قاضٍ مصري: جوهر العقيدة الصهيونية منذ 1948 حتى اليوم التهجير القسري للشعب الفلسطيني

حوادث

بوابة الفجر

يثور التساؤل عن أسباب الموقف الثابت لمصر عن رفض التهجير القسرى للفلسطينيين الذى تسعى إليه إسرائيل بتنفيذها استراتيجية الجحيم بقطاع غزة بالقصف والحصار والتجويع لتنفيذ مخطط التهجير القسرى لسكان قطاع غزة إلى سيناء،وهو ما ترفضه مصر بثبات حفاظًا على وطن فلسطين وعدم تصفية القضية الفلسطينية وحفظًا للأمن القومى المصرى، رغم ما تقوم به إسرائيل من فظائع جرائم حرب وضد الإنسانية بالمخالفة الصارخة للقانون الدولى، وفى سبيل معركة الوعى القومى العربى والمصرى أجرى المفكر والمؤرخ القضائى القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة دراسة مهمة بعنوان ( لماذا ترفض مصر التهجير القسرى للفلسطينيين؟ 

ويقول الدكتور محمد خفاجى إن جوهر العقيدة الصهيونية منذ 1948 حتى اليوم هي عقيدة التهجير القسري للشعب الفلسطيني من خلال ترسيخ الهيمنة الإسرائيلية اليهودية، لمحوهم من سياق التاريخ واستبدالهم بمجتمع المستوطنين بالاستيلاء التدريجي على الأراضي الفلسطينية لصالح المجتمعات الإسرائيلية اليهودية. وضمت الحكومة الإسرائيلية أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة فضلا عن إبادتها وتديرها لقطاع غزة، في انتهاك صارخ للقانون الدولى، بل قام الكنيست الإسرائيلى بالموافقة على مشروع قانون لإضفاء الشرعية على نحو 70 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية.

إن حق اللاجئين والمهجرين قسريًا من الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم هو أمر راسخ بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان  وقرارات الأمم المتحدة وأهمها القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة  فى 11 ديسمبر 1948، ورغم مرور قرن إلا ربع من الزمان  فشل المجتمع الدولي، على مدى السنوات الـ 76 عامًا الماضية، في فرض احترام قرار الأمم المتحدة رقم 194 لسنة 1948  بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، واستعادة الممتلكات والتعويض. ومازالت إسرائيل عقديدتها الأساسية التهجير القسرى وهو ما رفضته مصر بشدة فى موقف حازم وثابت لا تبديل فيه ورغم انتهاكات إسرائيل الصارخة للقانون الدولي، وقمعها لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، فقد فشل المشروع الصهيوني الاستعماري على مدار 76 عاما، فلم تنجح إسرائيل في محو الشعب الفلسطيني من سياق التاريخ بل ازداد جيلًا بعد جيل ارتباطًا بأرضه فى الذاكرة الجماعية.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى أن أي محاولات من قبل إسرائيل لترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة وإكراههم على تهجيرهم قسريًا سيشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي وجريمة وحشية، وتحلم إسرائيل بنزوح الفلسطينيين سكان غزة  كلاجئين على غرار الأحداث الكارثية التي وقعت عام 1948، والمعروفة باسم "النكبة". والتى لم تسمح لهم إسرائيل بالعودة مرة أخرى إلى ديارهم جيلًا بعد جيل.

ويشير إن مصر تدرك أن التهجير القسرى للفلسطينيين سيؤدى إلى تصفية القضية الفلسطينية  دون أي ضمانات للعودة مرة أخرى إلى الديار الفلسطينية، وهو ما يشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي، وجريمة ضد الإنسانية، ويجب على المجتمع الدولي الذى يعيش فى لحظات حرجة أن يمنع بشكل قاطع أي تهجير قسري للفلسطينيين، سواء داخل قطاع غزة أو خارجه.

ويؤكد إن التدمير الإسرائيلي واسع النطاق للمنازل والبنية التحتية المدنية، إلى جانب القصف والحصار المستمرين، جعل غزة غير صالحة للعيش بقصد دفع السكان للنزوح القسري المطول عبر الحدود، بلا عودة إلى الوطن، ووفقا للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، يحظر النقل القسري الفردي أو الجماعي، وكذلك نفي الأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، بغض النظر عن دافعهم، كما أنه وفقًا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فإن "ترحيل أو نقل - من جانب دولة الاحتلال - كل أو أجزاء من سكان الأراضي المحتلة داخل هذه الأراضي أو خارجها" يشكل جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية.

إن القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني، وكذلك حظر العدوان، وحظر الإبادة الجماعية، وحظر الجرائم ضد الإنسانية، أضحت مدونات لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة باعتبارها معايير قابلة للتطبيق عالميًا وتسمو  هرميًا فوق القواعد الأخرى للقانون الدولى، لذا أصبح الانتهاك الجسيم والمنهجي لمثل هذا الالتزام يلقى التزامًا على جميع الدول بالتعاون والتضامن في وضع حد للسلوك غير المشروع من خلال التدابير العاجلة التي تهدف إلى حث الدولة المرتكبة للمخالفات على الامتثال لالتزاماتها الدولية.

ويذكر الدكتور محمد خفاجى رفضت مصر التهجير القسرى للفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء مثلما رفضته طوال العقود  التالية لعام 1948 من أجل أن يبقى الوطن لفلسطين ومن أجل إقامة دولة فلسطينية، لأن مصر  تدرك إنه إذا اُجبر الفلسطينيون على التهجير القسرى فلن تسمح لهم إسرائيل أبدًا بالعودة إلى غزة، فالتاريخ يقول أن 70%  من سكان غزة هم أنفسهم لاجئون نزحوا قسرًا من إسرائيل الحالية خلال نكبة عام 1948 ولم تسمح لهم إسرائيل بالعودة إلى ديارهم حتى الاَن بل تسعى إلى طردهم من سائر الأراضى الفلسطينية خاصة قطاع غزة.