويض أي نقص في المياه من خلال هذا المخزون الاستراتيجي". 

8- ما هى توقعاتك للخطوة القادمة لمصر بشأن سد النهضة وكذلك التصرف التالي من الجانب الاثيوبي؟

"اتوقع استمرار مصر في الحشد الدولي ضد إثيوبيا للضغط عليها وإلزامها بالتفاوض، للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بين الأطراف المعنية بشأن مواعيد ملء وتشغيل السد، ونأمل بإذن الله أن تنفرج هذه الأزمة باستئناف المفاوضات بين الأطراف الثلاثة مصر وإثيوبيا والسودان، في أقرب وقت برعاية الاتحاد الإفريقي، وخاصة في ظل وجود تحركات ودعم دولي للموقف المصري والسوداني، وبالتزامن مع دعوات رئيس الوزراء الإثيوبي الأخيرة بشأن ضرورة التفاوض مع أطراف النزاع، أملين أن تكون هذه الدعوات صادقة وليست كسابقتها".