هالة الشحات تكتب: الكلمة لها تأثير السحر

مقالات الرأي

هالة الشحات
هالة الشحات

كثيرا ما تسمع أذنينا كلمات ولكن قليل ما يكون له تأثير السحر والأثر الجميل فهناك كلمات كفيلة أن تزيد ثقتنا بأنفسنا وبمن تربطنا بهم علاقة مختلفة. 


فلن أنسى تلك الكلمة التي سمعتها من زوج شقيقتي بعد لحظات من كلمات الطبيب بأن أمي قد تركتنا وذهبت لعالم آخر لا يوجد بيينا وبينها أي نوع من أنواع الاتصال الملموس وقتها أوشكت على الانهيار ولكن أوقف ذلك الانهيار صوت خلفي يقول لي "مش هينفع انتي تنهاري .. اجمدي علشان تفوقي لولادك وأخواتك" .. تلك الكلمات التي كانت بمثابة اغتسال من الانهيار وكأن الانهيار أصبح رفاهية لا أمتلكها في ذلك الوقت.

 

كما لا استطيع التغافل عن كلمات في ليلة مسائية وجملة لطيفة في مشهد نهاري مبهج لأبي حينما كان يردد "هالة دي أمي مش بنتي" وكأن الله يشفق على قلبي الذي دائما ما يسعي للبر ما استطاع إليه سبيلا فتلك الكلمة كانت وقود لمحرك العطاء لكل من تربطني بهم علاقة بر وما أكثر مكانتهم في حياتي رغم قلة عددهم  . 


فالكلمات بالنسبة للروح والقلب كالطعام والشراب لا يمكن الاستغناء عنها ولذلك كان ثوابها صدقة تمحوا الذنوب وتزيد النعم. 
كما لا استطيع ان اتحدث عن أثر الكلمة في الحياة دون أن أذكر كلمة من بضع مني وبضع منهم.


ففي مشهد في نهاية يوم دراسي ظهر على وجهي أثار التعب والآرهاق وبدء تفكيري يشكو داخل نفسي لاجد صوت حنون يتحدث وكان صوت يوسف ابني الأكبر والصديق الأقرب يقول لي "ماما انا عارف انك تعبانة بس بكرة لما هكبر هعمل معاكي زي ما بتعملي مع تيته وهيما " جملة تبدو طبيعية فكل منا يزرع في والديه ويحصد في أبنائه ولكن تلك الكلمات اللطيفة كانت بمثابة طاقة القوة التي اتذكرها في كل موقف يسيطر عليت فيه التعب والإرهاق وكأنها دافع بإنه مازال هناك أمل مازال هناك حصاد لتلك الزرعة ها قد بدأت الثمار في الظهور وها قد ربح المزارع.

 

الكلمة كالماء للزرع يجعلها الله تروي نفوسنا وتداوي الجروح رغم عمقها من منا يستطيع العيش دون كلمة تروي عطش نفسه وتلطف جرح روحه. 


وحينما أختم فاقتبس من كلمة ختام كلمة أخت فالأخت هي البداية والنهاية المقدمة والخاتمة فلن أنسي كلمتان ترددهم كلاهن على حدى.. 


حينما قالت لي شقيقتي الوسطي "كل مرة بحضنك بحس بحضن أمي " 


وكان وقتها كانت روح أمي تلمس جسد إحدانا وكانها تقول إن ذهبت أمي وتركتني في عالم خالي منها فإنه ا تركت لي بضع منها يهون بعض الشئ ويذكرني بأنها لم ترحل كليا ولكن الرحيل كان جزئي...


لكي تذكرني شقيقتي الكبري بنفس المعني حينما كنت اجلس معها في المستشفي بعد خضوعها لعملية لتفتح عينيها مع أذان الفجر وتنظر لي وانا ابكي قائلة:"ربنا يخليكي ليا". 


كلمات بسيطة تهون على القلب قسوة الأحداث وتراكم الأوجاع... اترك الكلمة في نفس من تحب لعلها المنجيه من فساد علاقة فكل منا يبني علاقته على المواقف والكلمات.

 

ولكن تبقي الكلمات لها أثر السحر في جميع العلاقات ولكن حينما نتحدث عن الكلمات في العلاقة مع شريك الحياة والروح فإنه ا تكون مختلفة فالشراكة ليست فقد في الحياة بل في الأبناء والتفاصيل والروح فقد خلقها الله منه وخلق منها أبنائه فتلك العلاقة المقدسة والميثاق الغليظ لا بد أن يتغذى على الكلمة الطيبة والأثر الحسن الطيب.


فلن أنسي كلمة زوجي وشريك الدرب حينما قالي لي " أنتي ست من جيل أمي وأمك" رغم أنها تبدو كلمة عادية ولكنها كانت لدي بقوة تدفعني للأفضل فهو دائما ما يري هذا الجيل بنظرة جيدة وإنه جيل ذهبي.