"الإدارية العليا" تحظر العمل السياسي في الجامعات وتخصم نصف شهر لأكاديمي إخواني

حوادث

بوابة الفجر


قضت المحكمة الإدارية العليا فحص في حكم مهم برئاسة المستشار صلاح هلال نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي ومحسن منصور نائبي رئيس مجلس الدولة بإجماع الاَراء برفض الطعن المقام من (س.ر.م.ع) المنتمي للجماعة المحظورة وأستاذ الصيانة والحاسب الاَلي بالمعهد الفنى الصحي بجيهان بالمنصورة وتأييد حكم أول درجة بخصم خمسة عشر يوما من راتبه لأنه كتب على السبورة ( نحن شعب وأنتم شعب) بالمداد الأحمر لا يتم مسحه وأجبر الطالبات بالوقوف نصف ساعة لقراءتها ومنعهن من محوها وطردهن من المدرج بعد اعتراضهن على تصرفاته.


وكانت المحكمة التأديبية – محكمة أول درجة – قد أوقعت على الطاعن عقوبة خصم نصف شهر من راتبه بعد أن قدمته النيابة الإدارية للمحاكمة ثم صدر الحكم المطعون فيه، ولم تتمكن المحكمة الإدارية العليا من توقيع عقوبة أشد على الطاعن إعمالا لقاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه، ولأن النيابة الإدارية لم تقم بالطعن على الحكم حتى تستنهض المحكمة العليا ولايتها في تقدير جزاء أشد يتناسب مع جُرمه الوظيفى.


وقالت المحكمة أن المبدأ السائد في القانون الاداري وعلم الإدارة العامة هو مبدأ الحياد الوظيفي أي فصل السياسة عن الإدارة بهدف تحييد الإدارة العامة وتأكيد طابعها التنفيذي وتجريدها من الطابع السياسي، بحسبان أن الوظيفة العامة هى الشريان الحيوي لتحقيق أهداف المجتمع والنهوض بمستواه في كافة ميادين الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والموظفون العموميون يشكلون الطاقة الفعالة والقوة المحركة للإدارة في مباشرة مختلف أنشطتها والقيام بواجباتها تحقيقًا للسياسة العامة للدولة ؛ ومهما بلغت دقة الجهات الإدارية في إجراء سبل تسيير المرفق العام وتنظيمه وتزويده بالإمكانيات المادية اللازمة، فإن نجاحها يظل يقوم على مدى قدرة العاملين بها على أداء رسالتها والنهوض بمسئوليتها، فالموظف العام عقل الدولة المفكر وساعدها المنفذ، لذا وجب إبعاده عن العمل في أتون السياسة والعمل الحزبى تحقيقا لمبدأ تحييد الموظف العام أو ما يعرف بمبدأ الحياد الوظيفي.


وأضافت المحكمة يحكم الوظيفة العامة مبدأ أخر هو مبدأ الولاء الوظيفي لدى الموظف العام وهو الذى يقتضى حظر الاشتغال بالسياسة للموظف العام، لذا يجب التمييز - في نطاق الجهاز الحكومي- ما بين رجال السياسة ورجال الإدارة، فرجال السياسة يؤثرون ويتأثرون بالأحوال السياسية في الدولة، أما رجال الإدارة فهم منقطعون للخدمة العامة كموظفين دائمين، ويجب أن يبتعدوا عن المتغيرات السياسية، مما يضمن لهم الاستقرار الذي يحقق استمرار العمل الإداري العام واستقراره ومن ثم انتظام المرفق العام.


وأشارت المحكمة أن الغاية من حظر ممارسة الموظف العام للأعمال الحزبية تكمن في الحليولة دون هيمنة الأحزاب السياسية على الوظائف الإدارية بتمكين أنصار الحزب من شغل هذه الوظائف لضمان ولاء هؤلاء الأنصار وإخلاصهم لأهداف الحزب، مما يكون له أثره السئ في إفساد الجهاز الإداري فى الدولة، حتى يتمكن الموظف من تنفيذ السياسة التي تضعها الحكومة دون أن يتأثر بولائه السياسي إن كان ينتمي إلى حزب معين، وبهذه المثابة تحتم مبادئ الإصلاح الإداري ألا يُدخل الموظف السياسة ومؤثراتها في عمله وإلا فقد حياده، مما يتوجب علي الموظف الالتزام بالحياد والتجرد في أداء عمله، فالوظيفة العامة مسئولية وأمانة لخدمة المواطن والمجتمع تنتظم مسيرتها القيم الدينية والوطنية والإنسانية وتنتهج إرساء قواعد ومبادئ أخلاقية تحكم آداب الوظيفة العامة وقيم ثقافية ومهنية، لذلك حظر نظام الخدمة المدنية على الموظف العام ممارسة أي عمل حزبي أو سياسي لصالح أحزاب أو جماعات أو نشر الدعاية أو الترويج لها، إذا كان ذلك داخل مكان العمل أو بمناسبة تأديته لينقطع الموظف العام لخدمة إدارته بعيدًا عن أي دوافع أو أطماع يفتحها أمامه انتماؤه الحزبى.


وذكرت المحكمة أنه إذا كان الموظف العام شأنه شأن أي مواطن له حق ممارسة الحقوق والحريات التي كفلتها الدساتير والقوانين، لكن صفته كموظف عام ينتمي إلى الدولة ويمثلها في الوقت نفسه تفرض عليه بعض القيود الخاصة بحظر ممارسة العمل السياسى أو الحزبى في نطاق الوظيفة العامة، فلا يجوز تسييس الوظيفة العامة حتى تتحقق استمرارية المرفق العام، لأن الموظف يقدم خدمة عامة لكافة المواطنين دون تمييز فيما بينهم مما يجعل تكليفه بأداء الخدمات العامة للشعب تؤثر ليس فقط على الحياة الوظيفية، وإنما على كافة مظاهر الحياة للمجتمع، مما يتعين معه إبعاد الموظف العام عن السياسة وعدم زجه في غمارها لكي لا تؤثر على أداء مهامه الوظيفية في أداء الخدمات العامة.


واختتمت المحكمة أن المخالفات المنسوبة إلى الطاعن (س.ر.م.ع) المنتمى للجماعة المحظورة وأستاذ الصيانة والحاسب الاَلى بالمعهد الفنى الصحى بجيهان بالمنصورة لأنه كتب على السبورة ( نحن شعب وأنتم شعب---) وكلام أخر ضد الدولة المصرية بالمداد الأحمر لا يتم مسحه وأجبر الطالبات بالوقوف نصف ساعة لقراءتها ومنعهن من محوها وطردهن من المدرج بعد اعتراضهن على تصرفاته ثابتة في حقه ثبوتا يقينيا ممن سمعت شهادتهن من الطالبات، وهو ما يمثل خروجا من الطاعن عن الإطار المنهجى والتربوى للعملية التعليمية وعن غاياتها بقيامه بممارسة عمل سياسى داخل المعهد بإجبار الطالبات بالاستعداء على الدولة ونظامها ولا ريب أن مثل ما أتاه من سلوك يعد خلقا للأزمات داخل مرفق التعليم وإحداثا للفُرقة الاجتماعية بين الطالبات هادفا تحقيق الخصام وشق صفوف الوطن الواحد في نفوس النشء مما يؤثر سلبا على حاضر الوطن ومستقبله، وهو ما يستوجب عقابه على نحو ما تضمنه الحكم المطعون فيه مما يتعين رفض طعنه.